No Script

رأي قلمي

التميز الشخصي...!

تصغير
تكبير

- المنعزل انعزالاً شديداً لا ينضج أبداً... بل هو في مرتبة أقل من مرتبة إنسان!

إن الله - جلّ جلاله - عندما أوجد الكائن البشري كان وجوداً اجتماعياً، فأبونا آدم لم يعش وحيداً في الجنة، وإنما مع أمنا حواء، وحين هبطا إلى الأرض اتسعت دائرة حياتهما الاجتماعية من خلال إنجاب الأولاد، ووجود الأحفاد والأسباط.

الجانب الاجتماعي، هو أهم جانب في شخصية الواحد منا، فمن المجتمع ونواته الأسرة نتعلم في البداية كل شيء، ومن المجتمع نتلقى معايير الخير والشر، والحق والباطل، والسائغ والمعيب... بل دور المجتمع أعمق وأكبر من ذلك، فهو الذي يحدد لنا مدى ما يمكن أن نحلم به، ونطمح إليه، والثواب الذي نناله عند الله - سبحانه - يأتي كثير منه من خلال العلاقات الاجتماعية؛ كصلة الأرحام، وبر الوالدين، والإنفاق على الفقير والأرملة والمسكين.

هناك حقيقة لا أحد يستطيع أن ينكرها أو يتجاهلها، اجتماع الناس بطبيعته يولّد توترات ومشاكسات، حيث إن مربط فرس الابتلاء في الحياة الاجتماعية يتمحور حول عدم تطابق طبائع البشر، وحول عدم تطابق مصالح الأفراد مع مصالح المجتمع، وفي هذا المقال يمكن أن نعدد بعض الأمور التي تسبب الخلافات والصدامات بين الناس... المنافسة حول السيطرة على نفس المنتج أو المورد، سوء الفهم لما يقال أو يفعل، التفسير الخاطئ للنصوص والآراء، الاختلاف حول الأهداف، الاختلاف حول الحقائق، الاختلاف في مدى جوهرية قيمة من القيم، الحساسية المفرطة حول النقد، الطباع الرديئة مثل العناد وسرعة الغضب، اتباع الهوى والمحاباة والتحامل.

ولتجاوز كل هذه الأشياء في علاقاتنا مع الناس نحتاج إلى الكثير من الثقافة، والكثير من الفهم إلى جانب الكثير من التهذيب، واللطف، والتسامح، والصبر، والحلم، والذي يمنع الإنسان من إقامة علاقات جيدة مع الناس قد يكون الشعور بالخجل من مواجهة الناس، أو الشعور بالنقص، أو عدم التدرب على مهارات الحوار والإقناع.

أحياناً تتضاءل العلاقات الاجتماعية للإنسان بسبب كثرة مشاغله، حينئذ ستكون خسائره كبيرة، فالمنعزل انعزالاً شديداً لا ينضج أبداً، بل هو في مرتبة أقل من مرتبة إنسان!

إن المجتمعات لا تنهض إلا إذا ارتفعت نسبة المهتمين بالشأن العام إلى الحد المقبول، والمجتمع لا يكون مجتمعاً إلا من خلال الاهتمام بالشأن العام. كلنا نتفق أنه لا أحد يرضى بأن يرى مجتمعه مهدداً بالزوال، إلا من خلال الأخطاء الكبرى والفادحة التي يرتكبها بعضنا، مثل انتشار الظلم والفساد، وأكل الحقوق، وانسداد آفاق الترقي الاجتماعي أمام أهل الكفاية والنباهة، بسبب المحاباة والمحسوبية والرشوة.

إن السياج الذي يحمي المجتمع، هو النهوض من خلال وجود تنمية جيدة، ومراقبة اجتماعية واسعة النطاق لمحاصرة الشرور، ولجم المفسدين، واستثمار أهل الخير الصالحين المصلحين، لا بد من وجود فئة قادرة على التضحية بشيء من المصالح الخاصة لاستقامة حياتنا الاجتماعية، ولسلامة المجتمع،لا بد من إبراز بعض الأفكار والمفاهيم التي تساعدنا على الرقي بحياتنا الاجتماعية إلى المستوى الذي يليق بأمة الإسلام، منها... أعقل الناس أعذرهم للناس، على العاقل أن يتعلم من كل شخص شيئاً ما، انتصاري على نفسي وشهواتي سابق لانتصاري على الآخرين، احترام الآخرين لي نابع من احترامي لنفسي، ينبغي أن أفهم الناس كما أحب أن يفهموني، مع أن العلاقات الاجتماعية من أهم مصادر سعادتنا إلا أننا لا نعطيها الاهتمام الذي تستحقه، العلاقة بين الزوجين تقوم في الأصل على التحالف وليس على التماثل، التثبت فيما ينقل إلينا من أخبار مطلب شرعي أخلاقي، من القوة أن يكون الإنسان مستمعاً أكثر منه متحدثاً، علينا أن نطبق في علاقاتنا مع الناس قاعدة «لسان الحال أبلغ من لسان المقال»، ولا بد من الموازنة بين الجرأة الأدبية واحترام مشاعرالآخرين، لنكون متميزين شخصياً في علاقاتنا الاجتماعية.

M.alwohaib@gmail.com

@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي