No Script

خواطر صعلوك

التوسعية من التوسع والإمبريالية من الأمبرة!

تصغير
تكبير

في مـسرحية الزعيـم للفنــان عـــادل إمــــام - والتي كان أول عرض لهـا في عـام 1993م - وفي افتتاحيــــة العرض، يخـــرج الزعيم ليخطب في الجماهير... وأهم ما جاء في خطبته خطر الإمبريالية والتوسعية... (التوسعية من التوسع والإمبريالية من الأمبرة)!

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ظهر اتجاه في الفن، أسموه «التبقيعية» وهو واحد من آخر تنويعات وباقات الفن التجريدي، وتقوم التبقيعية على أساس مبادئ الجمال الذاتي، بمعنى أن ما يراه الفنان جميلاً فهو الجمال، بعيداً عن الحس الجمعي وتفضيلات الجماهير.

وإذا كانت (التوسعية من التوسّع والإمبريالية من الأمبرة)،فإن التبقيعية من (البُقع) التي لا تستطيع منظفات الغسيل إزالتها... وطالما أن لون القذارة لا يقلّ جمالاً عن لون السماء، كما يعتقد أصحاب هذا الاتجاه!

ظهرت التبقيعية فــــي الرســـــم أولاً، وحــــاول الفنــــان فيها أن يعبر عن نفســـــه من خلال سكب كتل عشوائية لا شكــــل لهـــــا على قطــــع القماش، مستخدمــــــاً القطران والفحـــــم والرمل والزجاج وبعض المأكولات المتبقـــــية في منزله، ثم بعد ذلك يحضر في مؤتمر ويشرح لوحاته للجماهير تحت عنوان «الحلزونة يما الحلزونة»!

(مرجان أحمد مرجان)، فيلم كوميدي مصري من إنتاج سنة 2007، قدمه أيضاً الفنان عادل إمام الذي كان يحاول - رغم تجارية أفلامه - أن يرصد الحالة النخبوية للسادة المثقفين على عروش المؤتمرات وجوائز الدولة التقديرية.

و(الحلزونة انتحرت... كانت تعبانة، تعبانة، تعبانة...)!

ظهرت المدرسة التبقيعية في الكتابة أيضاً، وأصبح لدينا شعر لا يفهمه إلا صاحبه، مجموعة كبيرة من الجمل العشوائية فيها من كل الصور البلاغية من دون أن تشكل معنى متصلاً، يُستخدم فيها الأحزان كمشاعر والسوداوية كمدرسة، والهم والغم والتلاشي والدموع وسنابل الذرة وأمواج حُطام سفينة لم تجد لها مرسى وشرب القهوة في المساء والنوم على وسادة من مقولات كافكا!

إن الكتابة في جوهرها هي وصل المعنى بالمعنى، وانفصال الكلمات واتصال الجمل، أما التبقيعية التي من البقع... والتوسعية التي من التوسع... والإمبريالية التي من الأمبرة... فكلها حالات لا يُكتب لها الأثر والامتداد... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي