تزايد حوادث الذبح والقتل يدق أجراس الإنذار
الجريمة في الكويت... أزمة أخلاق!
ما بين حوادث النحر مروراً بالدهس والاختطاف وصولاً إلى جرائم القتل التي أزهقت الأرواح في وضح النهار، ثم السطو على المتاجر على الطريقة الهوليودية، تختلف الجريمة في الكويت بمسبباتها وأسلوبها لكن تتفق في مضمونها، حيث إن أسوارها الشائكة الممتدة على طول الطريق، تطل في كل موقع منها «أزمة الأخلاق»، وتغفو على امتداد طريقها أعين الضمير، حتى وصلت السكين إلى العظم.
حوادث النحر والدهس والاختطاف التي أقلقت الشارع الكويتي في الآونة الأخيرة، بدأت تدق أجراس الإنذار في المجتمع، وترفع راية الاستعداد والنفير، لتحصين المجتمع أمنياً وإعادة السكينة إلى كل بيت بعد البحث عن الخلل والتحري في مواطن الأسباب.
«الراي» فتحت هذا الملف الشائك، مستعرضة أسباب ودوافع الجريمة ونتائجها على الفرد والمجتمع وكيفية معالجتها، مع عدد من الاختصاصيين في المجال النفسي والتربوي والاجتماعي، الذين أكدوا أن «السوشيال ميديا» لها علاقة كبيرة بمثل هذه الجرائم، ناهيك عن الأعمال الدرامية التي تدعو للعنف والقتل، لافتين إلى أن الإدمان على المواد المخدرة يعد دافعاً قوياً لارتكاب جرائم القتل والسرقة والاعتداء على الآخرين.
وأشاروا إلى أن غياب الوازع الديني يعد ضمن أسباب ودوافع ارتكاب الجرائم المختلفة، إضافة إلى الاكتئاب والتفكك الأسري وسوء التربية والتدليل الزائد، مطالبين بوقفة جادة للحد من هذه الجرائم.
نايف المطوع: مسؤولية كبيرة على عاتق الأهل ووزارة الإعلام
أكد الأخصائي النفسي الدكتور نايف المطوع أن لا جديد في حوادث القتل والنحر والدهس التي حصلت أخيراً، حيث كانت تحدث منذ زمن وليس لدينا الاحصائيات الرسمية التي تؤكدها، مبيناً أن «السوشيال ميديا» سلطت الضوء على هذه الأمور وضخمتها.
وحمّل المطوع وزارة الإعلام مسؤولية الردع لهذه الحوادث، مستغرباً ممن يرفضون مشاهد الحب في الأفلام ويسمحون لمشاهد القتل والعنف!.
وأوضح أن هناك دوراً للأهل في متابعة أطفالهم على البرامج والتطبيقات الإلكترونية، إضافة إلى متابعة الخدم، مشيراً إلى أن الدور الأكبر يقع على عاتق وزارة الإعلام، فالدور الإعلامي كبير في نقل الحقيقة أو تغييرها بالكامل لدى أفراد المجتمع.
عبدالله الرضوان: من أسباب الجريمة... معتقدات دخيلة على المجتمع
كشف رئيس رابطة الاجتماعيين الكويتية عبدالله الرضوان لـ«الراي» عن «أسباب كثيرة ومتنوعة لانتشار العنف في الكويت وصعود مؤشر الجرائم، منها تعاطي المخدرات والاكتئاب والمشاكل الأسرية والتفكك الأسري ووسائل التواصل الاجتماعي التي أثرت بشكل كبير جداً على الأطفال»، مؤكداً أنه «رغم ذلك فإن وزارة الداخلية تقوم بدورها على أكمل وجه وأفرادها متعاونون جداً».
وبيّن الرضوان «أن من أسباب الجرائم أيضاً دخول بعض المعتقدات والثقافات الغريبة على المجتمع الكويتي من بعض الجنسيات الأخرى، وقد شهدنا بعض الحالات الدالة على ذلك خلال السنوات الماضية، فالقضية متشعبة في أسبابها ومبرراتها والحلول مجتمعية وليست من اختصاص جهة واحدة».
عبدالرحمن السلبود: البعض انحرف... بسبب وسائل التواصل الاجتماعي
قال موجه أول تربية إسلامية متقاعد في وزارة التربية عبدالرحمن السلبود لـ«الراي»، إن أسباب تصاعد العنف في الكويت كثيرة ومختلفة وفي مجملها (من أمن العقوبة أساء الأدب)، وقد تكون هناك محاكمات تصل إلى الإعدام لحوادث القتل لكن للأسف لا تنفذ إما بسبب هروب المحكوم خارج الكويت أو لأسباب أخرى.
واعتبر السلبود القصاص حين يقام في المساجد من المشاهد العظيمة التي تؤثر في النفس وتكون رادعاً للآخرين من أصحاب السلوك المنحرف.
وأوضح أن «مناهج التربية الإسلامية معالجتها محدودة لهذه الحوادث، وقد طالبنا سابقاً بأن نصدر ملحقاً مع المنهج كل 5 سنوات لمعالجة القضايا الطارئة على المجتمع الكويتي»، مشيراً إلى «أن حصتين لتدريس التربية الإسلامية في الأسبوع لا تكفي لتغطية هذه الأمور، وإذا طالبنا بالزيادة، قالوا لنا نحن لسنا في التعليم الديني».
وعن تغير سلوك بعض الأفراد أخيراً، أوضح أن «هناك أسباباً كثيرة لتغير السلوك في جميع الأفراد حتى كبار السن الذين كانوا قدوة انحرف بعضهم سلوكياً بسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي أثرت في سلوك الجميع، فاختفت كثير من القضايا المجتمعية الطيبة ومنها إحسان الجار إلى جاره التي للأسف أصبح هناك غياب لهذا الترابط الذي حل محله المشاجرات بين الجار وجاره لأتفه الأسباب».
«تصنّع محلياً بمواد كيماوية تسبب الجنون الموقت»
خالد المهندي: «المخدرات القذرة»... وراء 90 في المئة من الجرائم
ذكر الاستشاري النفسي الدكتور خالد المهندي أن العنف في الكويت من القضايا المهمة داخل المجتمع، وتنعكس أسبابه على الأمن المحلي والأمن الاقتصادي الذي يرى فيه المواطن استقرار راتبه الشهري، وأن اقتصاد بلده جيد ثم الأمن السياسي على المستوى الإقليمي وهذا يشعر الفرد بالطمأنينة، ثم الأمن الاجتماعي الذي هو من أهم أنواع الأمن لأنه يتعلق بمعيشة الإنسان وتعليمه وحياته على جميع أنواع الأصعدة.
وأضاف المهندي أن من أهم العوامل التي تؤثر على الأمن الاجتماعي هي المخدرات وقد انتشر نوع منها يسمى بالمخدرات القذرة التي تصنع في البيوت وتتضمن مواد كيمائية بحتة وتدخل الإنسان إما في الجنون الموقت أو الدائم، وخلالها من الممكن أن يرتكب الشخص جريمة القتل وأي فعل آخر، ولهذه المخدرات تأثير كبير جداً على الخلايا العصبية.
واعتبر المهندي أن نسبة 90 في المئة من الجرائم دافعها المخدرات خاصة مادة الشبو التي تحجب الرؤية أمام المتعاطي، فيقتل الأب أو الأم وتأخذه العزة من الداخل ويصبح عنيفاً جداً، مؤكداً أن ارتباط الجريمة وثيق بالمخدرات ومعظم مبرراتها تافهة لا ترتقي للقتل.
وقال «نرى بشاعة الجريمة قطع الرأس والنحر، والسبب تافه وهذا أدى إلى انتشار الجريمة غير المبررة فأصبح الناس يفتعلون المشاجرات بلا مبرر بسبب التعاطي، وفي السابق كانت الجريمة وراءها أسباب ودوافع قوية».
هدى الحداد: الـ «أنا» ارتفعت كثيراً... وغابت «نحن» عن أفراد المجتمع
أكدت موجهة الخدمة النفسية في وزارة التربية هدى الحداد أن العنف تصاعد في جميع أنحاء العالم وليس في الكويت فقط، وذلك لأسباب كثيرة أهمها انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي نشرت الحقد والكراهية وصدت الناس عن الدين والقيم الإسلامية السمحاء وهناك كثير من الناس لديهم دين لكن ليس لديهم أخلاق للأسف.
وحملت الحداد بعض الأسر مسؤولية تفشي العنف وانتشاره في المجتمع حيث ينمو أفرادها في بيئة كلها عنف وكراهية وتفكك أسري، مما ينعكس سلباً على البيئة الخارجية، موضحة أن من أسباب انتشار العنف اتباع بعض الممنوعات مثل المسكرات والمخدرات التي يضيع من خلالها الحلال والحرام.
وأشارت إلى أن (الأنا) ارتفعت كثيراً عند الناس وغاب عن أفراد المجتمع (نحن)، فيما انتهكت خصوصية الأفراد والبيوت من خلال تصوير بعض الأفراد للمواقف الطارئة والتشهير بكل بيت تقع فيه أي حادثة ولو كانت صغيرة في مجتمع صغير مثل المجتمع الكويتي، لافتة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت بعض الأشخاص اندفاعيين من خلال الكتابة بأسلوب غير لائق، الأمر الذي يولد الحقد بين المجموعات المتحاورة.