No Script

حروف نيرة

الزوجة... ملكة لا خادمة

تصغير
تكبير

الحياة الزوجية راحة ومودة واستقرار للنفوس، وعطاء بالمعروف، يقول تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون» الروم/21، فالقسوة تؤثر على الاستقرار، وقد تصل إلى شقاء ومتاعب.

تعاني بعض الزوجات من مشاكل في حياتها الزوجية لأسباب كعدم إعطائها حقوقها المادية، والتقصير معها في أمور تحتاج إليها كالعواطف والشعور بقربه ومساندته لها في سائر الأمور، ومما يزيد ذلك المعاملة السيئة والإهانة اللفظية أو الجسدية، والتعالي عليها، والضغوط عليها بالأعمال المنزلية، فمنهم من يعتبرها خادمة له ويزيد في طلباته بما يفوق طاقتها.

الزوج الناجح يعتبر المرأة نصفه الآخر، فتجده معاوناً لها في كل شيء حتى في أعمال المنزل من تنظيف وترتيب، فإن عمل الرجل في البيت ومساعدته لزوجته يعد عاملاً أساسياً من عوامل تعزيز الألفة والمحبة بين الزوجين، وإن صعب عليهما ذلك وجب على الزوج توفير خادمة لها، فالخدمة المنزلية من طبخ وتنظيف ليست من واجبات الزوجة، فلا حق للزوج إلزام زوجته في تلك الأمور.

والزوجة حينما تطهو وتنظف منزلها وتدير البيت، لا يكون ذلك إلا برغبة منها لا بالإلزام، فهي مخيرة في ذلك، وإن فعلت فهو تفضلاً منها ومن باب التطوع ومكارم الأخلاق، بينما الواجب على الزوج أن يأتي لها بخادمة، فليس من حق الزوج أن يجبر زوجته على أعمال البيت؛ لأن شرع الله لا يفرض عليها ذلك، بل من واجبه أن يقدر ما تقوم به ويشكرها عليه، وهو ما أثبته كبار وقدماء الفقهاء، ومما ورد في أمهات الكتب: قول الإمام الكاساني الحنفي في كتاب البدائع: (ولو جاء الزوج بطعام يحتاج إلى الطبخ والخبز فأبت المرأة الطبخ والخبز لا تجبر على ذلك، ويُؤمر الزوج أن يأتي لها بطعام مهيأ)، وجاء في كتاب المهذب لأبي اسحق الشيرازي الشافعي: (ولا يجب عليها خدمته في الخبز والطحن والطبخ والغسل وغيرها من الخدم).

وقال ابن قدامة في المغني: (وليس على المرأة خدمة زوجها من العجن والخبز والطبخ وأشباهه، ككنس الدار...نص عليه أحمد). فهي أقوال لا يمكن أن ينكرها المطلع على الكتب أو المعلم، فبعضهم يتكلمون حسب ما تميل إليه أنفسهم، بالرغم من معرفتهم لتلك الأحكام.

كما أن بعض الأزواج في مجتمعنا يهينون الزوجات نظراً للبيئة التي عاشوا فيها ولفكرهم المتحجر، فهي بالنسبة لهم خادمة أو أمة تستغل أو تستعبد، مع علمهم أنهم على خطأ كبير لا تسمح به شريعتنا، وبعضهم يستكبرون ويرفضون رفضاً قاطعاً تلك المساعدة حتى في الأعمال السهلة، لشعورهم أن في ذلك تقليلاً من رجولتهم، وينسون قدوتنا رسول الله عليه الصلاة والسلام في تعامله مع أهل بيته، حيث كان يرقع ثوبه ويحلب شاته حتى إذا جاء وقت الصلاة خرج إليها، فلا يوجد أحد أفضل من رسولنا الكريم الذي كان دائماً في مهنة أهله يساعدهم ويقوم على أمرهم.

المشاركة الزوجية لا تقلل من شأن الزوج ولا كرامته وإنما تزيد من احترام زوجته وتقديرها له وتقوية العلاقة بينهما وإعلاء لمنزلة الطرفين.

aalsenan@hotmail.com

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي