No Script

رأي قلمي

اهتمامات تافهة وقراءات رديئة...!

تصغير
تكبير

إن الله - سبحانه - يعلمنا من خلال هذه الآية الكريمة: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: 10- 12].

إن تغيير الذات هو أساس كل تغيير، بل إن تغيير السلوك والمواقف قد يؤدي إلى تغيير أحوال طبيعية.

ومن نِعَم الله - تعالى - علينا سنة من سننه في خلقه هو الانتقال من حال إلى حال، حيث إن دوام حالة واحدة لأي شيء يجعله مملاً، فيفقد قيمته، أي يفقد صلاحيته المثلى للحياة.

والمشكلة التي تواجه كثيراً من الناس أنهم غير مستعدين لتغيير أنفسهم ومألوفاتهم وعاداتهم إلا إذا شعروا بحاجة ماسّة إلى التغيير، ومن هنا تبرز أهمية تغيير المجال الإدراكي للناس، من خلال إعادة ترتيب بعض التصورات، والانتباه إلى بعض الأمور المنسية، بالإضافة إلى صقل وشحذ أذهانهم لتكون أكثر حساسية تجاه المتطلبات المتجددة لحياتنا المعاصرة.

لا تقتصر مهمة الإنسان في هذه الحياة على تغيير أحواله، وإنما تمتد إلى تغيير أحوال أمته، وإصلاح أحوال مجتمعه، من خلال إحقاق الحق، وإبطال الباطل، وبذل التوجيه والإرشاد لأفراد مجتمعه، وتطهير الحياة الاجتماعية من الشر والفساد... كل ذلك في الرؤية الإسلامية يُعد ضرورياً للعيش في مجتمع.

إن الناس الذين يكرهون التغيير ويقاومونه ويتهربون منه، يشعرون في أعماق ذواتهم بالعجز عن استيعاب المتغيرات الجديدة، ويخافون أحياناً من الجديد بسبب غموض الآثار التي سيتركها في حياتهم، وفي بعض الأحيان يقاوم الناس التغيير خوفاً من الخروج على تقاليد المجتمع الذي يقف عادة بقوة حارساً على عاداته وقيمه، وإن كانت غير ملائمة، وغالباً إذا أُكره الناس على تغيير شيء فإنهم يقاومون ويأنفون من الامتثال، لا رفضاً للمضمون ولكن من أجل مقاومة الضغوط التي تمارس عليهم، والتي يرونها غير مشروعة.

والقول الفيصل هو إذا أردنا أن نغير أحوالنا إلى أفضل مما نحن فيه، فيجب علينا أن نتشبع بفكرة إن تغيير العادات أمر ممكن، على خلاف ما هو شائع بين الناس من أن الطبع تحت الروح، ولا يزول إلا بخروج الروح!

ديننا الحنيف يحث على التخفف من النزعات الشريرة داخل الإنسان، ويدعم نوازع الخير ويزكيها، والإسلام لا يؤكد على تغيير الطباع السيئة بمقدار تأكيده على الحيلولة دون تجسيدها في عادات الإنسان وسلوكياته وأنشطته، وهنا الإسلام ينقل مسألة التغيير من مستوى الجدل الفلسفي إلى مستوى العمل والمجاهدة، فمجاهدة النفس وردعها من أجل إيقاف تجليات الطباع في السلوك، وهذا هو المهم.

إن التركيز على المنافع والمضار يوجد توطئة نفسية وذهنية ممتازة للتغيير، وسنحتاج إلى أن نعود إليه من أجل الثبات على العادات الحسنة الجديدة التي اكتسبناها، فلنقطع كل السبل التي تكون عثرة وعقبة في وجه التغيير، والتي توصلنا إلى عمل الأشياء السيئة من فراغ، واهتمامات تافهة، وصحبة سيئة، وقراءات رديئة.

وعلينا البحث عن بدائل جيدة لنجعلها تحل محل ما هو سيئ لدينا.

اجعلها قاعدة في حياتك: إن من العسير أن نتخلى عن القديم ما لم نبحث عن جديد يحل محله، وإذا تخلفنا وتخلينا عنه فإن العودة إليه تظل غير مأمونة.

M.alwohaib@gmail.com

mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي