No Script

«الراي» تنشر المذكرة القانونية والاقتصادية المعدّة عن التركيبة السكانية

«الغرفة»: مهن المستقبل عالية المهارة مرتفعة الأجر وتناسب الكويتيين ذوي التعليم المتقدم فقط

تصغير
تكبير

- الحاجة لتجسير انتقال دقيق وبذكاء يجذب الوافدين المهرة
- يغيب عن تشريعات تعديل التركيبة السكانية الاعتبارات الاقتصادية الواقعية
- قوانين سوق العمل ردود أفعال لظروف وضغوط سياسية وأمنية واجتماعية
- الـجـزم باعتبـار «القوى العاملة» الوحيـدة ذات الاختصاص غير معتاد تشريعياً
- لا يصح التركيز على تقليص الوافدين بمنأى عن تطوير قدرات وحجم العمالة الوطنية
- مساهمة القطاع الخاص واتحادات العمال والمجتمع المدني في معالجة اختلالات سوق العمل
- التعليم والتدريب محلياً قاصران وبفارق كبيرعن احتياجات المحللين والذكاء الاصطناعي

أفادت غرفة تجارة وصناعة الكويت بأن توليد مهـن جديدة تعتمد على علماء، ومحللي البيانات، والذكاء الاصطناعي، والتعليم الآلي، واختصاص البيانات الضخمة، والتحول الرقمي، وأتمتـة العمليات، وأمن المعلومات، قد يؤدي إلى ذهاب معظم مهن المستقبل إلى العمالة الوافدة، وذلك بسبب نظام الكويت التعليمي التدريبي والذي تعتبره «الغرفة» قاصراً، وبفارق كبير عن تلبية احتياجات المهن المستقبلية.

رأي «الغرفة» في هذا الخصوص، جاء ضمن مذكرة قانونية أعدتها حول مشروع اللائحة التنفيذية للقانون 2020/74 في شأن تنظيم التركيبة السكانية، مؤكدة أنه لا يصح التركيز على تقليص العمالة الوافدة بمنأى عن تطوير قدرات وحجم العمالة الوطنية، منوهة إلى أن المهن المستقبلية ستكون عالية المهارة مرتفعة الأجر، وتتناسب مع العمالة الوطنية ذات مستوى من التعليم المتقدم.

وأضافت أن الكويت بحاجة إلى تجسير عملية الانتقال الدقيقة، من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد المستقبلي، من خلال إنشاء نظام ذكـي لاجتذاب العمالة الوافدة ذات المهارات العالية، من أجل التحول نحو الاقتصاد المعرفي والمهن الإبداعية.

ولفتت «الغرفة» إلى أن مشروع اللائحة المعد أقرب إلى إعادة صياغة مواد القانون نفسه مع توسع في عرض الضوابط التي يجب أن يراعيها مجلس الوزراء، وهو توسع غير محمود تشريعياً، فيما نوهت إلى أن الـجـزم باعتبـار الهيئـة العامة للقوى العاملة «الجهـة الوحيـدة ذات الاختصاص»، أمر غير معتاد في الصياغة التشريعية.

وذكرت أن جل التشريعات المتعلقة بتنظيم سوق العمل في الكويت، كانت- بشكل أو بآخر وبدرجة أو بأخرى– بمثابة ردود أفعال لظروف أو ضغوط سياسية أو أمنية أو اجتماعية، تهدف إلى تعديل التركيبة السكانية أكثر ما تهدف إلى إصلاح سوق العمل، وقالت «من غير المنطقي بحث إصلاح التركيبة السكانية بشكل منفصل عن الإصلاح الاقتصادي والإداري بمفهومه الكلي».

وفيما يلي تنشر «الراي» ملاحظات «الغرفة» التي رفعتها إلى الجهات المعنية بمشروع اللائحة التنفيذية للقانون المعد في شأن تنظيم التركيبة السكانية، ومقترحاتها فيما يلي:

أولاً ـ الملاحظات القانونية

1 - إذا عدنا بالذاكرة إلى الظروف الاجتماعية والصحية، بل والسياسة، التي أحاطت بصدور «القانون رقم 74 لسنة 2020 في شأن تنظيم التركيبة السكانية»، نستطيع - إلى حد بعيد – فهم السمة «العمومية التوافقية» التي اتسم بها القانون، والتي جعلته بمثابة خارطة طريق للعمل على معالجة الخلل الهيكلي في التركيبة السكانية، والذي يعتبر- بدوره انعكاساً طبيعياً ومباشراً للخلل الهيكلي في تركيبة العمالة بالقطاع الخاص على وجه التحديد.

2 - نتيجـة لمـا سـبق ذكـره، وخلافاً لمعظـم القـوانين، نلاحظ أن القانون 2020/74 لـم يتضمن أي إحالة إلى اللائحة التنفيذية، وبالتالي جاء مشروع هذه اللائحة أقرب إلى إعادة صياغة مواد القانون نفسه مع توسع في عرض الضوابط التي يجب أن يراعيها مجلس الوزراء، وهو توسع غير محمود تشريعياً لأن اللائحة التنفيذية لأي قانون يجب ألا تحذف منه ولا تضيف إليه، فالمادة الثالثة، من اللائحة هي نفس المادة الثالثة من القانون، والمادة الرابعة من اللائحة هي نفس المادة الرابعة من القانون بشكل موسع وأكثر تفصيلاً، والمادة السادسة من اللائحة هي الفقرة السادسة من المادة الرابعة من القانون.

3 - يلاحظ أن مشروع اللائحة التنفيذية موضوع الدراسة قد تضمن بعض الأحكام ذات الصـلة بآليـات معالجـة الخـلـل فـي التركيبة السكانية، وبـالسقف الأعلى للعمالة الوافدة الأمر الذي أحال المادة (3) من القانون لمجلس الوزراء أمر إصداره إلى لائحة وقرارات تنفيذية سنوية مختلفة عن اللائحة التنفيذية للقانون التي تصدر وفق المادة ( 5 ) بمرسوم.

وعليه يقتضي الأمر الفصل والتمييز بين ما يجب أن تتضمنه اللائحة التنفيذية من جهة، وبين ما يفترض أن تعالجه اللائحة والقرارات الأخرى التي يصدرها مجلس الوزراء بموجب المادة (3) من القانون من جهة أخرى.

علماً بـأن التمييز المطلـوب لـيـس بـالأمر اليسير كـون اللائحتين تـدوران في فلـك الموضوع نفسه، وهو تحديد الآليات التنفيذية لمعالجة الخلل في التركيبة السكانية.

وبصورة عامة، ومن قبيل المواءمة وسداد الصياغة، تعتقد «الغرفة»، بأن إصـدار اللائحة التنفيذية للقانون 2020/74 في شأن تنظيم التركيبـة السكانية يجب أن يأتي لاحقاً بصدور لائحة مجلس الوزراء بآليات معالجة الخلل في التركيبة السكانية، والتي نص عليها القانون المذكور في مادته الثالثة.

لأن المفروض أن يكون هناك انسجام بين اللائحة التنفيذية ولائحة الآليات الصادرة عن مجلس الوزراء.

4 - عرف الوزير المختص في المادة (1) بأنه «وزير التجارة والصناعة»، ويقترح أن يعرف الوزير بعبارة «الوزير الذي تتبع له الهيئة العامة للقوى العاملة» دون تحديد وزیر معين، كون تبعية الهيئة قابلة للتغيير وفق توجهات مجلس الوزراء.

5- نصت المادة (2) من مشروع اللائحة التنفيذية على التزام الوزارات والهيئات العامة وكافة جهات الدولة بأحكام القانون واللائحة، وهذا النص يعتبر لزوم ما لا يلزم، كون التزام كافة الجهات العامة بتطبيق النصوص التشريعية هي من الموجبـات القانونية والالتزامات البديهية، فلن يؤثر على هذا الالتزام حذف المادة برمتها.

6 - جاء في المادة (3) من مشروع اللائحـة مـا يلي:

«يصدر مجلس الوزراء لائحة بآليات معالجة الخلل في التركيبة السكانية»، وهو نفس النص الذي بدأت فيه المادة الثالثة من القانون. وإذا كـان مـن حـق مجلس الأمة أن يكلف مجلس الوزراء بمهمة معينة، فإنه لا يستقيم في الصياغة التشريعية أن تكرر اللائحة التنفيذية نفس الإلزام الذي نص عليه القانون، بل ينبغي عليها أن تتضمن تدابير تنفيذية لتطبيق القانون بشكل فوري في إطار التوجهات العامة والضوابط التي وردت في المادة (4) من القانون 2020/74.

وينطبق هذا القول على صياغة المادة (4) من مشروع اللائحة التنفيذية، وربما على صياغة المواد (5) و (6) و (7) من مشروع اللائحة أيضاً.

7 - تمنح المادتان (5) و(6) من مشروع اللائحة موضوع الدراسة لمجلس الوزراء الحق بتشكيل لجان وفرق فنية وتحديد الفئات المستثناة من تطبيق أحكام القانون، في حين أنه لا يستقيم قانوناً أن تتضمن اللائحة اختصاصات بديهية لمجلس الوزراء تستمد سندها القانوني من القواعد العامة ومن أحكام القانون رقم (74) لسنة 2020 نفسه.

وعليـه ومـن غيـر الـنص على ذلك في اللائحة، يمكن لمجلس الوزراء المهيمن دستورياً على مصالح الدولة أن يشكل في أي وقت ما يراه مناسباً من لجان وفرق فنية متخصصة بشؤون التركيبة السكانية، كما أن اختصاصه بتحديد الفئات المستثناة من تطبيق أحكام القانون واللائحة منصوص عليها صراحة في البند (6) من المادة (4) من القانون، ولا داعي لتكرارها في اللائحة.

8 - نصت المادة (7) من مشروع اللائحة التنفيذية على أن «يقوم مجلس الوزراء بموافاة مجلس الأمة بتقارير سنوية بشـأن تطبيق أحكام القانون واللائحة»، وهذا النص يوحي بأن المقصود بكلمة «اللائحة» هو اللائحة التنفيذية، وهذا ما لا ينسجم– برأينا - مع ما جاء في المادة (3) من القانون 2020/74 موضوع البحث، لأن «اللائحة» التي قصدتها هذه المادة ليست اللائحة التنفيذية التي يقتضي وفقاً لنص المادة (5) من القانون أن تصدر بمرسـوم بناء على عرض الوزير المختص، بل اللائحة التـي يصدرها مجلس الوزراء طبقاً لنص المادة (3) من القانون بآليات معالجة خلل التركيبة السكانية خلال سنة من تاريخ العمل بالقانون 2020/74 في شأن تنظيم التركيبة السكانية.

9 - تكررت في مشروع اللائحة التنفيذية عبارة «على أن تصدر القرارات التنفيذية من الهيئة العامة للقوى العاملة باعتبارها جهة الاختصاص».

وبما أن الوزير الذي تصدر هذه اللائحة بقرار منه هو نفسه رئيس مجلس إدارة الهيئـة العامـة لقـوى العاملـة، فـإن الـجـزم باعتبـار الهيئـة «الجهـة الوحيـدة ذات الاختصاص»، أمر غير معتاد في الصياغة التشريعية.

فإذا كانت الهيئة فعلاً هي الجهة الوحيدة ذات الاختصاص تجب إعادة صياغة المواد ذات الصلة بحيث تنص على أن «تضع الهيئة العامة للقوى العاملة»... وذلك في الفقرات 5، 6، 8 و 12 من المادة الرابعة، وفي المادة السادسة من مشروع اللائحة التنفيذية.

ثانياً- البعد الاقتصادي:

1 - غياب المنظور الاقتصادي:

يلاحظ أن جل التشريعات المتعلقة بتنظيم سوق العمل في الكويت، كانت - بشكل أو بآخر وبدرجة أو بأخرى– بمثابة ردود أفعال لظروف (أو ضغوط ) سياسية أو أمنية أو اجتماعية، تهدف إلى تعديل التركيبة السكانية أكثر مما تهدف إلى إصلاح سوق العمل.

وبالتالي، ضعفت أو غابت عنها الاعتبارات الاقتصادية الواقعية وكان هذا في اعتقادنا السبب الرئيس في عجزها عن تحقيق غايتها. ويؤسفنا القول «إن القانون 2020/74 موضوع البحث لم يخرج عن هذا السياق».

2 - مرتكزات نجاح المعالجة التشريعية:

إن التشريعات الهادفة لمعالجة الاختلالات الهيكلية في سوق العمل، وبالتالي في التركيبة السكانية، يجب أن تعتمد على مرتكزات أربعة:

أ- توافر الرؤية الإستراتيجية الواضحة لمستقبل سوق العمل بالكويت، والمنطلقة من معالجات اقتصادية بالدرجة الأولى، وبما يتوافق، مع مستقبل الوظائف وطبيعتها محلياً وعالمياً.

ومن غير المنطقي بحث إصلاح التركيبة السكانية بشكل منفصل عن الإصلاح الاقتصادي والإداري بمفهومه الكلي.

ب- يجب على هذه التشريعات أن تراعي الشمولية والتكامل بين القوى العاملة في الدولة.

إذ لا يصح التركيز على تقليص العمالة الوافدة بمنأى عن تطوير قدرات وحجم العمالة الوطنية.

ج- لابد من مساهمة كافة الأطراف ذات العلاقة في تطوير تشريعات سوق العمل ومعالجة اختلالاته.

ومثل هذه المشاركة يجب أن تضم فضلاً عن السلطتين القطاع الخاص، والاتحادات العمالية، ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة على أن تكون هذه المشاركة فعلية وجادة وموضوعية.

فالمهم نجاح التشريع في تحقيق أهدافه، وليس نجاح السلطة في فرض التشريع.

د- هناك حاجة حقيقية إلى توفير درجة مرونة عالية في صياغة التشريعات وفي وسائل وآليات تنفيذها، خصوصاً وأن تشريعات العمل بطبيعتها تتأثر بتقلبات الدورات الاقتصادية وأوضاع السوق من جهة، وبما تحدثه من انعكاسات وردات فعل مجتمعية من جهة أخرى.

ثالثاً - الكويت ومهن المستقبل:

خلقت الثورة الصناعية الرابعة فرصاً وتحديات عدة وجديدة في أسواق العمل، وخاصة من حيث توفير العمالة القادرة على استيعاب مهن المستقبل، ووفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن التطورات التكنولوجية ستؤدي إلى توليـد مـهـن جديـدة تعتمـد علـى علمـاء ومحللي البيانات، والذكاء الاصطناعي، والتعليم الآلي، واختصاص البيانات الضخمة، والتحول الرقمي، وأتمتـة العمليات، وأمن المعلومات.

وبالنسبة للكويت، إن ظهور هذه المهن واندثار آلاف المهن التقليدية الحالية سيكون بمثابة سلاح ذي حدين، أي أنه يشكل فرصة وتحدياً في الوقت نفسه، فهذه المهن المستقبلية عالية المهارة مرتفعة الأجر، وتتناسب مع العمالة الوطنية ذات مستوى من التعليم المتقدم.

غير أن نظام التعليم والتدريب في الكويت لا يزال قاصراً وبفارق كبير عن تلبية احتياجات المهن المستقبلية، والتخوف المشروع هنا أن يؤدي هذا النظام التعليمي التدريبي إلى أن تذهب معظم مهن المستقبل إلى العمالة الوافدة.

وأضافت «في اعتقادنا الكويت بحاجة إلى تجسير عملية الانتقال الدقيقة، من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد المستقبلي، من خلال إنشاء نظام ذكي لاجتذاب العمالة الوافدة ذات المهارات العالية، من أجل التحول نحو الاقتصاد المعرفي والمهن الإبداعية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي