No Script

من الخميس إلى الخميس

سرّ غزو أوكرانيا

تصغير
تكبير

العالم كله اليوم في بؤرة أوكرانيا، والمزاد فُتح قبل أسبوع للمحللين السياسيين والعسكريين.

في عام 1990عشنا في الكويت هذه البؤرة، في تلك الأيام القديمة، لم تكن المحطات الفضائية والتواصل الاجتماعي، لم يكونوا موجودين، كان مزادنا في وسائلنا المتاحة لا سيما محطات الإذاعة المنتشرة عبر الأثير، مئات من المحللين السياسيين؛ ثم بعد الحرب مئات أخرى من العسكريين الذين كانت نتائج تحليلاتهم وتوقعاتهم، لم يُصدّق أحد.

ما أشبه اليوم بالبارحة، وتتكرر التحليلات والاجتهادات والفتاوى ونعيش مرة أخرى سوق عكاظ، فالكل يدلي بدلوه، ومرة اخرى ستكون النتيجة لم يصدق أحد.

من القصص الطريفة ذات الصلة هي حكاية جحا الذي شوهد مرة، وهو واقف تحت عمود للنور فى الشارع، يبحث عن بعض الدنانير التي وقعت من جيبه، فلما سُئل عما إذا كانت الدنانير قد وقعت منه فى هذا المكان، قال: لا ولكن النور فى هذا المكان أقوى! ليس المهم أن تذكر الحقيقة بل المهم أن تجعل الناس يرون ما تراه.

يُقال إن تشرشل، السياسي البريطاني، قرأ إحدى خُطبه على حلاّقه الخاص، سأله بعدها، ماذا فهمت، فرد الرجل قائلاً: سيدي لم أفهم شيئاً، عندها قال تشرشل وهو مبتسم وهذا هو المطلوب، إذاً أمامنا طريقان مع الساسة، إما أن يبحثوا معنا في المكان الخطأ؛ وإما أن يُتحفونا بخطاب يجتهدون لكي لا يفهمه معظم الناس.

أين الحقيقة وبيد مَن؟ لا ندري، أو ندري ولكن بعد أن يصبح العلم واقعاً.

كل ما يدور حولنا ربما يصدق عليه قول (أرسطو): إننا يجب ألا نطمح في الوصول إلى درجة من الدقة في أي بحث، أكثر مما تسمح به طبيعة الموضوع الذي نبحثه، كل مواضيعنا اليوم وما يدور حولنا طبيعتها لا تسمح لنا أبداً بمعرفة عناصرها، فقد تشابكت المصالح وزاد عدد اللاعبين ولم تعد المعادلات الرياضية تنطبق على أي خلاف سياسي مهما قلّت أهميته، المُراد أن كل تلك التحاليل هي مجرد تسالي خالية من الدقة والمصداقية، كانت كذلك في عام تسعين وهي كذلك اليوم وغداً، إننا نبحث عن الدنانير في مكان مظلم وقد أضعناها في مكان آخر. إنه سرّ غزو روسيا لأوكرانيا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي