قيم ومبادئ

من نصدّق؟

تصغير
تكبير

ما ندري من نصدق، الناطق الرسمي أو المغردين أو المعارضة؟

إنّ ما تعيشه الكويت اليوم، لا يحتاج الإنسان معه إلى علم سياسي خاص ولا إلى فلسفة أو وثيقة إصلاح مالي - وما أكثرها - ليكون مواطناً صالحاً لا بل ليكون حكيماً وفاضلاً.

فالقانون واضح والدستور أوضح، ولكن واقعنا يقول غير ذلك، سواء في العمل الوزاري أو النيابي! حيث فصلْنا الواقع عن المثال وأصبح الجميع يسير بمعزل عن الآخر بسبب اختلاف المصالح والمشارب، فالعدالة مثلاً قيمة مطلقة، جاء بها الإسلام، أما القانون المكتوب فهو (واقع) يحاول حماية استقرار البلاد على ما هي عليه وحماية التنمية المتأخرة! وقد يلتقيان وقد يفترقان بحسب الموجات السياسية والأجواء العامة التي تمر بها البلاد.

فأحياناً تجد المعارضة تشتد مع قواعدها وذلك حين يتم الإضرار بمصالح أحد أطراف النزاع السياسي ثم يقوم سوق المفاوضات والعروض وتصبح الأخبار كالبورصة وهذا ما يسمى «ما تحت القانون»!

وأحياناً نجد عمل المعارضة الصورية متممة أو مكمّلة، بحيث تسدّ ثغرة إما في عمل مجلس الأمة أو في مجلس الوزراء! مثلما كان يفعل القاضي الروماني في بيزنطة حين لا يجد شيئاً يحكم به؟

ولكن الأغرب من ذلك حقاً أن يكون دور المعارضة تصحيحياً، وذلك حين يكون تطبيق القانون ينتج عنه ظلم فادح لأحد أطراف النزاع فتضرب صفحاً عن القواعد القانونية ويستعيضون عنها بلغة العفو والمسامحة!

يقول المثل الشعبي «تمسكن لين تتمكن»!

لا أحد يزايد بأن العدالة ينشدها الجميع ومصدر قوتها أنها لا تستند إلى أشخاص وإنما إلى طبيعة مبادئها وإلى سلامتها واتساقها مع صحيح العقل والعدل والقيم، وهي بوجه عام روح القوانين في نصوصها ومضمونها أو هكذا ينبغي أن تكون، ومهمتنا اليوم - إن كنا صادقين - توطين العدالة بتطبيق القانون في الوزارات وأجهزة الدولة وفي المجلس.

ومع أن شريعتنا الغراء مهيمنة بأحكامها، إلا أننا نجد المخالفات تلو المخالفات لأحكامها ولا نجد نشاطاً مكافئاً لهذه المخالفات بل غاية ما نجد شعارات وتجمعات وندوات لا طائل من ورائها سوى العبارات النابية ولغة التهديد والوعيد والدعاء بالثبور وعظائم الأمور للحكومة المقبلة؟ يعني بالكويتي القديم «زهّب الدواء قبل الفلعه».

وما زالت العبارات الرنانة تتردد، لماذا التأخر في التشكيل الحكومي... وتعطيل مصالح البلد!

ويا ليت يتحفونا، ما هي المصالح التي تعطلت، وماذا يقصدون بها تحديداً إذا كان القانون يجيز للحكومة المستقيلة تمرير العاجل من الأمور والاستمرار ببعض الصلاحيات؟

والسؤال المطروح الآن: لماذا لا تتوحد المعارضة إذا كانت تسعى للأهداف نفسها؟ ورغم الدعوات المتكررة لعقد لقاءات بهدف جمع التصورات للخروج برأي موحد يعكس الرغبة الصادقة للعمل من أجل الصالح العام، إلا أننا لا نجد ما يشجع على الاستمرار، ولعل هناك أسباباً متعددة تجعل عمل المعارضة يراوح مكانه مع الاكتفاء بالمؤتمرات الجماهيرية والشيلات الترحيبية والتصوير داخل الدواوين وإذا تمخض هذا الجبل تمخض عن استجواب يبلغ الافاق العالمية، وهو كالدخان المتصاعد الذي لا يلبث حتى يتطاير ويختفي في طبقات الجو العليا؟

ولعل السبب الأكثر قبولاً في فشل المعارضة، هو كثرة الرؤوس وتزاحم الرؤى والتصلب بالآراء والتبعية، إما قبلية أو التجار أو أقطاب متنفذون مع فقدان الحرس القديم تأثيره على قواعده الداعمة، فانزوى وحيداً بأحلامه!

ومع بروز لافت لدماء شابة سنة أولى سياسة! هذه الخلطة ضاعت معها معالم المصالح العليا للبلاد التي أتوا من أجلها ودعوا إلى الالتفاف حولها.

وأخيراً، ماذا بعد الفشل؟ ستبدأ المعارضة بإعادة تسويق نفسها من خلال منصات الإعلام الجديدة أو إعلان مقاطعة جلسات المجلس للخروج من منطقة الظل!

في حين استمرار الباقي في مناكفة الحكومة في كل ما تفعل، والبعض الآخر ممن خرج من المسرح السياسي جنح في لغة الخطاب والوعيد مع الطرح الشعبوي.

أما في ما يتعلق بالعمل الوزاري، فإذا لم يكن زائداً على المعارضة في توالي الإخفاقات والفشل فإنه لا يقل عنها لأسباب عديدة يعرفها تماماً الوزراء النواب الذين خاضوا هذه التجربة وخرج منها الأغلب خروجاً غير مشرف، والأقل خرجوا بثياب نظيفة كما دخلوا.

الخلاصة

خلق الله الإنسان وأعطاه العقل ليميّز به بين الخير والشر وأعطاه عينين يبصر بهما الحقائق ورجلين ويدين تنفذان الأوامر ولسان يتكلّم بما يراه حقاً وإذا ما استخدمناه بالوجه الصحيح خدمنا المصلحة العامة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي