No Script

كلمات

أخطر ما يؤذي الكويت!

تصغير
تكبير

العم السفير المخضرم سياسياً وديبلوماسياً عبدالله يعقوب بشارة، أطرب في الغالب لتحليلاته وأعشق بُعد النظر الذي تتحلى به كثير من مقالاته، رغم أنها تواجه أحياناً نقداً عنيفاً وقاسياً من معارضيه، إلا أنه استوقفني مقاله الأخير الذي ضمنه رأياً غريباً ومفارقة تحليلية في نظري، حينما كتب «إن أخطر ما يؤذي الكويت ويشوش على سمعتها ما يأتي من الإسراف في المطالب»، وهي جملة وعبارة سليمة لكنها جاءت في الزمن والوقت غير المناسب.

يا سعادة السفير، وأنا متأكد تماماً مما أقول، أن عموم المواطنين تخلّوا حالياً عن كل المطالبات الشعبية والإسراف في مطالباتها، وربما تعني المطالبات المادية في مقابل فقط مطالباتهم بالحد الأدنى من الخدمات والحقوق الطبيعية والأساسية التي أصبحت ربما حلماً عند الكثير.

أصبح المواطن يحلم ببنية تحتية للشوارع والطرق تضاهي أو تماثل أو قريبة على الأقل كما هو مشاهد في دول جوار وإقليمية.

أصبح المواطن يحلم بمرافق سياحية ترفيهية لهذا الجيل من النشء والأطفال، حتى وإن كانت قديمة تتم صيانتها وترميمها، إلا أنه يشاهد أعظم إنجاز للشركة التي تتولى إدارتها تستعرض إنجازها بتدمير وإغلاق كل هذه المرافق.

أصبح المواطن أقل أحلامه بتعليم ينافس الدول الإقليمية، ودول الجوار، لكنه يصدم سنوياً بمؤشرات تعليمية عالمية هابطة وفي آخر ذيل قائمة مؤشرات جودة التعليم.

أصبح المواطن يحلم ببنية تحتية رياضية عصرية منافسة للدول الأخرى، ومخرجات رياضية تبعث للفخر كما هو حال الدول الأخرى، لكنه يندب حظه حينما يشاهد المنشآت الرياضية المتهالكة، وملعباً دولياً يتيماً في غالب المواسم مغلقاً، ناهيك عن الهبوط التراجيدي لتصنيف كثير من الألعاب الرياضية التي كنا نتنافس على تحقيق مؤشرات رياضية متقدمة فيها.

أصبح المواطن همه الوحيد أن تتوقف كل دوامات وعصابات الفساد التي تفتك بهذا الوطن، وتستنزف ثرواته ونصل إلى صفر فساد ونتقدم في مؤشر مدركات الفساد لا أن نتراجع سنوياً.

أصبح المواطن يتمنى أن يعيش في بلده في ظل تركيبة سكانية تحفظ له أمنه الاقتصادي والاجتماعي والصحي، لا أن يشعر بأنه جالية هو يشكل الأقلية فيها وباقي الجنسيات من الوافدين هي الأغلبية تنعكس أرقامها على البنى الصحية والتعليمية والخدمية.

أصبح المواطن فريسة جشع تجار الأزمات الذين استنزفوا موارده ودخله في عبث جنوني في أسعار السلع والعقار وقيمة الإيجارات السكنية، فهو لا يطلب أكثر من أن تنضبط هذه الدوامة التي تهدد حياته النفسية والاجتماعية.

أصبح المواطن يعيش هاجس الجريمة اليومية من مخدرات وعنف وقتل وانتحار، ويحلم بأن تختفي كل مظاهر هذا الانفلات الأمني، وضبط أهم مسبباته، وهي العمالة السائبة التي هي ثمرة تجار البشر.

سعادة السفير، لو كل ما يشغل هموم المواطن يسير بمثالية في التنفيذ والتطبيق وفي المقابل محاسبة من يعبث في كل مقدرات الوطن هذه لن تسمع أحدا من المواطنين يسرف كما تقول في المطالب، فهو في النهاية يبحث عن وطن جميل مثالي خال من كل هذه المنغصات.

free_kwti@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي