No Script

«الشال»: فشل الإدارة العامة حتى اللحظة لا يرجّح حصافتها في استخدام «الدَّين العام»

7.3 مليار دينار فائضاً متوقعاً لميزانية الكويت 2022 /2023

تصغير
تكبير

- الإدارة العامة استنفدت في 7 سنوات 100 في المئة من حجم الاقتصاد والفساد استشرى و الخدمات تردت
- لا يمكن إتاحة الموارد لإدارة حوّلت أزمة السيولة الموقتة إلى «مالية» دائمة

أشار مركز الشال للاستشارات الاقتصادية إلى أنه بانتهاء شهر أبريل 2022 انتهى الشهر الأول من السنة المالية الحالية 2023/2022، وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي نحو 107.3 دولار خلال الشهر، أي أعلى بنحو 42.3 دولار للبرميل وبما نسبته 65.1 في المئة عن السعر الافتراضي الجديد المقدر في الموازنة الحالية والبالغ 65 دولاراً للبرميل، وأعلى أيضاً بنحو 62.3 دولار عن معدل السعر الافتراضي للسنة المالية الفائتة والبالغ 45 دولاراً للبرميل.

وذكر «الشال» في تقريره الأسبوعي أن السنة المالية الفائتة 2022/2021 التي انتهت بنهاية شهر مارس الماضي كانت قد حققت لبرميل النفط الكويتي معدل سعر بلغ 79.9 دولار، في حين أن معدل سعر البرميل لشهر أبريل 2022 أعلى بنحو 34.3 في المئة عن معدل سعر البرميل للسنة المالية الفائتة، وأعلى بـ32.3 دولار للبرميل عن سعر التعادل الجديد للموازنة الحالية البالغ 75 دولاراً وفقاً لتقديرات وزارة المالية، وبعد إيقاف استقطاع الـ 10 في المئة من جملة الإيرادات لصالح احتياطي الأجيال القادمة.

وأفاد «الشال» بأنه يُفترض أن تكون الكويت قد حققت إيرادات نفطية في أبريل الماضي بما قيمته 2.26 مليار دينار، ومع افتراض استمرار مستويي الإنتاج والأسعار على حاليهما - وهو افتراض قد لا يتحقق- فمن المتوقع أن تبلغ جملة الإيرادات النفطية بعد خصم تكاليف الإنتاج لمجمل السنة المالية الحالية نحو 27.1 مليار دينار، وهي قيمة أعلى بـ 10.4 مليار دينار عن تلك المقدرة في الموازنة للسنة المالية الحالية والبالغة نحو 16.741 مليار، ومع إضافة 2.078 مليار إيرادات غير نفطية، ستبلغ جملة إيرادات الموازنة للسنة المالية الحالية نحو 29.2 مليار دينار.

وأوضح التقرير أنه بمقارنة هذا الرقم باعتمادات المصروفات البالغة نحو 21.929 مليار دينار، فمن المحتمل أن تسجل الموازنة العامة للسنة المالية 2022 /2023 فائضاً قيمته 7.3 مليار دينار، ولكن يظل العامل المهيمن والوحيد هو إيرادات النفط، ولأن وضع سوق النفط في ظروف الحرب الأوكرانية وضع استثنائي جداً وقصير الأمد، لابد لأي صانع سياسة مالية حصيف من تقدير نسبة خصم لتأمين مخاطر المستقبل، وهي حتماً قادمة وكبيرة.

الدّين السيادي

من جانب آخر، بين «الشال» أنه رغم أن هناك معيارين صحيحين لقياس حجم الدين السيادي، وهما رقمه المطلق، والثاني والأهم نسبته إلى حجم الاقتصاد أو الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن استخلاص حكم حول نصحه أو خطورته يحتاج إلى معرفة واقع كل دولة، لافتاً إلى أن العالم يستخدم وحدة قياس عامة ويحدد رقماً آمناً لنسبة الدين الى الناتج المحلي الإجمالي وبحدود 60 في المئة، إلا أنها نسبة قد تصلح لغالبية الدول، بينما لا بأس لدول ذات اقتصاد متنوع منتج لسلع وخدمات متفوقة أن يتعداها، والعكس لدول قاعدتها الإنتاجية هزيلة واستخداماتها لحصيلة القروض بائسة.

وتابع التقرير «من الأمثلة على ذلك اليابان، التي يبلغ دينها السيادي الأعلى في العالم المتقدم بنحو 263.1 في المئة من حجم اقتصادها، وهو ثالث أكبر اقتصادات العالم بالأسعار الجارية بقيمة تبلغ 4.94 تريليون دولار، ومثلها الولايات المتحدة أكبر اقتصادات العالم والتي يبلغ دينها السيادي 132.6 في المئة من حجم اقتصادها البالغ حالياً بالأسعار الجارية نحو 23 تريليون دولار، والاثنتان من أكبر منتجي السلع والخدمات.

والنقيض لدول تنتج القليل من السلع والخدمات وتستخدم حصيلة الديون لمقاصد غير حصيفة، وربما فاسدة، وتاريخها حافل بحالات الإفلاس، مثل اليونان التي تبلغ ديونها 198.9 في المئة حجم اقتصادها، والبرتغال التي يبلغ حجم دينها 127.5 في المئة حجم اقتصادها، وسبق لهما إعلان إفلاسهما في عام 2011، وكان من الممكن تعرضهما لعواقب وخيمة لولا احتضان منطقة اليورو لهما».

مصيدة القروض

ولفت «الشال» إلى أنه يسوق هذا المثال حتى لا يُفهم بأن موقفه من قانون الدين العام موقف سليم ثابت ومبدئي، مشيراً إلى أن حجم الدين العام في الكويت لا يتعدى 8.7 في المئة من حجم اقتصادها، والاعتراض القوي والصحيح على تمرير قانون الدين العام البالغ 20 مليار دينار يأتي أولاً من ضحالة إنتاجها السلعي والخدمي، وثانياً والأهم من انعدام الثقة في حصافة استخداماته، ففي نحو 7 سنوات فقط أعقبت سقوط أسعار النفط في خريف عام 2014، استنفذت الإدارة الاقتصادية ما يبلغ نحو 100 في المئة من حجم الاقتصاد وكانت كل سيولة الاحتياطي العام، واستشرى خلالها الفساد والهدر وتردت كل الخدمات العامة شاملة التعليمية والصحية، أي ان استنزافها لا يعني فقط خسارتها، وإنما تخلف في كل المناحي.

وأضاف التقرير «لذلك، مع إدارة عاجزة عن مواجهة أزمة سيولة يفترض أنها موقتة، وكل ما قامت به هو تأصيل أزمة السيولة لتحويلها إلى أزمة مالية دائمة، لا يمكن التسامح في إتاحة الموارد المالية لها لحتمية إدخالها للبلد في مصيدة القروض في اقتصاد يعتمد مورداً واحداً غير مستقر للدخل.

والعكس صحيح، مع إدارة حصيفة، قد يكون خيار الاقتراض أسلم من الناحية المالية إذا كانت إيرادات الاستثمار تحقق معدل عائد أعلى من تكلفة الاقتراض، وإن كانت مصارف الأموال مدروسة وعائدها الاقتصادي بائن، والمؤسف هو أن شلل وفشل الإدارة العامة حتى اللحظة، لا يرجح حصافتها».

الكويت ماضية في اتجاه ضياع الفرصة الأخيرة للإصلاح

ذكر «الشال» أن القرارات في الكويت توحي بأنها ماضية في اتجاه ضياع الفرصة الأخيرة للإصلاح، مؤكداً أن من سيدفع الثمن هم كل من هم ليسوا في سلطة اتخاذ القرار أو صغار القوم، فلا ضمانة لتوظيف أو سكن أو تعليم أو خدمات لائقة، عجزت سلطات البلد نفسها عن توفيرها في زمن الرواج، وقد تتحول إلى حرائق في زمن العجز.

ولفت التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي يمر بحقبة غير مسبوقة من ارتفاع حالة عدم اليقين، فبعد حدثين رئيسيين لم يمر بهما العالم في جيل واحد وهما أزمة العالم المالية في عام 2008 ثم جائحة كورونا، وهما أزمتان استهلكتا كل موارد السلطات النقدية والمالية، يتكرر حدث في أوروبا مشابه لما سبق الحربين العالميتين الأولى والثانية، وبعد اختناقات سلاسل العرض بسبب الجائحة وما نتج عنها من ضغوط تضخيمة، نتج عن الحرب الأوكرانية شح في إمدادات الوقود والحبوب ما عمّق من تلك الضغوط إلى مستويات تهدد الاستقرار المالي والاقتصادي، وحتى السياسي للعالم.

وأوضح أن المشكلة في وقتنا الحاضر هي ذلك الوضع المنهك لكل من السلطات النقدية والمالية حول العالم، في حين أن التحدي الأكبر للسلطات النقدية هو الخيار الأقل سوءاً بالمواءمة في قراراتها -أسعار الفائدة بشكل رئيسي- ما بين هدفين متناقضين، النمو والتضخم، منوهاً إلى أن أي خطأ في القرار قد يؤدي إلى انتقال سريع للأزمة إلى القطاع المالي ثم إلى الاقتصاد الحقيقي، يتبعها سلسلة من التداعيات تشمل كل الاقتصاد العالمي.

وأكد التــقــــرير أن أوضاع اليــوم أكثر صعوبة من أوضاع تلك الحقبة المماثلة في القرن الفائت، ومن مؤشراتها ديون العالم السيادية والخاصة التي أصبحت بمستوى قياسي بالأرقام المطلقة حيث تبلغ 303 تريليونات دولار، وبالقياس النسبي تبلغ 320 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي العـــالمي وفــــقاً لآخر أرقام معـــهد التمـــويل الدولي.

وأشار إلى أن مؤشرات الأسهم، أي أسعار الأصول المالية في مستويات عالية غير مسبوقة بسبب استمرار حقبة طويلة من الفائدة الصفرية في اقتصادات العالم الرئيسية، إذ ارتفع مؤشر داو جونز بنحو 295 في المئة ما بين نهاية 2008 ونهاية الربع الأول من العام الجاري، ونيكاي الياباني 214 في المئة وداكس الألماني 200 في المئة ومثلها بقية المؤشرات، في حين أن الاضطرار إلى رفع كبير وسريع لأسعار الفائدة، قد يهوي بتلك البورصات ومعها القطاع المالي.

وتابع التقرير «بقدر ما سيصيب روسيا من أضرار اقتصادية بسبب العقوبات المفروضة عليها ولعل أولى مؤشراتها احتمال انكماش اقتصادها بنحو -8.5 في المئة في 2022 وآخر بـ-2.3 في المئة في 2023 وفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي لشهر أبريل الفائت، لكن تكاليف ما يحتمل أن يحدث لحلفاء الغرب ليست أهون وإن اختلفت مناحي الإصابة على المدى المتوسط بسبب التضخم، إضافة إلى احتمال استمرار الحرب القائمة»، مؤكداً أن السيناريو المذكور محتمل وتزداد حظوظه بمرور الزمن.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي