آخر الأسبوع

تصغير
تكبير

• ربيع 1988 دولة الكويت «الجيون» معسكر سلاح الهندسة استراحة الضباط، يدخل عسكري من مكتب قائد قوة سلاح الهندسة ويطلبني وكنت يومها ضابطاً مجنداً حديث التخرج من الكلية الدفعة 17 للضباط المجندين. وكوني من المتفوقين في هذه الدورة، تم إرسالي إلى سلاح الهندسة ولم يمضِ على مباشرتي للعمل أكثر من عشرة أيام حين استدعاني قائد سلاح الهندسة لمكتبه.

أثناء سيري إلى مكتبه كنت أتساءل ماذا حصل خلال هذه الأيام القليلة التي قضيتها معهم، لماذا الاستدعاء؟ وفعلاً عند وصولي إلى المكتب تم إدخالي مباشرة، دخلت أديت التحية العسكرية ووقفت باستعداد منتظراً التعليمات.

قائد السلاح وبصوت فيه نوع من العتب: ليش ملازم يوسف احنا مختارينك اختيار انت الثالث على دفعتك نبيك معانا، ليش شنو صار طالب نقلك؟

أنا وبكل عفوية: كلامك موجه لي سيدي؟ أنا لم أطلب شيئاً نهائياً!

قائد سلاح الهندسة: هل يعني ذلك أنك ما تعرف عن نقلك؟

أنا: لا سيدي...

قائد سلاح الهندسة: أنت منقول لمكتب سيدي وزير الدفاع اعتباراً من اليوم. استلم الأمر حالاً ونفذ.

أديت التحية له واستلمت الأمر والتحقت مباشرة بمكتب وزير الدفاع ذلك الوقت سيدي سمو الوالد القائد الشيخ نواف الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه.

وكلفت أنا وزميل لي في الدورة يومها الملازم مجند سعادة السفير ناصر المزيني بإنشاء مكتب إعلامي خاص بمكتب معالي وزير الدفاع، وفعلاً خلال أيام معدودة تم إنشاء وحدة خاصة بالمكتب لشؤون إعلام وزير الدفاع.

تمر الأيام، والعمل الذي نقوم به يلاقي ارتياحاً من إدارة المكتب وأيضاً مسؤولي الوزارة. في أحد الأيام تم استدعائي إلى مكتب السكرتير الخاص لمعالي وزير الدفاع، وهو مدني من عائلة كريمة في الكويت ليس له شأن بالأمور العسكرية، بل هو خاص بالأمور الخاصة لوزير الدفاع.

عندما حضرت إلى مكتبه لم أجده، بل وجدت المسؤول عن مكتب وزير الدفاع وأبلغني أن السكرتير الخاص تعرّض لعارض صحي ولن يحضر اليوم وأنت مطلوب منك القيام مكانه.

وفعلاً تم ذلك. لم أكن أعرف ما هي واجبات هذا المركز وما هي أعماله المكلف بها. بعد قليل، يتصل بي السكرتير الخاص ليبلغني «عند وصول الشيخ سلمه القائمة أهم شيء وبيسأل عنها انت على طول قدمها له. تلاقيها في الدرج الأول بظرف مسكر».

فعلاً وجدتها وانتظرت وصول سيدي وزير الدفاع، ما أن وصل حتى تم استدعائي... ملازم يوسف الوزير يطلبك.

دخلت المكتب وهو جالس لابس النظارة، أديت التحية تقدمت وأنا ممسك الظرف، رفع يديه يطلب الظرف... سلمته الظرف.

فتح الظرف وقرأه ثم رفع نظره وقال لي: هذه الأسماء فقط أكيد ملازم...

أنا: نعم طال عمرك.

طيب لا تتأخرون عليهم. وسلّمني الورقة وبها أسماء وأمام كل اسم مبلغ من المال.

أديت التحية له للخروج... ابتسم وخرجت.

تبيّن لي بعد ذلك أنها قائمة للمساعدات الإنسانية لأسر كويتية لا أعرف إن كانت أسبوعية أو غير ذلك، هذه القائمة لا يعرف عنها أحد سوى السكرتير الخاص، لذلك لم يُكلف أحدٌ من موظفي وزارة الدفاع، بل ضابط مجنّد يعلم أنه لن يستمر في العمل بهذا المكان فلن ينكشف سر هذه القائمة.

صدق مَن قال عنك أمير العطاء، فلا تعلمُ يدك اليسرى ما تعطي يدك اليمنى.

• أجريت أول لقاء صحافي مع سمو الأمير،حفظه الله، حين تولى منصب ولاية العهد وكان اللقاء جميلاً بكل ما فيه صحافياً وإنسانياً، وتحدثنا عن أيام وزارة الدفاع وبعض المواقف التي حدثت لي فيها مع سموه، حفظه الله. وأبلغت سموه بأنني انتقلت من وزارة الإعلام إلى القطاع الخاص ولكنني استمررت في طبيعة العمل الإعلامي نفسه.

قال لي يومها: عملكم شاق ما فيه راحة ولا إجازات...

قلت لسموه: سموك متى آخر مرة خرجت في إجازة؟

ابتسم وقال لي: ذكرتني في المرحوم الشيخ سعد كان لما يستعرض أسماء الوزراء الراغبين في الإجازة الصيفية، كان يقول: أكيد اسم أبو فيصل ما هو معاهم أكثر موظف في الدولة له رصيد إجازات. (بوفيصل كنية سموه، حفظه الله).

صدقَ مَن سمّاك أمير العطاء... أعطيت بلدك وشعبك عمرك وصحتك وجهدك، خدمتهم بكل صدق وأمانة فكنت أميراً في عطائك لبلدك وشعبك.

اللهمّ إني أسألك من عظيم لطفك وكرمك وسترك الجميل أن تشفيه وتمده بالصحة والعافية.

اللهمّ اذهب البأس عنه واشفه أنت الشافي.

اللهمّ احفظ أميرنا وبارك لنا في ولي عهده الأمين حامل راية التغيير.

وعلى الخير نلتقي...

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي