No Script

جودة الحياة

التربية بالحب

تصغير
تكبير

الحب قيمة إنسانية رفيعة يتسع مداه ليشمل ليس فقط العلاقة بين المرأة والرجل حصراً كما يتبادر لأذهاننا للوهلة الأولى، وإنما يمتد إلى كل رابطة إنسانية بين البشر كالصداقة والأخوة والقرابة، وتذهب العلاقات الإنسانية مذاهب شتى في تقدير قيم الحب كالإخلاص والتفاني والإيثار... إلخ.

وطالما أن حديثي عن الحب كأحد القيم الإنسانية التي تحظى بالاهتمام والقبول لدى البشر كافة على اختلاف مجتمعاتهم وثقافاتهم ومعتقداتهم، فأنني سأتناول المعنى والقيمة الإنسانية لتلك المشاعر النبيلة من زاوية كونها علاجاً وبلسماً ودواءً نفسياً وجسدياً به يُشفى الجسد والروح من الأسقام والعِلل التي تعصفُ به على مر الأيام.

تبقى أهمية مشاعر الحب الجيّاشة والصادقة كعلاج لشتى أنواع الأمراض العضوية والنفسية كالقلق والاكتئاب وغيرها، وخير دليل حالة الارتياح والتعافي التي يحسها المريض بمجرد رؤية أهله وأحبابه على مقربة منه، يشعر باحتوائهم ومساندتهم يتحدثون إليه، ويداعبونه بكلمات تحمل الأمل والبشارة.

الأمثلة كثيرة من واقع حياتنا اليومية على أهمية الحب كمشاعر راقية وإنسانية في المقام الأول في تعزيز الصحة النفسية والجسدية، فعلى نطاق الأسرة وهذا ما أهدف إليه هنا في المقالة نتيجة ما نراه من حالات وقوع الأبناء فرائس سهلة الاصطياد والانقياد والابتزاز في طريق بحثهم عن الحب والاحتواء والاهتمام والتقدير الذي افتقدوه في بيئة الأسرة.

في ظل التطور التقني وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي والغزو الفكري الواضح فيها، أصبحت التربية بلا شك في وقتنا الحالي صعبة جداً، لذا وجب علينا أن نتطور في طرقنا وأساليبنا في تربية أبنائنا لمواجهة الأفكار المنحرفة والظواهر السلبية.

مفهوم التربية يتجاوز الحاجات المادية كالطعام والشراب وحشو البطون بما لذّ وطاب حد التخمة، فالتربية في المقام الأول حب واحتضان واحتواء وتقبل وتقدير للوصول إلى حد الإشباع والاكتفاء العاطفي لتحقيق السلام والاستقرار النفسي للأبناء دون اضطرابات واختلالات. والطفل الذي يترعرع في بيت يسوده الود والاحترام سيشب على تقدير قيم الحب والجمال في الحياة، إنسان متعافى نفسياً ذو شخصية تتسم بالثقة والوعي والاكتفاء العاطفي صعبة الوقوع في براثن الابتزاز العاطفي، ولا ينجرف وراء أصحاب العقول والأفكار المنحرفة بحجة البحث عن الذات والاحتواء العاطفي. فالأسس التربوية الصحيحة إنما تقوم على بناء العقل والروح قبل غذاء الأبدان والأجساد.

وكلما كان العقل على درجة من الوعي والثقافة، يتمتع بالفكر الجيد، فلا شيء يمكن أن يقف أمامه، والأسرة هي النواة الأولى والحجر الأساس في صناعة جيل يستطيع حماية نفسه وتحصينها بالالتزام الإيماني من السقوط في براثن الإدمان والمخدرات والتطرف والغلو.

وتبقى الأسرة هي الأساس في البناء، وغياب دور الأم والأب وترك الأبناء بلا توجيه ورقابة واحتواء يوفر الحب والاهتمام والرعاية، سيعرض الكيان الأسري والمجتمع لخطر التفكك والانهيار، وانتشار الظواهر السلبية.

وأختم مقالتي برسالة حب لكل أب وأم، ربوا أولادكم وبناتكم بالحب وعلى الحب والاهتمام والتقدير، حاوروهم واسمعوا لهم، كونوا قريبين منهم دائماً وأشبعوهم بكلمات الحب والاحتضان والحنان ولا تبخلوا بها عليهم، فجوع العاطفة أشد خطراً من جوع البطون، وفقر العاطفة أشد فتكاً من فقر المال.

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

Email: talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي