No Script

رأي قلمي

الانتصار الحقيقي...!

تصغير
تكبير

إن ما يحتاجه كل إنسان اليوم وفي المستقبل ينحصر في مجالين أساسيين، الأول: هو المجال القيمي والأخلاقي، والثاني: هو مجال العمل والإبداع فيه والفاعلية والأداء الممتاز، وكل حاجة للإنسان يجب إشباعها بالطرق المشروعة.

كلنا يعلم بأن لكل إنسان هوية أخلاقية يشبع فيها حاجة المجال الأول، ونقصد هنا بالهوية، مجموعة السمات والخصائص التي تميّز الإنسان المسلم على الصعيد القيمي والأخلاقي، وتستمر في شعوره وسلوكه على الرغم من الظروف المحيطة به والتطورات التي يعايشها، والهوية الأخلاقية تحمل في مضمونها المعرفة الأخلاقية والميول والمشاعر ثم التصرفات والسلوكيات الأخلاقية، ما نقصده بالمعرفة هو أن يكون لدى الإنسان وعي ومعرفة بأهم القيم التي ينبغي أن تتجسّد في سلوكه ومواقفه وعلاقاته بالآخرين منذ الطفولة، وهذه القيم منها ما هو شخصي مثل: الأمانة والإخلاص والشجاعة الأدبية والانضباط الذاتي والاتزان والدفاع عن المعتقدات الشخصية والتصرف بمسؤولية، ومنها ما له بُعد اجتماعي مثل الإنصاف والتواضع ومعاملة جميع الناس على أساس قيم واحدة، والاستماع لمن يحاوره بعناية وعدم استغلال أخطاء الناس لغايات شخصية، بالإضافة إلى اللطف والمشاركة ومراعاة المشاعر والمساعدة عند الحاجة وتقدير الظروف التي يمر بها الآخرون.

إن الوعي الأخلاقي والمعرفة العميقة بالقيم الخلقية هي الطريق الأساسي لتكوين المشاعر الشخصية لدى الإنسان، وحين تتحول الفكرة إلى شعور، فهذا يعني أنها تجاوزت الممانعة الذاتية، وصارت جزءاً من البنية النفسية العميقة.

أما المشاعر والميول فيكونان نحو حب الفضيلة وحب الخير للناس واليقظة الشعورية تجاه المنكرات والأخطاء وتقدير الذات والثقة بالنفس وتقدير الاستقامة بالمفهوم الشرعي المنهجي... لأن هذه المشاعر تشكّل البنية التحتية للسلوك القويم، ووجودها لدى الإنسان دليل نجاح مربيه في تربيته، ودليل على التمتع بقدر جيد من الفكر الناضج.

أما السلوك الأخلاقي فهو مجموعة العادات والتصرفات والمواقف اليومية لأي واحد منا، والسلوك الأخلاقي هو ثمرة المعرفة والمشاعر والميول الأخلاقية، وكثير من أحكام الإسلام منوطة بالسلوك، وليس بالخواطر والميول والأمنيات. إن المستقيم أخلاقياً يكافح شهواته وأهواءه، ويقاوم المغريات التي تعترض طريقه المستقيم. صاحب السلوك الأخلاقي يحاول أن يجعل من الاستجابة للآمر الأخلاقي عادة له، أي أن عاداته تكون حميدة وفاضلة، وهذا هو الانتصار الحقيقي في الحياة، كذلك صاحب السلوك الأخلاقي يدير تصرفاته اليومية لتكون أخلاقية، فهو يُقدم على بعض الأمور، ويتراجع عن أخرى، ويتكلم أحياناً، ويسكت في أحيان أخرى، يراقب تصرفاته، ويزن كل خطوة من خطواته لكي يحافظ على توازنه الأخلاقي.

إن الاهتمام بمتطلبات المستقبل على كل الأصعدة القيمية والأخلاقية والعمل والإبداع فيه، يمكن أن يساعدنا على تطوير سلوكنا ومواقفنا وعلاقاتنا بالآخرين، والتي تحتاج إلى الحماية من الجمود وضيق الأفق والترهل.

M.alwohaib@gmail.com

‏@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي