No Script

رأي قلمي

نتوافق لا نتطابق...!

تصغير
تكبير

إن الإنسان نزاع بفطرته إلى التطابق، فالكثير منّا يود لو يظهر الآخر وكأنه ظل له، أو في ظلاله.

غالبا الأزواج يطالبون بعضهم بأن يكون أحدهم ظلاً للآخر، وهذا شيء فيه استعلاء وتجاهل لأحد الطرفين.

عندما يُسأل أحدهم ماذا تريد من زوجة المستقبل أو ماذا تريدين من زوج المستقبل يعددون الصفات والمستوى الاجتماعي، وآخرون يقولون نريد العيش بتوافق وانسجام، لكن السؤال الذي يسبق الصفات والمستوى الثقافي والاجتماعي والمعيشي، هل كلا الطرفين يدرك ويعي مفهوم التوافق بمعناه الحقيقي؟!

ما نعنيه بالتوافق هو بعينه ما نعنيه بالتعايش، من وجود علاقة تفاعلية بين طرفين مختلفين من أجل تحقيق منافع متبادلة في جو من التعاون والألفة والاحترام.

من المهم أن يترك كلا الطرفين المعتقدات والمبادئ والأفكار المرجعية خارج دائرة التوافق، ويتم النظر إليها على أنها خصوصيات ثقافية، وذلك لأن محاولات تغييرها ستوجد شروخاً كبيرة بينهم، ومن ثَم ينعكس على الأسرة بأكملها.

التوافق يقوم على محاولات توحيد المبادئ والأساليب وأدوات التفاهم التي تنهض بالعلاقة وتجعلها مستقرة، كما يقوم على إيجاد قواسم مشتركة للعيش بانسجام وتناغم واتفاق، وعلى سبيل المثال، فإن من غير الملائم أن يطلب الزوج من زوجته التنازل عن راتبها لينفق عليها وعلى بيتها، ونحن نعلم أن الإنفاق من واجبات ومسؤولية الرجل، وإن أرادت المرأة أن تكون من أصحاب الفضل تنفق على بيتها من دون إلزام أو إجبار أو تنازل، أو تطلب الزوجة من زوجها أن يتنازل عن صلة أرحامه، لتتملكه ويكون لها وحدها، ونحن نعلم بأن صلة الأرحام واجبة عليه شرعاً ولا يجوز التهاون أو التنازل عنها.

ولا بد أن يتم التوافق على النهوض بالعلاقة بين الطرفين، وإيجاد أساليب وحلول تنهض بالجانب المالي والاجتماعي للأسرة من دون تنازل من المرأة أو الرجل عن واجب أو حق أو مبدأ أو قناعة يؤمنان بها، أو إجبار أحد الطرفين على شيء ليس له أصل أو مرجعية في معتقده التربوي والأخلاقي.

الاختلاف شيء مشروع ومطلوب، نختلف بتوافق وليس بتطابق أو تقليد حرفي، حتى لا يتم إلغاء الآخر، وإن أردنا الاستمرار بعلاقة صحية فعلينا أن نتوافق ولا نتطابق، نتوافق على الرغم من اختلاف البيئات والمعتقدات والمبادئ والقناعات، ونعيش بألفة ومودة ووئام.

M.alwohaib@gmail.com

‏@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي