No Script

رأي قلمي

صافحته بحرارة...!

تصغير
تكبير

شخصية الإنسان مكوّنة من جوانب عديدة، منها الأفكار التي تصنع في العقل وتخزن في الذهن، والمشاعر التي تنطلق من القلب، والسلوكيات التي تبلورها الجوارح على شكل لغة جسدية يفهمها ويترجمها الآخرون بحسب حكمها سلبية أم إيجابية، لكن أهم ما يحتاج من مكونات الشخصية إلى موازنة دقيقة هما الجانبان العاطفي والعقلي.

ومهمة الجانب العاطفي إبقاء الإنسان في حالة من التوتر الحيوي الضروري للعمل والعطاء، وجعله يتواصل مع أسرته ومجتمعه بعلاقات حميمة ودافئة، وجعله يحس بآلام الآخرين، والأضرار التي تنزل بمن حوله.

أما الجانب العقلي فمجاله استخلاص العِبر من الماضي ووعي الحاضر والتخطيط للمستقبل. وكل إنسان يتمتّع بقدر ما من الجانب العاطفي والجانب العقلي، والمهم هو نسبة سيطرة كل منهما على السلوك الشخصي للإنسان.

وأثبتت الدراسات أن الجانب العاطفي لدى الشعوب الصناعية ضعيف، وعند الشعوب الأخرى قوي جداً على حين أن وضعية الجانب العقلي معكوسة. ومن الطرائف التي يتناقلونها «إنكليزي قال: نُتهم نحن الإنكليز ببرود العواطف، مع أن ابني حين جاء من الهند صافحته بحرارة»!

فحين يكون الموقف عاطفياً، فإن عظمة الرجال لا تظهر إلا بالشفافية والتأثر، وقد كان أعظم رجال الكون النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يبكي تأثراً على فقد عزيز أو انفعالاً بمشهد بائس، أو عند تذكر يوم القيامة وأهواله، وكان أصحابه الكرام كذلك.

وحين يكون المجال مجال تخطيط أو نقد أو تحليل أو مراجعة فإن القرآن الكريم يعلّمنا أن نتعامل مع الأمور بمنتهى العقلانية والتجرد والموضوعية.

إن الانفعال شرط لتفجير القدرة العالية، كما أن النضج العقلي شرط لامتلاك الإرادة الحرة، لا يستطع المرء أن يحقّق الكثير من دونهما.

ومن استوعب الدرس واتزن بالجانبين العاطفي والعقلي فبشّره بحياة مستقرة مطمئنة، قليلاً ما يشعر بمشاعر الاضطراب والانزعاج في حياته.

M.alwohaib@gmail.com

‏@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي