إطلالة

جفاف أوروبا... ناقوس خطر!

تصغير
تكبير

إنّ موجة الجفاف الشديدة التي واجهتها القارة الأوروبية فاجأت العالم بأسره، فلم يحدث مثل هذا الجفاف منذ حقبة من الزمن، حيث شهدت جميع أنحاء دول أوروبا أسابيع من الانخفاض في مياه الأنهار والبحيرات وصلت إلى مستويات قياسية وذلك بسبب التغيرات المناخية التي حدثت في هذا العام بالذات، وتصاعد آثار التغيرات المناخية ربما يمتد الى عقود من الزمن بين دول العالم، الأمر الذي أصاب المجتمع الدولي في قلق دائم وحذر شديد، فهناك كما شاهدنا تلك الحرائق والفيضانات والسيول التي التهمت دولاً وأخرى عانت من الجفاف الحاد والحرارة العالية وسط إنذارات مستمرة وتخوف من الحرائق المشتعلة في الغابات.

فهناك تقارير متعدّدة تفيد بأن تلك المتغيرات المناخية قد يكون سببها عبث الإنسان مع تصرفاته الغريبة، ناهيك عن درجات الحرارة القصوى التي اجتاحت معظم الدول ونالت القارة الأوروبية النصيب الأكبر منها، فالحرارة الشديدة وانتشار الحرائق والفيضانات في الوقت نفسه أدت إلى تشتيت العشرات من الأشخاص إلى مناطق أكثر أمناً واستقراراً، وفي مشاهد أخرى شاهدنا دولاً شهدت هطول أمطار شديدة وصلت إلى 30 سنتم، وكذلك فيضانات في مياه الأنهار أدت إلى سقوط الأشجار والتي تسبّب وقوعها في إغلاق بعض الطرق الرئيسية.

واللافت للانظار هنا أن ربوع بريطانيا التي تميّزت بجوها الجميل مع الأراضي الريفية قد تم عزلها من الناس لحماية البيئة الريفية من الأضرار المناخية حتى ترعى فيها الماشية في ظل استمرار الجفاف والحرارة معاً وسط النقص الحاد في الأعلاف الحيوانية والمحاصيل الزراعية، فاليوم تسعى صناعة الأعلاف لإيجاد مصادر لعلف الحيوانات الموجودة بعدما شهدت بريطانيا أكبر مستوى للجفاف، وارتفعت الحرارة فيها إلى 40 درجة مئوية، فيما لم تشهدها منذ 87 عاماً وهنا الكارثة!

ولقد لجأت مزارع الماشية إلى استخدام العلف الاحتياطي المخصّص أصلاً لفصل الشتاء، فمن يصدق مثلاً أن حدائق بريطانيا مثل «الهايد بارك» تتحول إلى أرض فضاء خالية من الزراعة، وهي واحدة من أكثر الحدائق الموجودة في مدينة لندن.

إنّ موجة جفاف أوروبا لم تقلص مستوى المياه فقط وإنما أدت إلى ظهور صخور تاريخية عميقة، فعلماء الآثار سعداء جداً بهذه الظواهر البيئية لظهور كنوز الطبيعة المغمورة بالمياه رغم حالات الجفاف والحر الشديد وتقلص المياه وهذه الصخور المنحوتة منذ قرون ظهرت لتحذر الأجيال القادمة من الأوقات الصعبة المقبلة حيث يعود تاريخها إلى قرون من الزمن والمعروفة باسم أحجار الجوع، وهي تقع على ضفاف نهر البه الذي يبدأ في جمهورية التشيك ويتدفق عبر ألمانيا ويعود تاريخها الى عام 1616، وقد قال باحثون إن هذه النقوش الصخرية تعود إلى سنوات المشقة وهي بالتأكيد تحذّر من عواقب وخيمة من عصر الجفاف، والذي بدوره ينعكس على ضعف المحاصيل ونقص الغذاء وارتفاع الأسعار والجوع للفقراء، وكأن التاريخ يعيد نفسه مع مرور الزمن!

والظاهرة الأخرى مشاهدة انخفاض منسوب مياه نهر الدانوب وهو أحد الأنهار العظيمة في أوروبا وظهور مجموعة سفن حربية فيه ألمانية الصنع قد غرقت اثناء الحرب العالمية الثانية!

إذاً مع المتغيرات المناخية رأينا العجائب من الكنوز الأثرية التي تنذر بقدوم الجوع والكوارث الطبيعية، فهناك موجات من الجفاف ستضرب القارة الأوروبية مستقبلاً حتى تحوّلها إلى قارة جافة، والعلاج مع هذه الظاهرة بأن يتأقلم الناس في هذه القارة الكبيرة مع الوضع الجديد لدرجات الحرارة المرتفعة.

يقول خبراء عالم البيئة إن هناك دورة للمناخ تتكرّر كل آلاف عدة من السنوات حيث يزحف هذا المناخ الأخضر باتجاه النصف الجنوبي للكرة الأرضية باستمرار ويدور حول الأرض حتى يصل إلى منطقة الربع الخالي والجزيرة العربية، وربما تتحوّل منطقة الجزيرة العربية إلى جنات ومُروج وأنهار، وهذا ما نراه اليوم من بعض المتغيرات المناخية على أرض الواقع...

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي