No Script

شارك في ندوة «أكسفورد» للطاقة في المملكة المتحدة

نواف السعود: العالم يحتاج نفطاً إضافياً يعادل طاقة الكويت الإنتاجية... سنوياً

نواف السعود
نواف السعود
تصغير
تكبير

- «البترول» مستمرة برفع قدرتها الإنتاجية مع الحفاظ على خفض الانبعاثات الكربونية قدر المستطاع
- لا بد لجميع الأطراف التحلي بالمرونة لتحقيق التحول الأمثل للطاقة
- سيظل الاعتماد على النفط بارتفاع إلى أن يصل إلى مستوى الاستقرار
- صعوبة اتخاذ إجراءات سريعة بالاستثمار في تطوير الشبكات والانتقال بالطاقة بسبب شح السيولة عالمياً إثر تداعيات «كورونا»
- لا يمكن أن يكون للنفط في 2040 أو 2050 نفس معدل انبعاثات اليوم
- العالم قد يضع علاوة على برميل النفط ذي الانبعاثات منخفضة الكربون أو يفرض ضريبة للبرميل ذي الانبعاثات العالية
- التزام «البترول» بإجراءات الحد من الانبعاثات في عملياتها يحافظ على مكانتها كمزوّد آمن للطاقة لعقود قادمة
- 5 كجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من برميل النفط الكويتي... الأقل عالمياً
- التحدي أمامنا الاستمرار بالمحافظة على مكانة نفطنا مع مراعاة تكلفة الإنتاج
- عهد النفط السهل قارب النهاية ونعتمد على مختلف تقنيات الاستخلاص المعزّز للنفط لتحفيز المكامن

قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الشيخ نواف سعود الصباح إن صناعة الطاقة تشهد تغيرات مستمرة، لافتاً إلى أنه في تسعينيات القرن الماضي وأوائل القرن الحادي والعشرين كانت كثير من التوقعات تشير إلى أن الطلب على النفط قد بلغ ذروته وأن الأسعار ستظل فوق مستوى 100 دولار للبرميل، في حين أنه تغيرت النظرة خلال الـ10 سنوات الماضية بعد الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط الصخري من الولايات المتحدة، والتي توقع الكثيرون أنها ستستمر لفترة طويلة وستؤدي إلى إغراق السوق وبالتالي هبوط الأسعار، وقد أدى ذلك بالكثير من الشركات النفطية إلى إلغاء أو تأجيل برامج الاستكشاف الخاصة بها.

وفي كلمته خلال مشاركته في ندوة «أكسفورد» للطاقة في المملكة المتحدة تحت عنوان «إستراتيجية الكويت للطاقة» والتي حصلت «الراي» على نسخة منها، تحدث السعود عن الدور الرئيسي للصناعة النفطية في التوجه العالمي لتحول الطاقة، وكيف لقطاع النفط والغاز في الكويت أن يساهم في إدارة تحول الطاقة، مبيناً أنه ما قبل عام 2014 كان معدل الكميات المضافة من برامج الاستكشاف سنوياً تقارب 10 مليارات برميل، ولكن بعد هبوط الأسعار في عام 2014 وخفض الإنفاق على برامج الاستكشاف انخفضت كميات الاستكشاف المضافة إلى أقل من النصف.

وأضاف «كما يدرك الجميع بأن الفترة التي يستغرقها برميل النفط المستكشف لتطويره ليكون قابلاً للإنتاج تصل إلى 7 سنوات، لذا فانخفاض معدل الكميات المستكشفة منذ 2015 سيكون أثرها على الطاقة الإنتاجية بعد 7 سنوات، وهو ما نراه الآن في 2022 المتمثل في شح العرض وأثره على الاقتصاد العالمي».

واعتبر السعود أن كل تلك التغيرات والتقلبات تحدث بالتزامن مع التوجه العام لتحول الطاقة، منوهاً إلى أن الكثيرين قد يرون أن موضوع تحول الطاقة يعني استبدال الطاقة، وهو ما يعتقده بعض صناع القرار للتخلص السريع من استخدام الوقود الأحفوري واستبداله بطريقة سحرية بالطاقة المتجددة مع استكمال إنشاء شبكة توزيع معقدة لها في وقت قصير من خلال وضع تشريعات وسياسات خاصة بذلك، علماً بأن اتفاق باريس للمناخ التي تعد الكويت طرفاً فيه، يهدف بشكل رئيسي إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية.

وتابع «من باب الإنصاف والنظر للموضوع بشمولية، علينا التطرق إلى جميع مصادر الانبعاثات. فخلال العقد الماضي، نرى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الفحم كانت أكبر بنسبة 20 في المئة من تلك الناتجة عن النفط، علماً بأن الفحم يعتبر وقود رديء مقارنة بالنفط، إلا أنه كان يلاقي استحساناً لدى الكثير، كما أن استبدال استخدام الفحم بالغاز من شأنه أن يقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي».

وضرب السعود مثالاً بما نراه في بعض الدول التي التزمت ببرنامج للخفض التدريجي لمحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، حيث أدى ذلك إلى انخفاض انبعاثات الكربون لديها إلى مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مشيراً إلى أنه في ظل ارتفاع أسعار الغاز، عادت بعض الدول إلى استخدام الفحم في محطات الكهرباء، وأصبحت الدول المتقدمة التي دأبت على دفع الدول النامية للالتزام بالشروط المناخية على حساب مشاريعها الحيوية وتطورها تعطي لنفسها الأولوية الآن لتجاوز حدود الانبعاثات التي التزمت بها، ولو كان ذلك بشكل موقت.

التحلي بالمرونة

وأكد السعود أنه لا بد لجميع الأطراف التحلي بالمرونة لتحقيق التحول الأمثل للطاقة، معتبراً أن السبب في التأكيد على أن أصل الموضوع هو تحول الطاقة وليس استبدال الطاقة هو أن العالم بحاجة إلى توافر جميع أنواع الوقود لاستمرارية الحياة، إذ من المتوقع أن يصل نمو الطلب على الطاقة بحلول عام 2050 إلى ما يقارب 47 في المئة، وحتى لو أخذنا بفرضية انخفاض حصة النفط من مزيج الطاقة، سيظل الاعتماد على النفط بارتفاع إلى أن يصل إلى مستوى الاستقرار.

ورأى السعود أن الطلب على النفط عاد بالفعل إلى مستويات ما قبل الجائحة، غير أنه من المتوقع أن يشهد نمو الطلب تراجعاً مع احتمالية تباطؤ الاقتصاد العالمي، «غير أننا لا نزال نرى أن الطلب سيستمر عند مستوى 100 مليون برميل يوميًا خلال السنوات المقبلة».

تطوير المكامن

وقال «عندما ننظر إلى معدل الانخفاض السنوي الحالي للطاقة الإنتاجية الذي يصل الى 3 مليون برميل باليوم، فإن العالم بحاجة إلى إضافة ما يقارب الطاقة الإنتاجية لدولة الكويت كل سنة، وهذا يتطلب من شركات النفط الوطنية والعالمية العمل لإيجاد جميع أنواع التقنيات الكفيلة بتطوير المكامن وإنتاج النفط بطريقة آمنة وموثوقة»، موضحاً أنه على مستوى مؤسسة البترول، فإنه مع الاستمرار في تحول الطاقة والطلب الثابت للنفط على المدى المتوسط تستمر المؤسسة في رفع قدرتها الإنتاجية لتلبية الطلب العالمي على النفط والمنتجات البترولية مع الحفاظ على خفض الانبعاثات الكربونية قدر المستطاع.

وأفاد السعود بأن برنامج تحول الطاقة سيستغرق وقتًا طويلاً ويتطلب اجراء تغييرات جذرية، منها على سبيل المثال تحديث شبكات الكهرباء لتكون متوافقة مع شروط إزالة الكربون في عام 2040 قد تصل تكلفتها تريليونات الدولارات، إضافة الى استمرار استخدام العالم للسيارات التقليدية التي تتجاوز بكثير مبيعات السيارات الكهربائية، ومع شح السيولة في العالم أجمع إثر تداعيات الجائحة نرى صعوبة اتخاذ إجراءات سريعة بهذا الحجم من الاستثمار لتطوير الشبكات والانتقال بالطاقة، لذا نتوقع أنه في أي مرحلة انتقالية، سيظل النفط مكونًا أساسيًا في مزيج الطاقة.

واعتبر السعود أن السؤال هنا: ما هو مصدر هذا النفط؟ معتبراً أنه لا يمكن أن يكون للنفط في 2040 أو 2050 معدل الانبعاثات حالياً، ذلك لأن العالم قد يضع علاوة على برميل النفط ذي الانبعاثات منخفضة الكربون أو فرض ضريبة لبرميل النفط ذي الانبعاثات العالية، لذلك فمن خلال التزام مؤسسة البترول بإجراءاتها الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من عملياتها يمكننا المحافظة على مكانتنا كمزود آمن ومعتمد للطاقة لعقود قادمة.

انبعاثات منخفضة

وعبر السعود عن فخره بأن النفط الكويتي يعتبر من النفوط ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة، حيث تشير التقديرات إلى أن معدل ثاني أكسيد الكربون المنبعث من إنتاج برميل النفط الكويتي يقارب 5 كجم من ثاني أكسيد الكربون لكل برميل وهو أقل معدل بالعالم إذا ما قورن بمعدل الانبعاثات من شركات النفط العالمية التي قد تصل إلى 20 كجم لكل برميل، وبالتالي فإن التحدي الآن هو في أن نستمر بالمحافظة على مكانة نفطنا كأقل مصدر للانبعاثات الكربونية مع مراعاة تكلفة الإنتاج.

وقال السعود إن الله قد منّ علينا بموارد هيدروكربونية هائلة وطبيعة جيولوجية مناسبة لتطوير النفط وإنتاجه، حتى أن تضاريس دولة الكويت سهّلت من حركة تدفق النفط من الآبار إلى مراكز التجميع وصولاً إلى مرافق التصدير، ولكن كحال جميع المنتجين الرئيسيين في العالم، وبعد ما يقارب ثمانية عقود من إنتاج النفط، بدأت تظهر على بعض حقولنا ما يطلق عليه ظاهرة شيخوخة المكامن.

وأكد السعود أن ما كان يطلق عليه «عهد النفط السهل» قد قارب النهاية، وأصبحنا نعتمد على مختلف تقنيات الاستخلاص المعزّز للنفط لتحفيز المكامن وزيادة تدفق النفط إلى السطح، وهذه التقنيات ذات استهلاك كثيف للطاقة تؤدي إلى زيادة الانبعاثات الكربونية وتكلفة الإنتاج.

هكذا نحافظ على مكانة الكويت كشريك معتمد وآمن للطاقة عالمياً

أفاد الصباح بأنه لكي نحافظ على مكانة الكويت كشريك معتمد وآمن للطاقة، يتحتّم علينا التحكم في تكاليف عملياتنا والعمل على خفض استهلاكنا للطاقة والانبعاثات الناتجة منها، مؤكداً سعي مؤسسة البترول للقيام بذلك بأساليب عديدة، منها:

أولاً: السعي لإيجاد وتطوير مصادر جديدة نظيفة للطاقة لتزويد عمليات الإنتاج بالطاقة الكهربائية وتقليل أي تأثير سلبي لها على البيئة، حيث تم إطلاق مشروع سدرة-500 لبناء محطة تنتج ما يقارب من 10 ميغاوات من الطاقة الشمسية في حقل أم قدير في منطقة غرب الكويت لتشغيل 29 مضخة كهربائية غاطسة، وهو ما سينتج عنه توفير ما يقارب 600 ألف برميل على مدى 20 عاماً.

وقد أُطلق على المشروع اسم «سدرة-500» لأن كمية الكهرباء المقدرة لتشغيل تلك المضخات لو تم إنتاجها عن طريق حرق النفط التقليدية فإنها ستحتاج إلى 500 ألف شجرة سدرة لامتصاص انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من حرق النفط.

ثانياً: السعي لخفض محتوى الغازات الدفيئة في المنتجات، ففي بداية هذا العام، تم التشغيل الكامل لمشروع الوقود البيئي بنجاح، حيث تم تطوير مصفاتي ميناء الأحمدي وميناء عبدالله لإنتاج وقود منخفض الكبريت يتناسب مع المعايير العالمية مثل «Euro-5» ويقلل من انبعاثات الكربون ويلبي احتياجات العملاء.

وبالفعل قبل أسبوعين فقط، وصلت أول شحنة من الديزل منخفض الكبريت إلى محطاتنا في نابولي على متن ناقلة نفط كويتية، حيث يتم الآن بيع هذا النوع من الديزل في محطات تزويد الوقود «Q8» في إيطاليا.

ثالثاً: الأكثر نجاحاً ربما هو المشروع التجريبي لحقن غاز ثاني أكسيد الكربون في المكامن بغرض رفع الطاقة الإنتاجية وتحسين أداء المكامن، حيث يتحقق من هذا المشروع أمران مهمان، أولها خفض انبعاثات الكربون الناتجة من العمليات التشغيلية وبالتالي حقنها في باطن الأرض، والثاني تحرير كميات كبيرة من الغاز الطبيعي التي كان يمكن استخدامها للغرض نفسه واستثمار هذه الكميات في مشاريع البتروكيماويات أو توليد الطاقة، ما يقلل من حاجة الكويت لاستيراد الغاز الطبيعي المسال باهظ الثمن.

والجدير بالذكر أن النتائج الأولية للمشروع التجريبي تعتبر مبشّرة وتؤكد جدوى تطبيق حقن الغاز بالمكمن وتحسن الطاقة الإنتاجية، وبالنظر إلى الزيادة المتوقعة لتكلفة تحديث واستبدال بعض مرافق الإنتاج للتعامل مع غاز ثاني أكسيد الكربون الإضافي الذي سيتم إنتاجه مع النفط، عبر السعود عن ثقته بأنه «من خلال شراكاتنا مع الشركات المتخصصة في هذا المجال، يمكننا إيجاد الحلول والتقنيات المتطورة لخفض التكاليف وتطبيق التجربة بشكل واسع».

وقال «صناعتنا النفطية هي ذات طبيعة تتطلب استثمارات رأسمالية عالية ومستمرة، وإذا استمر نجاح جهودنا، فيمكننا الجزم بأن آخر برميل من النفط المنتج على الأرض سيأتي من منطقتنا. وكما قال الفيزيائي الراحل وخريج جامعة أكسفورد ستيفن هوكينغ: (الذكاء هو القدرة على التكيف مع التغيير)، ونحن في مؤسسة البترول، شغوفون للتكيف مع المتغيرات المصاحبة لتحول الطاقة لضمان أن نظل شريكاً آمناً وموثوقاً للطاقة مع عملائنا في جميع أنحاء العالم، ونحن ملتزمون بإجراء التغيير والاستثمار اللازمين لتعظيم قيمة الموارد الهيدروكربونية التي أنعم الله بها علينا لما فيه مصلحة وازدهار وطننا».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي