No Script

رأي قلمي

عتاد المواجهة...!

تصغير
تكبير

كان الحسن البصري - رحمه الله - يقول: «تفكّر ساعة خير من قيام ليلة».

إن إدراكنا لذواتنا وبيئاتنا والفرص المتاحة لنا، والتحديات التي تواجهنا، كل ذلك يتم بواسطة البُنية الفكرية التي يمتلكها كل إنسان، وهذه البُنية تقوم في الأساس على الإمكانات الذهنية الفطرية التي وهبنا إياها الخالق - سبحانه - بالإضافة إلى ما نتلقاه من تربية وتعليم وتجارب نمر بها، وخبرات نكتسبها.

يهدف التفكير دائماً لولادة مجهول من معلوم، والوصول إلى بعض النتائج من خلال ما يتوافر لدينا من مقدمات ومعلومات. التفكير عملية مرهقة جداً، لذا فإن الناس يفرّون منه، ولا يفكرون إلا عند وجود حاجة ملحّة للتفكير، وكثير من الناس لا يستطيع استخدام إمكاناته الذهنية، لأنها نُسجت من مجموعة من العادات النفسية والذهنية السيئة، ومن مجموعة من المقولات والمفاهيم الإشاعة، والتي لم تتعرض لأي اختبار، كما أنها لا تستند إلى أي أساس علمي، كما أننا لا نملك إلا القليل من المعرفة بطبائع الأشياء، والقليل جداً من المعرفة بسنن الله في الخلق، والقليل بالأمور المشتركة بين بني البشر، ومعظم ما لدينا من معلومات عبارة عن معارف متفرقة لا ينظمها ناظم ولا نعرف ماذا نعمل بها!

التفكير هو الأداة الحقيقية التي يجب أن نستخدمها في تصنيف المعلومات وتمحيصها، وطرد الزائف منها، ومن ثم توظيفها والاستفادة منها. وقد أثنى الله - تعالى - على المتفكرين بقوله: «ويتفكرون في خلق السماوات والأرض...» الآية.

إن أصحاب العقول الراجحة هم الذين يقفون على آيات الله في الكون، والذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض، ويدلهم تفكرهم على حكمة الخالق، وتنزيه أفعاله - سبحانه - عن العبث.

نحن بحاجة أن نكتشف ذواتنا من خلال التأمل في أحوالنا الخاصة، وأن نتأمل تصرفنا بما أنعم الله به علينا من الصحة والوقت والمال، وعلينا أن نفكر في الأخلاق والعادات التي تشلّ إمكاناتنا، وتعوّقنا عن تحقيق الفلاح والنجاح، وأن نفكر في التحديات الجديدة التي علينا أن نواجهها، وأن نفكر في عدة وعتاد تلك المواجهة.

تزداد أهمية التفكير في زماننا هذا بسبب وفرة المعلومات إلى حد تشوش وإرباك الذهن، وصار لدينا مجال متّسع للتحليل في كل قضية من القضايا.

كما أن بإمكاننا تحييد الكثير من المعلومات المتوافرة عن حقل الاستدلال والاستنتاج بسبب زيفها، أو عدم دقتها، أو عدم فائدتها للحقائق التي نبحث عنها.

لذا التفكير ضروري عند عدم وجود المعلومات، وعند توافرها أيضاً. لا يكفي أن يكون للإنسان عقل جيد، بل لا بد من أن يستخدمه استخداماً جيداً، وحتى لا تختلط علينا الأمور، لا بد أن نحاول وضع حواجز بين أفكارنا وعواطفنا، ومن الضروري أن نحتفظ بدفتر يوميات نسجل فيه أهم ما يلمع في أذهاننا من أفكار وتصورات، لا بد أن نبحث عن الأفكار الجديدة، ونتخلى عن الأفكار التي أدت وظيفتها.

قال الشافعي رحمه الله: «استعينوا على الكلام بالصمت، وعلى الاستنباط بالفكر».

M.alwohaib@gmail.com

‏@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي