أكد أن ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية ستخفضان العجز إلى 4.2 مليار دينار في 2023
«الوطني»: اقتصاد الكويت يتعافى... ببطء
- الحكومة جادة في زيادة الرسوم وخفض الدعم
- نمو قوي في الإنفاق الاستهلاكي والائتمان الشخصي مقابل تراجع بأنشطة الشركات
- 3.9 في المئة متوسط النمو المتوقع للناتج المحلي خلال 2022 /2024
- 4.4 في المئة معدل نمو الناتج النفطي
- 2.6 في المئة ارتفاعاً بالتضخم في 2021
أكد بنك الكويت الوطني أن الصدمة المزدوجة لجائحة كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط تسبّبت في ارتفاع مستوى عجز الكويت المالي، ليصبح بذلك سادس عجز تسجله الموازنة على التوالي، إذ وصل إلى مستوى قياسي بلغ 10.8 مليار دينار (33 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) في السنة المالية 2020 /2021، فيما ساهم تقليص الإنفاق الرأسمالي في تعويض ارتفاع النفقات المرتبطة بصفة رئيسية بجهود احتواء الجائحة. وأوضح «الوطني» في تقرير له أنه بالنسبة للنظرة المستقبلية، وبالرغم من أن ميزانية 2021/2020 تعتبر توسعية، إلا أن البنك يرى أن تخفيض النفقات هو الاحتمال الأقرب إلى التطبيق، إذ تبدو الحكومة جادة في البحث عن سبل للوصول إلى رفع فعالية الإنفاق، وذلك في ظل قيامها أخيراً بدراسة عدد من الآليات التي من شأنها أن تخفض النفقات وترفع من الإيرادات غير النفطية من خلال زيادة الرسوم، وحتى خفض الدعم، إضافة إلى بعض الخطط التي تقترح إعادة هيكلة القطاع العام بصورة شاملة.
وتابع التقرير «نرى من وجهة نظرنا أنه وفقاً للتصور الأساسي، ستستغرق بعض الإصلاحات وقتاً أطول حتى تتحقق، إلا أنه من المتوقع زيادة الإيرادات غير النفطية، والتي ستقتصر في بادئ الأمر على عوائد الضريبة الانتقائية وضريبة القيمة المضافة (قد تصل إلى نحو 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) بحلول 2023. لذلك، نتوقع انخفاض العجز المالي إلى نحو نصف القيمة التي تم تسجيلها في العام الماضي ليصل إلى نحو 4.2 مليار دينار (10.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، قبل أن ينخفض بشكل أكبر إلى 9.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2024».
تعاف بطيء
ولفت تقرير «الوطني» إلى أن الاقتصاد الكويتي بدأ يتعافى ببطء من جائحة كوفيد-19، بدعم من انتعاش الاستهلاك وارتفاع أسعار النفط، مشيراً إلى أن تزايد إنتاج النفط تدريجياً، وفقاً لحصص الإنتاج التي وضعتها «أوبك» وحلفاؤها، ساهمت في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي، إلا أن نشاط الشركات ونمو معدلات التوظيف تعد من نقاط الضعف الملحوظة. وبين أنه نظراً للعجز المتوالي الذي سجلته الميزانية الحكومية، أدى الاستنفاد شبه التام لأصول صندوق الاحتياطي العام إلى زيادة مخاطر السيولة، إلا أن هذا الوضع ساهم أيضاً في تعزيز اتجاه صانعي السياسات نحو إصلاح الاقتصاد الكلي واستدامة المالية العامة. ونوه التقرير إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 8.9 في المئة العام الماضي، فيما يعد أكبر تراجع يشهده منذ 2009، في ظل خفض «أوبك» وحلفائها لإنتاج النفط وفرض تدابير حظر التجول ودعم السياسة المالية المحدود للقطاعات الاقتصادية المختلفة، موضحاً أنه رغم ذلك تحسّنت آفاق النمو بدعم من ارتفاع أسعار النفط ونجاح برامج اللقاحات. وعزا «الوطني» الفضل في ذلك للطلب المحلي الذي كان السبب الرئيسي للانتعاش، إذ أظهرت أحدث البيانات نمواً قوياً في الإنفاق الاستهلاكي (23 في المئة على أساس سنوي وفقاً لـ «كي نت») والائتمان الشخصي (+11 في المئة على أساس سنوي)، في حين من المتوقع أيضاً أن تتسارع وتيرة أنشطة تنفيذ المشاريع، وذلك نظراً لإعطاء الحكومة الأولوية لمشاريع البنية التحتية الخاصة بالطرق والمستشفيات والمطارات.
عدم يقين
في المقابل، أفاد التقرير بتراجع أنشطة الشركات في ظل حالة عدم اليقين التي تعرضت لها أنشطة الأعمال والبيئة التنظيمية والسياسية، إذ نما ائتمان الشركات في عام 2021 على نحو باهت (+0.3 في المئة على أساس سنوي في أغسطس)، كما تأثر سوق العمل برحيل الآلاف من العمالة الوافدة، خاصة من ذوي المهارات المنخفضة خلال الجائحة، في حين تراجع معدل توظيف المواطنين في القطاع الخاص عن مستويات عام 2019 (-2.7 في المئة إلى 62296 في النصف الأول من 2021)، مشيراً إلى أن السلطات ستحرص على عكس هذا الاتجاه، كما تشير تصورات الحكومة أيضاً إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص ضمن خطط التنمية الاقتصادية. وأوضح التقرير أن قرار «أوبك» وحلفائها بتقليص تخفيضات الإنتاج يتيح إمكانية تلبية الطلب العالمي المتزايد على النفط، ما يمكّن الكويت من رفع إنتاج النفط الخام وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي، لينمو بالمتوسط بنسبة 4.4 في المئة، على أساس سنوي، خلال الفترة 2022-2024، كما سيراعي منتجو النفط زيادة المعروض في السوق، ولذلك ستكون مكاسب الإنتاج معتدلة، وسيؤدي وصول مشروعي الوقود البيئي ومصفاة الزور لكامل طاقتهما الانتاجية، والتي ستضاعف فعلياً طاقة التكرير في الكويت، إلى زيادة إنتاج المشتقات المكرّرة ذات القيمة العالية في المدى المتوسط، ما يعزّز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنحو 0.9 إلى 3.2 في المئة في المتوسط، وبناء على ذلك، فمن المتوقع أن يصل متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.9 في المئة. وذكر التقرير أن معدل التضخم تضاعف تقريباً إلى 2.1 في المئة في عام 2020 على خلفية ضغوط سلسلة التوريد وارتفاع أسعار المواد الغذائية الدولية والطلب الاستهلاكي المكبوت، وقد يصل إلى 2.6 في المئة هذا العام قبل أن يتباطأ في 2022، مبيناً أنه في حال فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة في عام 2023، وفقاً لبعض التقارير، فسيؤدي ذلك إلى رفع المستوى العام للأسعار في تلك السنة، كما سيتم الإبقاء على السياسة النقدية التيسيرية، إلا أنه من الممكن تشديدها قليلاً خلال الفترة المقبلة في ظل احتمال قيام الاحتياطي الفيديرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة بوتيرة بطيئة.
إعادة تشكيل الاقتصاد وتعزيز دور «الخاص»
أشار تقرير «الوطني» إلى أنه في فترة العجز المالي، أصبح التمويل من أبرز القضايا الحاسمة لواضعي السياسات، لا سيما بالنظر إلى إمكانية استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام وعدم إصدار قانون الدّين الجديد، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مخاطر السيولة قصيرة الأجل، وأكد على ضرورة وضع إستراتيجية شاملة لتمويل العجز، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة ستاندرد آند بورز في يوليو الماضي عندما خفضت التصنيف الائتماني للكويت إلى درجة +A (والتي لا تزال درجة استثمارية قوية). وأكد أن عملية مبادلة الأصول مع صندوق الأجيال القادمة وإعادة جدولة سداد الأرباح المتراكمة لدى مؤسسة البترول، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط، ساهمت في ضخ السيولة في صندوق الاحتياطي العام، إلا أنه على الرغم من ذلك، فإن هذه الحلول لا تزال موقتة، خاصة في ظل اقتراب استحقاق جزء من السندات الدولية المصدرة في عام 2017، والبالغ قيمتها 3.5 مليار دولار، والتي يجب على الكويت سدادها في بداية عام 2022، ما قد يدفع نحو إقرار قانون الدين الجديد خلال الأشهر المقبلة. وأضاف التقرير «في ظل توافر نحو 700 مليار دولار في صندوق احتياطي الأجيال القادمة والانخفاض الكبير لمستويات الدين العام (12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، فإن الكويت تمتلك الموارد المالية اللازمة للوفاء بالتزاماتها بسهولة.