No Script

قيم ومبادئ

لا تحوشك الحوبة!

تصغير
تكبير

اشتهر عند الكويتيين قديماً وحديثاً قولهم «هذي حوبة فلان»!

ويقصدون الشامتين أو الظالمين إذا أُصيبوا بمكروه، ولا يمكن أن نربط هذا بهذا لأنه من عِلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله.

والحوب، هو الإثم، ويكون إما بفعل حرام أو بترك واجب وبين الفعل والترك أفعال وأقوال ونيات لا يعلمها إلا الله تعالى... والنفس البشرية يطلق عليها الحوباء، وسميت بذلك لأنها مهيأة أن تفعل الإثم، كما أنها مهيأة لفعل الخير لأنّ الله تعالى ألهَمها فُجورها وتقواها وعرّفها طريق الخير وطريق الشر.

والنفس البشرية في غاية اللطف والخفة سريعة التنقل والحركة والتغيير والتأثير والانفعال وفيها من الهُموم والإرادات والمقاصد والحب والبغض، وهي التي لولاها لكان البدن مجرد صورة تمثال لا فائدة فيه، وهذا مشاهد في عالم المحسوس... انظروا الى الجنازة يثقل حملها ولو كان من مجموعة رجال لأن الروح غادرت الجسد فأصبح المحمول مادة فقط ثقيلة ثقل الطين!

ولعلّ من الحوبة التي نشاهدها اليوم وما فعلت في أهلها خصوصاً الذين ازدروا نعمة الله عليهم في الكويت من نعمة الأمن والأمان والرخاء والعيش الكريم، ولكنهم كابروا وأبوا إلا أن يظهروا الكويت بمظهر الفقر والظلم والعوز، وهم في ذلك يحدوهم الزهو والغرور والفخر والخيلاء واحتقار المخالف!

بل والفرح بإظهار المعايب والشماتة!

صنف آخر قد تكون جاءتهم الحوبة لجهة استأثروا بالمناصب وأحفوا بالمسألة واستقصدوا كل سبيل للمحافظة على الكرسي فهذا كله ثمرة الشح والشح يدعو إلى هضم الحقوق.

وفي المثل «من بغاه كله خلاه كله».

وثالثة الاثافي - كما يقال - من جاءتهم الحوبة من طول الأمل وتتوالى الغفلات والانشغال بتوافه الأمور!

قال العلماء من طال أمله، قلّت طاعته وتأخرت توبته وكثرت معصيته واشتد مرضه وقسا قلبه وارتكب محقرات الذنوب يستصغرها ولا يبالي بكثرتها ولا يزال الشيطان يهونها عليه والشيطان رضي من الإنسان مما يحتقره من الذنوب فهذه إذا اجتمعت في نفس الإنسان أهلكته ومعظم النار من مستصغر الشرر... فالبداية تكون نظرة، كما قال أحمد شوقي «نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ فكلامٌ فموعدٌ فلقاءٌ»... فهذه هي الحوبة!

والحوبة يحصل بها إتلاف المال ولو كان بالملايين، مثلما أتلف الله تعالى أموال أصحاب الجنة الذين غيّروا نيتهم من جني الثمار ليلاً واستبعدوا منها الفقراء، فجاءتهم جائحة سماوية أهلكت بساتينهم وأحرقت ثمارها وجعلتها هشيماً تذروه الرياح!

وهذا الإتلاف قد يكون عينا وقد يكون معنياً بذهاب بركة الأموال فترهقها النفقات العامة من الفواتير والأمراض والديون فلا يشعر بفائدة للمال ولا يطعم منه خيراً، وإذا أراد الله لعبده خيراً عجّل له عقوبة ذنبه في الدنيا وإذا أراد الله بعبده شراً أمسك عليه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة.

إن شماتة الأعداء أشد على النفوس من وقع السهام، وهي ما ينفر منها طباع البشر وقد يتسبّب عن ذلك تعاظم العداوة المفضية إلى استحلال ما حرّم الله، كما أنها تنكأ القلب والجروح القديمة، وعرف ذلك كل له صيت ومكانة عند الناس وجد نفسه بينهم كبهلوان يمشي على حبل عال والجو عاصف وجميع الأقران والحساد حبسوا أنفاسهم بانتظار متى ينزلق، فيشمتون به ومن أشق على المنزلق أن يذهب عليه رعاية مقامة عند الخلق (حتى لا يُحرق كرته!) فإنه يذوب قهراً بخلاف من يراعي الحق دائماً فإنه لا يبالي بالكلام ولو أظهر الجميع الشماتة به!

الخلاصة

قال حمد السعيدان - رحمه الله - في موسوعته: الحوبة هي العقوبة الإلهية تجاه الظالم حيث يقال عنه حاشته حوبة فلان (ويُعينون المظلوم).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي