«الراي» تبحث في الظاهرة: 10 أسباب لا بد من معالجتها و10 حلول لا بد من تنفيذها

تصاعد «عنف الشوارع»...السكين وصلت العظم!

تصغير
تكبير

- ابراهيم الحمود: لدينا قوانين مُحترمة لكن نحتاج إلى التشدد في التطبيق
- بدر الحسيني: بسبب «الواسطات» ينتهي الأمر بالصلح الظاهري
- عويد المشعان: ضرورة معرفة ماذا يريد الشباب وماهي رغباتهم
- سهام القبندي: غياب الأمن النفسي والاجتماعي يدفع إلى تبني الأساليب العنيفة

في ظل تصاعد «عنف الشوارع» في الكويت خلال الآونة الأخيرة، وارتفاع معدل الجريمة والتي صنفها البعض بأنها وصلت إلى مرحلة الظاهرة، يتساءل العديد من المواطنين والمقيمين: هل أصبح الخروج من المنزل... خطراً؟

سؤال غريب... لكن ما يفسره هو ازياد مظاهر العنف سواء بالقتل أو الضرب باستخدام الأسلحة البيضاء أو الدهس أو التصادم لأسباب بسيطة لا يفترض أن تصل إلى هذا الحد، مثل الخلاف على «أولوية المرور»، فمن المسؤول عن ارتفاع معدلات الجريمة على الرغم من وجود القوانين التي يفترض أن تحد من هذه المظاهر؟

ومع هذا التنامي لحالات العنف في الطرقات والأماكن العامة، من الممكن أن ينجرف المجتمع إلى العدوانية، ونتجه إلى فرد عدواني تجاه الآخر في مجتمع الغاب، في ظل غياب التطبيق الحازم للقانون، والمبادرات المجتمعية الجادة للتعامل مع الظاهرة.

وفي محاولة لتسليط الضوء على الأسباب والبحث عن الحلول، استطلعت «الراي» آراء عدد من الأكاديميين والمختصين، الذين أكدوا ضرورة رصد ومتابعة وتحضير دراسات لقياس حجم المشكلة في إطار المجتمع الكويتي ومقارنتها بحجمها في المجتمعات الأخرى، خصوصاً المجتمعات التي تتشابه مع مجتمعنا من حيث العادات والتقاليد والدين والظروف الاقتصادية والاجتماعية ونمط المعيشة وغيرها، وبعدها يمكن وضع الإصبع على الجرح والبحث عن الدواء.

وعزوا تفشي ظاهرة العنف لأسباب عدة، مثل عدم غرس قيم المحبة في نفوس الجيل الجديد، والابتعاد عن التحلي بالأخلاق والروح الرياضية، إضافة إلى الفقر في النوادي الاجتماعية والرياضية، التي تستوعب الشباب وتفرغ طاقته في ألعاب تملأ وقت فراغه، بدل التسكع في الشوارع والمجمعات التجارية.

وخلص استقصاء «الراي» إلى وجود 10 أسباب رئيسية لا بد من معالجتها و10 حلول لابد من تفعيلها ووضعها موضع التنفيذ.

الحمود

قال أستاذ القانون العام في كلية الحقوق الدكتور إبراهيم الحمود، إن «أعمال العنف وقسوتها وتزايدها في الكويت أمر واضح كما نقرأ في الصحف اليومية ووسائل التواصل الاجتماعي حيث أصبح العنف مستشرياً بشكل خطير جداً».

ورأى أن هناك قوانين «محترمة» في الكويت وعقوباتها شديدة على التعدي في الشروع بالقتل أو عقوبات على التسبب بعاهات مستديمة أو ضرب أفضى إلى عاهة وغيرها، «ولكن بالرغم من ذلك هناك عدم وعي من مجموعة كبيرة من الشباب مع الأسف، ويصاحب عدم الوعي شعور بعدم المبالاة».

وأضاف: «حتى لو تم القبض على المعتدي أو سجن أشهراً عدة، فهو لايبالي بذلك حيث فقد البعض الإحساس بالمسؤولية... بحيث أصبح الوجود في السجن أو خارجه سيان بالنسبة لهذه الفئة».

وشدد الحمود على أن الأمر يحتاج إلى الحزم من قبل السلطات في التعامل، على الرغم من أن وزارة الداخلية «لم تقصّر» ولكن نحتاج إلى عدم التسامح مع هؤلاء الأشخاص، سواء من قبل المتضرّرين في عدم التنازل، أو من قبل «الداخلية» في النظر لهم بعين العطف بل يجب أن تكون نظرة الشدة لأن هناك نوعاً من التمادي في العنف.

وأشار إلى انتشار جرائم المخدرات وهؤلاء الغالبية منهم يكونون تحت تأثير المخدرات، فالمتعاطي يشعر بأنه يعيش في عالم آخر، ويرتكب جرائم العنف والقتل، لذا يتعين تشديد القوانين الرادعة، لاسيما في مكافحة المخدرات وتطبيق قواعد السجون بالإضافة إلى تعاون المجتمع مع «الداخلية» في هذا الأمر.

ولفت الحمود إلى أن الكثير من دول العالم متشددة جداً في مسألة العنف، فهي مسألة لا تغتفر، «فلا يجوز لأي شخص التعدي على الآخرين مهما كانت الظروف». وخلص الحمود إلى القول: «لدينا قوانين لكن نحتاج إلى تطبيق شديد من دون أخذهم بالرأفة، فنحن ننظر لهم (عيالنا.. وغلط مرة ونسامحه) لكن يبدو أن ذلك لم يؤدِّ إلى نتيجة إيجابية، وعليه فإنه يتعين الشدة مع هؤلاء الأشخاص».

الحسيني

بدوره، رأى المحامي بدر الحسيني أن المجتمع الكويتي، كسائر المجتمعات، يحمل بين جنباته أنواعاً من العنف، «ولكن نلاحظ في الفترة الأخيرة ازدياد المعدلات، ما يعد ظاهرة خطيرة تدق ناقوس الخطر وبشدة، خاصة عندما يكون أكثر مرتكبيها من فئة الشباب».

وأكد أن «هذه الظاهرة ليست أمنية فقط وإنما هي أمنية واجتماعية وسلوكية وتشريعية»، معتبراً أنها «تمثل تهديداً كبيراً للمجتمع الكويتي وتنذر بكارثة توجب تضافر جميع الجهود والعمل الدؤوب لمحاربتها بالوسائل كافة، حتى يتم القضاء على هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع الكويتي».

وأشار إلى أن من أسباب زيادة معدلات العنف هو «غياب دور الأسرة التربوي، وخاصة في الرقابة والإشراف اليومي على الأبناء، بالإضافة إلى عدم تطبيق القانون أو عدم المساواة في تطبيقه على الجميع، حيث تتدخل المعارف والوساطة وينتهي الأمر بالصلح الظاهري من دون معالجة الظاهرة نفسها».

ورأى الحسيني أن «هناك قصوراً تشريعياً في إيجاد قوانين صارمة مشددة لمواجهة هذا العنف، فالعقوبات الموجودة بقانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته حتى الآن غير رادعة».

وشدد على «ضرورة إيجاد حلول لإشغال أوقات فراغ الشباب واستثمار أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالنفع، خصوصاً في ظل غياب الأندية الرياضية التي فقدت دورها في جذب الشباب لممارسة الأنشطة الرياضية».

وذكر الحسيني أن من أسباب زيادة العنف أيضاً، انتشار الألعاب الإلكترونية العنيفة من دون رقابة فعالة من أجهزة الدولة، حيث إن أكثرية الشباب تتأثر بها، إلى جانب انتشار المخدرات بشكل مكثف مع وجود أنواع مخلقة صناعياً شديدة الخطورة على متعاطيها، بحيث تجعله عنيفاً بصورة مبالغة جداً، بالرغم من جهود الدولة في محاربة هذه الآفة، ولكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل وتشديد الرقابة على المنافذ.

وأكد ضرورة تفعيل دور المساجد والمنابر في الحض على الإخاء والتسامح، وعمل حلقات دورية عن هذا الأمر وتأثيره السلبي على المجتمع، بالإضافة إلى دور الأكاديميين والمختصين في إيجاد حلول عملية لهذه الظاهرة المنتشرة وعدم الاكتفاء بعمل دراسات ميدانية ونظرية فقط، من دون إيجاد حلول حقيقية للقضاء على هذه الظاهرة.

المشعان

وأوضح أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور عويد المشعان، أن هناك العديد من الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الاتجاه للعنف، مبيناً أن «العنف ظاهرة موجودة في جميع دول العالم إلا أننا نراها بازدياد مطرد في الكويت وهي مشكلة متعددة الجوانب ومتداخلة في ما بينها».

وأضاف أن من أسباب انتشار العنف في المجتمع، التنشئة الاجتماعية لدى بعض الأسر، «فإن كانت غير صحيحة ستحدث مثل هذه الآثار التي نراها في المجتمع»، مشيراً إلى أن العنف الحاصل الآن ليس وليد اللحظة بل ناتج عن الفراغ الموجود، ويحاول بعض الأشخاص تفريغ ما في أنفسهم على الغير، خاصة في ظل إغلاق الأندية والأماكن الترفيهية قد يلجأ الشباب إلى العنف.

ولفت إلى «ضرورة معرفة ماذا يريد الشباب وماهي رغباتهم، حيث يشعر الشباب بحاجة إلى بعض الرغبات وخاصة النفسية ولا تحقق لهم، كما أن البعض قد يجد الاحباط من قبل الأهل أو المجتمع، وعليه يقوم بسلوكيات معاكسة مثل العنف أو التنمر الذي أصبح منتشراً في المدارس».

وأكد المشعان ضرورة إعطاء الشاب مساحة من الحرية عن الذات من خلال مشاركته في بعض القضايا التي تهم مستقبله، «شريطة ألا تكون حرية مطلقة وتؤدي إلى إيذاء الآخرين أو مضايقتهم فهذا أمر مرفوض».

وأشار إلى انتشار استخدام السلاح في الكويت، مبيناً أن مثل هذه الحوادث أصبحت تطفو على السطح وتحتاج إلى وقفة جادة.

القبندي

من جهتها، عزت أستاذة التخطيط الاجتماعي في جامعة الكويت الدكتورة سهام القبندي، تزايد وتيرة العنف على مختلف المستويات، إلى أسباب متنوعة.

وقالت إن «العنف الذي نعيشه ونشاهده هذه الأيام هو نتاج طبيعي للوضع العام والمستجدات المحيطة بنا من جميع الجوانب، سواء كانت حروباً أو أوبئة وأمراضاً أو استهدافاً لآدميتك وإنسانيتك وأفكارك أو دينك أو عملك ورزقك، إذ إن جميعها مسببات أفقدت الإنسان الشعور بالأمن النفسي والاجتماعي وجعلته يتبني الأساليب الدفاعية أو العنيفة».

ورأت القبندي أن «الميديا» المتطورة ساهمت بخلق نماذج فكرية للإنسان عموماً، والأطفال والمراهقين خصوصاً، مشيرة إلى سلبية بعض الألعاب التي تجعل الأطفال يمارسون العنف والقتل باستمتاع وتحفزهم للسيطرة والتدريب على القتل ومشاهدة الدماء من دون الشعور بالشفقة والاستهجان للسلوك.

وأكدت في الوقت نفسه أن للتنشئة الأسرية دوراً كبيراً في العنف، «فالأهل الذين يستخدمون العنف والترهيب والتهديد، إما أن يخلقوا أبناء جبناء وإما آخرين يحملون كل الغضب والعنف والأذى الذي تعرضوا له ويمارسونه على الآخرين، وهنا تكون الأسرة قد فشلت في مهمتها الرئيسية وهي تربية أبناء أصحاء نفسياً».

وأضافت: «لقد تغيّرت القيم، خاصة قيمة المسامحة والاحترام، فالكبير في الشارع يتعرض للاحتقار من الصغار لأنه تربى على عدم الثقه بالآخر وأيضاً بعض أولياء الأمور يربون الأبناء على كيفية الضرب والدفاع عن النفس».

وعن دور الدولة في الحد من الظاهرة، أكدت القبندي ضرورة تفعيل خطط الدولة المتعلقة بالشباب، مشيرة إلى أن «التنمية لا تتطور في مجتمعات الصراع والنزاعات، وهذه المقولة تجعلنا نركز على الشباب لأنهم وقود التنمية البشرية والاقتصادية، ونهتم ببرامج استثمار طاقاتهم حتى يشعروا بالقيمة وتحقيق الذات».

ودعت إلى إشراكهم والاستفادة من طاقاتهم وسماع صوتهم ومعرفة حاجاتهم وأهم مشكلاتهم.

10 أسباب

1 - ظروف «كورونا»

2 - استبدال التواصل البشري بالانعزال الإلكتروني

3 - تقديم أفلام ومسلسلات وألعاب إلكترونية العنف على أنه بطولة

4 - تفكك الأسر والمشاكل العائلية

5 - ضعف التنشئة الأسرية للفرد

6 - عدم الوعي والشعور بعدم المبالاة

7 - محاولة البعض تفریغ ما في أنفسهم على الغير

8 - عدم تطبيق القانون بشكل فعّال أو عدم المساواة في تطبيقه

9 - تعاطي المخدرات وانتشار أنواع مخلقة صناعياً شديدة الخطورة

10 - التسامح مع الأخطاء

10 حلول

1 - إجراء دراسات لقياس حجم المشكلة وتطبيق توصياتها بفعالية

2 - تجويد التربية منذ الأساس الأول

3 - مراقبة الإعلام والدراما والألعاب

4 - الاهتمام بالعنف اللفظي والنفسي وليس فقط الجسدي

5 - إعداد برامج تثقيفية وتوعوية من قبل مؤسسات المجتمع المدني

6 - تطوير القوانين والتشدد في تطبيقها

7 - تفعيل أدوار المسجد والديوانية والنوادي والجامعات

8 - إشراك الشباب وسماعهم وفهم مشاكلهم وحاجاتهم

9 - إعطاء الشباب مساحة من الحرية

10 - تعاون المجتمع مع «الداخلية»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي