بعد كثرة الوفيات بالدوّامات المائية... «الراي» تستطلع الآراء حول أهمية وجود برج إنقاذ على كل شاطئ

«الدردور»... مصيدة السباحين في مياه الخليج

تصغير
تكبير

على بقايا قلب أم تحطم إذ فارقت قطعة منها، وعيون اغرورقت بدموع الذكريات على شواطئه، يهدر البحر كلما اضطربت أمواجه... وقد يستريح أحياناً كـ «استراحة المحارب» في ساحة المعركة، ليكون صفير النوارس التي تلوذ بأكنافه بمثابة أجراس الإنذار من خطر هذا «المارد النائم».

وحين تدور التيارات المائية حول نفسها، مشكلة ما يسمى بـ«الدردور» تسحب إلى دوامتها سباحاً لاذ بمياه البحر هرباً من الحر، ليدور معها حول نفسه باحثاً عن طوق نجاة، وممنّياً النفس بيدٍ تنتشله من القاع إلى شاطئ السلامة، فلا يجد إلا يد الردى التي تخنق أنفاسه، ثم تلفظها على الأمواج الثائرة، وهنا تنتهي رحلة الأجساد في آخر محطاتها.

فاجعة الموت غرقاً التي نسمع عن ضحاياها بين حين وآخر، ورغم هول مأساتها، لن تكون الأخيرة، فحوادث الوفيات غرقا بالتيارات المائية كانت الشاهد منذ الأزل على غدر «الغول الأزرق»، برغم صرخات الحناجر المفجوعة على ضفافه وهي تردد «بس يا بحر».

فحوادث الغرق التي راح ضحيتها عشرات الأطفال والشباب والكهول، تدق اليوم جرس الإنذار في الجهات المسؤولة عن أمن الشواطئ، وقد تستدعي فزعة حكومية، لإنشاء برج إنقاذ على كل شاطئ يرتاده الناس للسباحة.

«الراي» طرحت الفكرة على عدد من مختاري المناطق والمختصين، لاستطلاع إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، ومعوقات هذا المشروع إن وجدت:

«في مصر أجهزة لاسلكي وإسعافات وأوكسجين وزوارق تدخل حتى في المياه الضحلة»

ماهر معرفي: أبراج الإنقاذ موجودة في كل شواطئ الدنيا... إلا عندنا


ماهر معرفي

استغرب مختار منطقة شرق ماهر معرفي عدم وجود أبراج مراقبة على الشواطئ، رغم كل حوادث الغرق التي حدثت في البلاد، مؤكداً أن «هذه الأبراج موجودة في كل شواطئ الدنيا إلا شواطئنا، فهي موجودة في الدول العربية والأجنبية، وعليها علم يميزها وتحتوي على مسعف وغواص وأوكسجين وجت سكي وعوّامات سباحة وأجهزة لاسلكي وزوارق بحرية، تدخل حتى في المياه الضحلة».

وقال معرفي لـ«الراي» إن في الكويت القديمة كان هناك متطوعون يجلسون على السيف بشكل يومي لإنقاذ الناس، في سيف معرفي وسيف الشملان «بس يسمعون صرخة الربع هبّوا»، مؤكداً «نحن أهل بحر، ومن المفترض أن تقوم الأندية البحرية بدورها في هذا الجانب، كنادي الشعب ونادي الضباط حيث كان من الواجب أن يبادروا».

واقترح أن «تمول الجمعيات التعاونية أو بعض الشركات المساهمة في الكويت هذا المشروع، وأن تزود الأبراج بكل مستلزماتها الخاصة بعمليات الإنقاذ، فيما تمنى أن يتم توسعة الواجهة البحرية في الصليبخات والجهراء وحتى رأس الصبية»، مشيراً إلى أنه «كان هناك مقترح بذلك لوزير الإعلام الأسبق محمد السنعوسي، وكانت هناك موافقة من الحكومة، إلا أنه للأسف لم يتم المشروع، ولو نسألهم عن سبب توقفه لقالوا الميزانية».

«مؤسف تكرار حوادث الغرق وأؤيد إنشاء أبراج»

فايز الحماد: وضع حراس مدربين لتنبيه رواد البحر عبر صافرات الإنذار


فايز الحماد

أبدى مختار مناطق سلوى والسالمية والشعب فايز الحماد تأييده لمقترح إنشاء أبراج المراقبة والإنقاذ على الشواطئ، على أن تكون مزودة بجميع وسائل الإنقاذ والإسعافات الأولية، معرباً عن أسفه لوقوع كثير من حوادث الغرق، من دون وجود أي فرق للإنقاذ أو حراس مدربين لتحذير الأطفال وغيرهم عبر صافرات الإنذار.

ووصف الحماد المقترح بـ«الإيجابي» الذي سيحد كثيراً من هذه الحوادث ويدفع العائلات إلى ارتياد الشواطئ بشكل آمن، موضحاً أن كثيراً من الأطفال يلعبون بمفردهم سواء على الشاطئ أو داخل البحر ويجب أن تكون هناك جهة تراقب وتقدم الإنقاذ لأي حالة.

ورفض الحماد فرض رسوم رمزية على مواقف السيارات المجاورة للشواطئ، «لكن يجب رفع السيارات المهملة هناك، ومراقبة السيارات التي تقف لمدة 24 ساعة»، فيما أكد تأييده لفتح الواجهة البحرية ابتداء بمنطقتي الصليبخات والجهراء،وصولاً إلى رأس الصبية.

وقال «كثير من العائلات تبحث عن الخصوصية في ارتياد الشواطئ، ويجب أن تكون متنوعة لا تقف عند شاطئ انجفة أو الشويخ فقط» داعياً في الوقت نفسه إلى مراقبة الأهالي لأبنائهم أثناء الخروج للبحر.

«غريق في بحرها خلال الستينات وجد ميتاً بعد يومين»

حمد السميط: منطقة الشويخ كلها تيارات ومزدحمة في أشهر الصيف


حمد السميط

أيد مختار منطقة الشويخ حمد السميط اقتراح إنشاء أبراج الإنقاذ على الشواطئ، قائلاً «أؤيد بشدة هذا المقترح.

فمنطقة الشويخ كلها تيارات مائية ومزدحمة بآلاف الناس خلال أشهر الصيف».

وأوضح أن «التيارات المائية في المنطقة جرفت أحد الضحايا خلال فترة الستينات، وقد وجد متوفى بعد يومين، وهناك بعض الحفر أيضاً التي تتركها البواخر في ميناء الشويخ».

وقال السميط «معظم مرتادي شاطئ الشويخ من سكان الصليبخات والجهراء لعدم وجود متنفس بحري لديهم»، داعياً إلى استكمال افتتاح الواجهة البحرية الواقعة خلف مبنى وزارة الصحة وتحويل المشروع إلى منتزه بحري للأهالي.

كشف عن دراسة في «المشروعات السياحية» لإنشاء مناطق آمنة للسباحة

جاسم شميس: حواجز مسوّرة لسباحة الأفراد ومناطق آمنة لأصحاب اللنشات و«جت سكي»


جاسم شميس

أكد مدير إدارة الشواطئ والأندية البحرية في شركة المشروعات السياحية جاسم شميس، استعداد إدارته لإنشاء أبراج إنقاذ في الشواطئ «لكن يجب أن يلتزم مرتادو البحر في الأماكن المخصصة للسباحة والقريبة من الأبراج المشار إليها، فيما تفضل العائلات عادة الأماكن غير المزدحمة خلال خروجها للبحر».

وقال شميس لـ«الراي» إن «فكرة إنشاء الأبراج أحسن وأسلم للناس» كاشفاً عن دراسة تقوم بها شركة المشروعات السياحية حالياً، لإنشاء مناطق آمنة داخل البحر للسباحة لأصحاب الجت سكي واللنشات، وسيتم عمل مناطق مسوّرة داخل البحر للأفراد محددة بحواجز بحرية.

وأضاف «تحدثت مع المسؤولين في الشركة عن هذه المقترحات والدراسات، وقد تم إدراجها في الميزانية»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن جميع الأندية البحرية في الكويت تعاني من نقص المنقذين، منذ فترة الإغلاق التي شملت كل الأندية البحرية في الكويت خلال فترة كورونا.

«الموت يمكن أن يدرك الإنسان وهو في بيته»

بدر الحجرف: ضرورة أخذ الحيطة والحذر والعمل بالأسباب


بدر الحجرف

وصف الخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية رئيس مبرة الإحسان الخيرية الشيخ بدر الحجرف، فاجعة الأطفال الثلاثة الذين غرقوا في شاطئ أنجفة، بأنها قدر مكتوب على الأم وعلى الأسرة كلها، وهم شهداء بإذن الله امتثالاً لحديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم.

وبيّن الحجرف لـ«الراي» أن «الموت يمكن أن يدرك الإنسان حتى وهو في بيته، لكن يجب في كل الأحوال أخذ الحيطة والحذر والعمل بالإسباب.

فالكبير أدرى بنفسه، والصغير تقع المسؤولية في رعايته على والديه، فإن حدث لا قدر الله حادث فهذا أمر الله وقدره».

«العلاج بالتعرّض والمساندة الاجتماعية والقرآن ثم الدواء»

هدى الحداد: أسرة الغريق تصاب عادة بـ «اضطراب ما بعد الصدمة»


هدى الحداد

بحثت موجهة الخدمة النفسية في وزارة التربية هدى الحداد، في الاثر النفسي لحوادث الغرق عامة، حيث تصاب أسرة الحدث باضطراب ما بعد الصدمة، مشيرة إلى ان اضطراب الكرب يتمثل في 4 أركان، أولها أعراض اقتحامية (التفكير بالحدث مراراً وتكراراً) والثاني تجنب أي شيء يذكرهم بالحدث (اضطراب التجنيب) والثالث تأثيرات سلبية على التفكير والمزاج، والرابع والأخير تغييرات في اليقظة وردود الفعل.

وقالت الحداد لـ«الراي» إن «من أعراض التجنب، تجنب الناس وتجنب الذهاب لمكان الحدث أو رؤية ما يذكرهم بالحدث (الانزواء والانطواء)، فيما تنحصر التأثيرات السلبية في التفكير والمزاج بعدم القدرة على تذكر أجزاء من الحدث، وفقدان الذاكرة الانفصالي، والانفصال عن الناس، وصعوبة التركيز، وصعوبة النوم، وضعف السيطرة على رودود الفعل (اللوم - البكاء المستمر - العصبية - الانفعال بسرعة عند تذكر الحدث - تأذية النفس - الاحلام المزعجة)».

وحدّدت الحداد العلاج، فقالت إن «العلاج بالتعرض يكون بمساعدة الام والاب على تفريغ انفعالاتهما وإطفاء الخوف المتبقي من الحدث الصادم، إضافة تدخل معالج نفسي لضبط المخاوف التي تولدت لديهما والتأكيد عليهما بأن ما حدث خارج قوتهما». كما تطرّقت إلى ردود الأفعال، حيث «إنها قد تكون بكاء ولوماً على الإهمال، وحيرة وحسرة وندما، وهنا تتمثل ضرورة الاستماع إليهم، لأن ذلك يعتبر تفريغاً انفعالياً سيجعلهم يتحملون الصدمة ويسيطرون على الانفعالات».

وأشارت إلى أنواع أخرى للعلاج،«منها العلاج بالمساندة الاجتماعية والعلاج الديني بالقرآن وآيات الصبر، وبالدعاء والعبادة والتوجه إلى الله، ثم العلاج الدوائي اذا كانت الاعراض النفسية شديدة، مثل صعوبة النوم أو الاكتئاب».

واقترحت بعض الأمور لتجنب مثل هذه الحوادث مستقبلاً، منها وضع إرشادات للمواطنين في الأماكن غير المخصصة للسباحة، وتسوير الأماكن الخطرة داخل البحر، ووضع أبراج إنقاذ متطورة على الشواطئ، وتزويدها بأحدث المعدات وتدريب العاملين بدورات حديثة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي