No Script

التحديات الاقتصادية سترغمها على اتخاذ خيارات مستقبلية صعبة

ما هي رسائل حكومة «طالبان» للعالم؟

علم «الإمارة الإسلامية في أفغانستان" على الجدار الخارجي للسفارة الأميركية في كابول (أ ف ب)
علم «الإمارة الإسلامية في أفغانستان" على الجدار الخارجي للسفارة الأميركية في كابول (أ ف ب)
تصغير
تكبير

أعلنت حركة «طالبان»، الثلاثاء، ولادة حكومة «تصريف الأعمال» الجديدة، بعد السيطرة على ولاية بانشير القريبة من الحدود الباكستانية - الطاجيكية.

لكن اللافت أن خمسة من الوزراء، هم من سجناء غوانتانامو السابقين، بالإضافة إلى عدد محدود من الطاجيك والأوزبك، بينما لم يتم إشراك الهزارة (الشيعة) لأسباب عقائدية على الأرجح.

إلا أن الحكومة لم تكتمل بعد وبقيت مناصب شاغرة من دون أن يعني ذلك أن هذه المراكز ستغير اتجاه الحكومة المستقبلي.

ولم يكن جف حبر الإعلان عن الحكومة، حتى بدأ التحري عن الرسائل التي أرادت «طالبان» إطلاقها من طبيعة هذه الحكومة وتركيبتها.

عندما أبصرت الحكومة النور، أطلقت عليها «طالبان» حكومة تصريف أعمال، لأنها غير نهائية وقابلة للتعديل الوزاري في انتظار تثبيت الاستقرار وتحسين الأمن وإقامة العلاقات مع دول الجوار ودول العالم الإسلامي والعالم، لوقف التدهور الاقتصادي ودفع الرواتب المستحقة منذ أكثر من 9 أشهر.

فأولوية الحركة، تتمثل بتوفير فرص العمل وتقديم الخدمات الأولية لمنع خروج الأفغان من الفئات المختلفة وتحولهم لاجئين في دول أخرى.

وهنأ الزعيم الأعلى للحركة هبة الله أخوند زاده، الأفغان بالتحرر من الحكم الأجنبي و«هنأ الشعب بالحكومة الجديدة».

وقال «إنها ستلتزم الضوابط والشرائع الإسلامية وكل القوانين والمعاهدات الدولية التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية».

ولم تعين «طالبان» بعد، وزير الصحة ولا قاضي القضاة ولا المدعي العام ولا مناصب أخرى كنواب لوزراء.

ففي الحكومة الأفغانية عادة ما يُعيّن وزير ونائبان له، مالي وإداري، وتالياً، فقد أبقت الأبواب مفتوحة لمناصب إضافية لم تعين بعد.

ويعتقد قادة «طالبان» ان نجاح أي حركة لا يتم إلا بسواعد كوادرها المخلصة لها، وأن مشاركة أطراف أخرى بعيدة عن أهدافها سيفقدها صدقيتها تجاه الشعب والأطراف المتنامية في المحافظات المختلفة التي وحدها القتال ضد المحتل الأميركي. فجميع الأعضاء الـ33 من الحكومة والمناصب الأمنية والقيادية العليا، هم من صلب الحركة، الذين خدموا معها منذ عام 1995 وعدد من الجيل الجديد الذي ناضل في الأعوام الأخيرة للأهداف نفسها.

وتملك الحركة أوراق جيو - سياسية عدة، أهمها الأمن والاقتصاد. وقد تجلّى ذلك بدعوتها روسيا وقطر وإيران والهند وباكستان والصين وتركيا وغيرها إلى حفل تنصيب الحكومة الجديدة، حيث سيكون حاضراً ممثلون عن كل من المحافظات الـ 34 وممثلون عن دول أخرى.

وتحاول الحركة الإسلامية، بعث رسائل اطمئنان أمنية في الدرجة الأولى لدول الجوار وللعالم الغربي، لأن أي استثمار يحتاج للأمن في الدرجة الأولى.

ولهذا اختارت سراج الدين حقاني، وزيراً للداخلية، وهو الذي يتمتع بشعبية واحترام كبير داخل الحركة.

وعيّنت الملا محمد يعقوب، نجل الملا محمد عمر، وزيراً موقتاً للدفاع، بعدما أظهر كفاءة في فرض سلطته في اللحظة الأولى، عندما أصدر أوامره بمنع إطلاق النار ابتهاجاً بعدما أطلقت عناصر الحركة النار عند خروج القوات المحتلة. كما امتنع أفراد «طالبان» عن إطلاق النار عند إعلان السيطرة على بانشير.

وستبدأ وزارتا الداخلية والدفاع بالتنسيق في ما بينها، لدمج أفراد الحركة مع القوات الأمنية، وستبدأ برامج التدريب وإنشاء قوة تتعامل مع الداخل والتظاهرات وحقوق الإنسان، وفقاً للشريعة الإسلامية التي سيبنى عليها دستور «الإمارة الإسلامية» في أفغانستان.

وأطلقت «طالبان» رسائل في اتجاهات عدة، أعلنها أولاً وزير العدل عبدالحكيم شرعي منذ العام الماضي، أنه «لا يمكن السماح للمقاتلين الأجانب المتحالفين معنا بأي مساحة للعمل انطلاقاً من أفغانستان بعد التوصل إلى تفاهم مع أميركا».

أما اليوم فان جميع قادة الحركة المخولين بإعطاء تصريحات رسمية يؤكدون على منع انطلاق عمليات عسكرية ضد أي دولة مجاورة (الصين، روسيا، إيران وباكستان) أو أي دولة بعيدة (وهذا يتناقض مع أهداف تنظيم «القاعدة» بمقاتلة العدو الأميركي البعيد).

وكانت الحركة تحضرت لسنتين مقبلتين تخطط خلالهما لاستعادة المدن من الاحتلال الأميركي الذي لم يكن يريد الخروج بسهولة أو لم تثق «طالبان» بوعوده، خصوصاً بعدما قال الرئيس جو بايدن إنه يريد إبقاء قوة تحارب الإرهاب.

إلا أنها تفاجأت بسقوط الولايات الواحدة تلو الأخرى خصوصاً العاصمة كابول التي خرج منها الرئيس أشرف غني من دون تنسيق مع أحد.

فوُضع الجميع، بمن فيهم القوات الأميركية والحركة، أمام «أمر واقع» تسبب بخروج فوضوي للأميركيين ودخول «طالبان» العاصمة لمنع حدوث الفوضى والسرقات، كما قال الرئيس السابق حامد كرزي ورئيس المصالحة الوطنية عبدالله عبدالله.

ومن الواضح أن خطط اليوم ستوضع للسلام والبناء والاقتصاد والأمن بمدة من الزمن ما زالت قصيرة جداً، وتالياً فان «طالبان» تحتاج لوقت أطول بكثير للإمساك بالأمور الداخلية في شكل أفضل.

وستحاول أميركا الدخول مجدداً من أبواب الدعم الاقتصادي الذي التزمت به في اتفاق الدوحة، خوفاً من توجه أفغانستان نحو الصين وروسيا وإيران، واستخدامها كمنطلق لعمليات ضدها، خصوصاً ان «القاعدة» ما زالت هناك.

إلا أن أفغانستان تُحكم اليوم من قوة جديدة لا تريد سيطرة الأجنبي القريب أو البعيد، ومن المتوقع أن ترغمها التحديات الاقتصادية على اتخاذ خيارات مستقبلية صعبة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي