تربويون شخّصوا الخلل وطالبوا رئيس الوزراء المقبل بضرورة وضع التعليم نصب عينيه
المنظومة التعليمية... بحاجة لـ «نفضة» شاملة
بعد هدوء عاصفة النجاح لاختبارات نهاية العام الدراسي 2021 - 2022، وانحسار جائحة «كورونا» بتداعياتها المتشعبة التي أرهقت المنظومة التعليمية وصدعتها، وضع تربويون القضية التعليمية على سلم الأولويات التي تحتاج إلى معالجة جذرية ونفضة شاملة، مناشدين رئيس الوزراء المقبل أن يضع التعليم نصب عينيه لأنه بوابة بناء الإنسان وسبب كل تقدم.
وشخص التربويون في تصريحات لـ «الراي» خلل المنظومة التعليمية في أن أساسها ضعيف ولا حل في تطويرها إلا بالعودة إلى النظام القديم قبل 15 عاماً مع إلغاء السلم التعليمي الحالي، والعودة إلى السلم القديم 4 - 4 - 4 وإلغاء نظام الترفيع التلقائي في المرحلة الابتدائية.
وأكدوا أن نتاج النجاح المزيف، الفساد والعنصرية والجهل، وأن هناك من سيقاوم الإصلاح ويحارب التحول للتعليم الإنتاجي لتكاسله ولفساده، لافتين إلى أن الحل بإلغاء القرارات السياسية التي تتدخل في العملية التعليمية، وطالبوا بوضع قانون خاص بالمؤسسات التعليمية لوضعها في سياقها الفني والأكاديمي المفترض، منادين بتغيير جوهري في التعليم خلال عقدين كحد أقصى.
فيصل العتيبي: هناك من يحارب التحول للتعليم الإنتاجي
ناشد فيصل العتيبي (مدير ثانوية سابق) رئيس مجلس الوزراء المقبل التدخل لحماية المنظومة التعليمية وتطويرها، والآن تلوح أمامنا بوادر الإصلاح، نرى فرضاً ولزاماً علينا أن ننصح ونساند.
وأضاف العتيبي في حديثه إلى الرئيس المقبل «لا يخفى عليك أنّ تسكين الألم يحتاجه المريض موقتاً، لكن معالجة الطبيب لمصدر الألم ذاته هو الحل والهدف والغاية، ولا يغيب عنك كذلك أن ثروتنا النفطية هي المصدر الوحيد وهي قابلة للنضوب في لحظة ما، وتتحكم بإنتاجها ظروف عديدة ومتغيرة، فنأمل أن تجعل بناء الإنسان هدفك المقبل، وأن تعيد تأهيل الكويت وطناً ومواطنين، وأن يكون الهدف تأمين مستقبل أجيالها وحسن إدارة مواردها، وبوابة بناء الإنسان هو التعليم، فنرجو أن تضع التعليم نصب عينيك لأنّه سبب كل تقدم كما هو التخلف سبب كل بلاء، وهنا أعني التعليم الحقيقي ولا أعني التعليم الحالي الصوري».
ووصف العتيبي النجاح بالدرجات النهائية بأنه أشد خطراً لأنه يعكس تصوراً يخالف الواقع ولا يلبي احتياجات الدولة على الرغم من الميزانيات الضخمة التي ترصد من أجل التعليم.
وأوضح «أن نتائج المستقبل تعتمد على تخطيط وتنفيذ الحاضر، وإيجاد التعليم الحقيقي الواضح الأهداف هو الذي يؤمن للأمة التخصصات كافة التي تحتاجها، فالتعليم المبني على خطة بناء أمة يُؤّمن مستقبلها ويحميها من الفقر والعوز والتشرد، تعليم يستثمر العناصر البشرية ويخلق أيدي عاملة منتجة في كافة التخصصات خلال العقدين المقبلين، تعليم يخدم مستقبلنا ويستثمر مواردنا ويغطي حاجاتنا».
وأضاف: «لأبناء وطني العزيز أقدم نصيحتي الذهبية، وأقول لهم علينا أن نستعد من الآن لنكون أيدٍ عاملة ومنتجة في بلدنا، وهذا يجنبنا مستقبلاً بأن نصبح أيدٍ عاملة في بلدان أخرى والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها عودة العمالة الماليزية من الخارج عندما قاد مهاتير محمد ثورة التعليم في ماليزيا في ستينيات القرن الماضي... ولذلك فلابد من فرض العمل الفني في بداية الأمر بالتدريب والتهذيب واعلموا أن طريقنا ليس مفروشاً بالورد، فهناك من سيقاوم الإصلاح ويحارب التحول للتعليم الإنتاجي لفساده أو تكاسله، وعندما نقرأ في سير المصلحين أمثال مهاتير محمد وغيره نجد أنهم قد واجهوا رعاة الفساد بكل قوة واستعانوا على ذلك بالكفاءات الصالحة لتنفيذ خططهم الطموحة في سبيل تأمين أجيالهم وإنقاذ وطنهم من الضياع».
خالد المهندي: المنظومة... متهالكة
وصف الاستشاري النفسي والباحث التربوي السابق في قطاع البحوث التربوية والمناهج الدكتور خالد المهندي منظومة التعليم بالمتهالكة التي مرت بضربات أضعفتها من خلال إصدار قرارات سياسية ليست تربوية، ولم تتخذ بناء على دراسات علمية وهي قرار النجاح التلقائي في المرحلة الابتدائية الذي لعب دوراً كبيراً في إضعاف الطلبة في الرياضيات واللغة العربية، وهما مواد تتبعية أولها يعتمد على آخرها، فإذا كان الطالب ضعيفاً في أساسهما فسوف ينتقل معه الضعف إلى المرحلة المتوسطة وهذا ما حدث بسبب شعار الوزارة الذي رفعته قبل 15 عاماً وهو المرحلة الابتدائية بلا رسوب.
وشدد المهندي على «أن أولى خطوات الإصلاح تنطلق من تعديل السلم التعليمي الحالي والعودة إلى السلم القديم ( 4 سنوات ابتدائي - 4 متوسط - 4 ثانوي)، إضافة إلى ضرورة إلغاء قرار تأنيث الهيئة التعليمية في المرحلة الابتدائية، لأن القرار أثر على التحصيل الدراسي للطالب بسبب عدم قدرة المعلمات على ضبط الفصل»، متابعا «وليتداركوا خلل القرار أضافوا التعليم المبكر في رياض الأطفال، وهذه حلول ترقيعية». وأضاف المهندي «15 عاماً قضيتها في قطاع البحوث التربوية والمناهج، وللأسف المناهج ضعيفة جداً وغير واضحة المعالم، مع غياب دورات تدريب وتطوير المعلمين، فيما لا يزال الموجهون على وضعهم القديم»، داعياً إلى ضرورة إلغاء جميع القرارات الخاطئة التي صدرت سابقاً وعدم معالجة الخطأ بالخطأ.
محمد الشريكة: مطلوب تغيير جوهري
تمنى الخبير التربوي الدكتور محمد الشريكة أن يعطى التعليم أولوية وطنية، لأنه المدخل الحقيقي لأي نهوض تنموي وطني، مؤكداً أنه بلا تعليم جيد لا استدامة اقتصادية جيدة، راجياً أن يولى التعليم والتخطيط الاستراتيجي اهتمام الحكومة، فالتعليم بلا تخطيط استراتيجي منطقي لن يؤدي الدور التنموي المأمول.
وأوضح الشريكة أن جميع دول العالم تعاني من عدم تلبية التطلعات التعليمية، ومرد هذا إلى أن التعليم يتسم بالرتابة وبطء التفاعل مع المتغيرات المتسارعة، ومن المهم أن تتم إعادة التفكير بالمنظومة التعليمية محلياً بحيث تكون احدى موارد التنمية الاقتصادية، منادياً بإعادة تصور شكل التعليم وتهيئة الأجواء لتغيير جوهري في مختلف طرق وأساليب التدريس، يطرأ على شكل التعليم خلال عقدين من الآن كحد أقصى.
ورأى أن تتبنى الحكومة الجديدة فكرة تطوير قانون خاص بالمؤسسات التعليمية تضعها في سياقها الفني والأكاديمي المفترض، فمثل هذه الإجراءات والخطوات التطويرية أمور حيوية تحتاجها الكويت لتحقيق تقدم حقيقي في مجال التنمية البشرية.
محمد الرشيدي: تفعيل دور المختبرات اللغوية
أكد مراقب التربية الخاصة لطلبة صعوبات التعلم السابق في وزارة التربية الدكتور محمد الرشيدي أن الوزارة لم تحقق للأسف أياً من الأهداف العامة أو الخاصة لأي مرحلة من مراحل التعليم الثلاثة، مبينة أن طلبة المرحلة الابتدائية ينتقلون إلى المتوسطة وهم لا يجيدون اللغة العربية كتابة أو قراءة، ولا اللغة الانكليزية أو الرياضيات.
ونادى الرشيدي بضرورة تفعيل دور المختبرات اللغوية في المدارس والمكتبات العامة مع الحرص على تخريج الطالب المثقف الملم بكل شيء.
نورة المليفي: الدرجات النهائية انهيار لجودة التعليم
شددت أستاذة اللغة العربية في جامعة الكويت الدكتورة نورة المليفي على ضرورة أن يخضع تقييم الطالب لاعتبارات أخرى وليس بناء على الاختبارات التحريرية فقط، قائلة «حتى النجاح صار بالواسطة والدرجات النهائية انهيار لجودة التعليم في الكويت».
وأضافت المليفي: «يجب أن تتعامل المدارس مع طلبتها بسواسية بعيداً عن أسرهم ومراكزها الوظيفية والاجتماعية وإلغاء أسلوب الحفظ والتلقين، في ظل وجود السماعات وأجهزة الغش الإلكترونية»، موضحة أن «الغش أصبح ثقافة لدى البعض حيث يأخذ الأب أو الأم الابن إلى محال السماعات أو إلى العيادات الطبية لزرع سماعة صغيرة خلال فترة الاختبارات، وهذا تشجيع على الغش وممارسته عند كثير من الناس».
10 حلول
1 - ضرورة العودة إلى النظام القديم قبل 15 عاماً مع إلغاء السلم التعليمي الحالي.
2 - وضع قانون خاص بالمؤسسات التعليمية.
3 - إلغاء القرارات السياسية التي تتدخل في العملية التعليمية.
4 - أهمية أن يكون الاعتماد في تلقي المعلومة على الطالب بشكل أكثر من الاعتماد على المعلم في المرحلة المتوسطة.
5 - ضرورة تفعيل دور المختبرات اللغوية في المدارس والمكتبات العامة.
6 - إلغاء أساليب التعليم التقليدية ومنها أسلوب الحفظ والتلقين.
7 - الاتجاه إلى طرق التعليم الحديثة وتعزيز التعليم الإنتاجي.
8 - تطبيق نظام التعليم الإلكتروني بشكل شامل.
9 - تطوير المناهج والعمل على إعادة تأهيل المعلمين.
10 - تطوير طرق وأساليب التعليم القديمة.
3 قرارات يجب إلغاؤها
ذكر الباحث التربوي الدكتور خالد المهندي ثلاثة قرارات تعليمية يجب إلغاؤها لأجل تحقيق إصلاح وتطوير التعليم، وهي:
1 - السلم التعليمي: يجب أن يعود إلى النظام القديم (4 - 4 - 4)، فمعظم المشكلات التعليمية (صعوبات التعلم -المناهج - النمو النفسي والانفعالي والعقلية والمشكلات السلوكية) لا تتناسب مع هذه التقسيمة، ما أدى إلى حالات ضعف انتقلت إلى المرحلة المتوسطة ويشعر بها المعلمون والمعلمات.
2 - تأنيث الهيئة التعليمية بالمرحلة الابتدائية: لأن المعلمة لا تستطيع السيطرة على الطلبة الذكور من أجل تعليمهم، وهذه المشكلة يعاني منها كثير من المعلمات حيث وصل الأمر بهن إلى التهرب من مدارس الذكور، إما بالنقل وإما الواسطة.
3 - الترفيع التلقائي: هو مرحلة ابتدائية بلا رسوب.