مخيمات البرّ... كرنفال وكرفانات
- صبح الرقعي: تزاحم المخيمات المتلاصقة يتنافى مع طبيعة التخييم وأهدافه
- حسن العجمي: البعض يستخدم المخيمات لإقامة الحفلات والتأجير اليومي
- مشاري الخالدي: أسر عربية تسكن في المخيمات طوال السنة هرباً من إيجارات الشقق
- رشيد المناحي: هناك شكوى من كثرة الكرفانات خصوصاً عند نهاية جسر جابر
كان الكويتيون، في الماضي، ينتظرون موسم المخيمات الربيعة، للاستمتاع بهدوء البر وصفاء الذهن هناك، بعيداً عن ضوضاء المدينة.
ولكن تلك المخيمات أضحت اليوم مساحة من الضوضاء والإزعاج والمبالغة في تكاليف نصب الخيم، حتى أضحت بيوتاً مشيدة تحوي كل سبل الراحة، وابتعدت عن البساطة وحياة البر التقليدية.
ولم تقف المخيمات الربيعية عند حد مظاهر البذخ، فتجاوز بعضها الحدود في انتهاك البيئة ومخالفة اللوائح والضوابط، من خلال إقامة سواتر ترابية حول المخيم وعدم مراعاة التربة والنباتات الصحراوية، وتدمير موائل الكائنات الفطرية، إلى جانب الاستغلال التجاري الجشع من خلال تأجير المخيمات، ما عرض البرّ إلى التدمير نتيجة الاستخدام اليومي، وخلف أضراراً مدمرة على المناطق البرية وسبب تفكيكاً للتربة.
مشهد المخيمات الربيعية، على الطرق السريعة وفي منطقة الصبية والجليعة، يجلب في النفس حسرة وألماً، نتيجة الأعداد الكبيرة للمخيمات وأحجامها الضخمة وأنوارها الساطعة، كأنها مدن سكانية وليست مخيمات ربيعية.
وبين مطالب حماة البيئة الذي يرون ضرورة وضع استراتيجية للتخييم وعشاق التخييم الذين يعانون من قلة الأماكن السياحية والترفيهية، أضحت مشكلة التخييم الخاطئ تراوح مكانها مع كل موسم، إذ يرى أصحاب المخيمات أن الكشتة البرية هي المتنفس الوحيد لهم في التنزه والاستمتاع بالبر مع قلة الأماكن الترفيهية، في حين رأى المختصون في حماية البيئة أن الكشتة البرية لا تحتاج للكثير من الإعداد والتجهيز، والبناء الكبير للمخيمات التي تؤدي إلى تلوث أو تدهور أو إتلاف البيئة الطبيعية أو بأي من مكوناتها أو الإضرار بالحياة الفطرية البرية أو المساس بقيمتها الجمالية أو الايكولوجية.
وكشف بعض أصحاب المخيمات وجود وافدين يتخذون المخيمات للسكن والعيش، كحل بديل عن الشقق والبيوت المستأجرة، فهناك عدد منهم ينصب عدداً من الخيام ويعيش مع أسرته عدة أشهر ثم يعود إلى المنطقة السكنية فترة الصيف، ومنهم من يقاوم الحرارة ويمكث طوال السنة في البر بهدف عدم دفع إيجارات البيوت.
«الراي» جالت على بعض المخيمات الربيعية، والتقت عدداً من أصحابها، فقال صبح الرقعي (بو شافي) إن «التخييم في الوقت الحالي اختلف بشكل كبير عن الماضي نتيجة تزاحم المخيمات المتلاصقة في مساحات ضيقة وهذا الأمر يتنافى مع طبيعة التخييم»، لافتاً إلى أن التخييم يحتاج مكاناً واسعاً بعيداً عن الناس، حتى يستمتع الشخص بجمال البر لذلك أنا وضعت المخيم في بر السالمي لكي أكون بعيداً عن الازعاج.
وطالب الرقعي أصحاب المخيمات بمراعاة الاشتراطات وعدم إلقاء النفايات والأوساخ والحفاظ على جمال البر، حتى يكون متاحاً للجميع في السنوات المقبلة، لأن بعض الأشخاص لا يفكر إلا بنفسه.
أما خليفة العنزي، فرأى أن المخيمات الربيعية هي المتنفس الوحيد، ولاسيما مع اعتدال الجو وبداية موسم الربيع وعودة الحياة الطبيعية، لذلك فإن الشخص يحتاج أن «يغير جو» ويذهب إلى المخيمات مع الأصدقاء.
وأشار أن «المخيمات تطورت وأصبح الناس يتنافسون لتجهيزها بأحدث الوسائل وسبل الراحة ولا يمكن أن تقارن مخيمات الماضي بما هو موجود حالياً»، مشيراً إلى أن «الامكانات المادية متوافرة، لذلك تجد هذا التنافس في خلق أجواء مريحة في المخيمات».
من جانبه، أسف حسن العجمي لـ«الاستغلال السيئ من قبل البعض الذي يستخدمون المخيمات الربيعية لأغراض مخالفة بعيدة كل البعد عن هدف التخييم، وبعضها يستخدم لإقامات الحفلات والتأجير اليومي لكل من هب ودب».
وأشار إلى أن «المطلوب من الجهات الرقابية تكثيف العمل ومتابعة المخيمات واستخدماتها حتى نمنع ضعاف النفوس من استغلالها بشكل خاطئ».
وقال مشاري الخالدي إن هناك عدداً كبيراً من الأسر العربية تسكن في المخيمات طوال السنة للهروب من إيجارات شقق، وهذا الأمر يتسبب في تدمير البيئة لأن طول فترة التخييم تكون لها آثار سلبية.
من جانبه، رأى رشيد المناحي أن «ظاهرة الكرنفالات الضخمة تشكل أكبر مشكلة، لأنها تستخدم في أغراض متعددة، والبعض يقوم بتأجيرها بالساعة»، مشيراً إلى أن «الناس بدأت تشتكي من كثرة الكرفانات التي تضاعف عددها لاسيما نهاية جسر جابر».
ممارسات غير صديقة للبيئة
تشهد منطقة نهاية جسر جابر من ناحية الصبية تواجداً كبيراً للكرفانات، بسبب قرب المسافة بوجود الجسر، مما ساهم في زيادة تردد المواطن والمقيم للمناطق البرية غير المؤهلة لوضع النفايات والأعداد الكبيرة من الزوار. وهناك الكثير من الممارسات غير الصديقة للبيئة، ومنها تراكم النفايات وترك الفحم المستخدم للشواء والتدفئة على الرمال.
«حماية البيئة»: ضرورة وضع استراتيجية طويلة المدى
أكدت أمين عام جمعية حماية البيئة جنان بهزاد «ضرورة تخفيف الضغط على البيئة البرية خلال موسم التخييم والحد من الاستخدامات البشرية الخاطئة على البيئة الصحراوية».
وشددت بهزاد على «ضرورة وضع استراتيجية طويلة المدى للتخييم للمحافظة على البيئة الصحراوية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقليل الضغط الذي يقوم به موسم التخييم على البيئة الصحراوية سنوياً»، مضيفة «يمتد ضرر موسم التخييم مدى العام لما يحمله من نفايات مختلفة الأنواع (عضوية من بقايا الأطعمة، وأطباق وملاعق بلاستيكية، وأكياس تزحف على طوال الشوارع)».
وقالت: «تعاني البيئة الصحراوية قسوة العوامل الجوية وتغيرات المناخ وشدة وطأة الطقس بالإضافة إلى الكثير من التعديات التي طالت مواردها الطبيعية والحية، ولكن للأسف جاءت النتيجة سلبية لعدم تنظيم أماكن الكشتة وعدم التزام الزوار بأبسط سلوكيات التخلص من النفايات في أماكنها الصحيحة والمشي على الخطوط الأرضية الدارجة».
285 كيلومتراً مربعاً من مساحة الكويت متدهورة
بلغ متوسط تصحر الأراضي سنوياً في الكويت نحو 285 كيلومتراً مربعاً، حسب الدراسات المنشورة وتشهد ظاهرة التصحر والمتمثلة بتدهور الأراضي وفقدانها القدرة الإنتاجية والكساء الخضري وانخفاض خصوبة التربة وتملحها وتصلبها وزيادة معدلات انجرافها.