No Script

هل يُمكن للكويت أن تحذو حذو السعودية في توطين عدد من المهن؟

تكويت «الاستشارات القانونية»... تطلّعٌ مبعثه دعم الكفاءات وتحفّظٌ يفرضه الواقع

تصغير
تكبير

أثار قرار المملكة العربية السعودية، أخيراً، بإضافة عدد من المهن الجديدة إلى برنامج التوطين، وقصر ممارستها على المواطنين السعوديين، تساؤلات عن مدى قدرة الكويت على الاستفادة من التجربة السعودية، لاسيما في المهن التي يُمكن السير في تكويتها، من دون عوائق تتعلّق بالإقبال على هذه المهن.

وفيما شملت القرارات السعودية الأخيرة توطين مهن وأنشطة الاستشارات القانونية ومكاتب المحاماة، استطلعت «الراي» آراء قانونيين حيال مدى تطبيق تكويت هذه المهن والأنشطة، فأكدوا أهمية هذه الخطوة، لما لذلك من انعكاسات إيجابية في حل قضية البطالة واحتواء خريجي الحقوق، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن الواقع يفرض ضوابط ودعماً إضافياً لتحقيق الهدف المنشود، مثل دعم شركات المحاماة وتحسين بيئة العمل نحو التقاضي الإلكتروني.

وشدّد القانونيون على أن هذه الخطوة تفرض خطوات استباقية، مثل أن تتطور كلية الحقوق في إفراز طلبة متخصصين في مجالات القانون، إذ ان التخصص سيُساهم في استيعاب سوق العمل للطلبة الخريجين الذين يملكون مؤهلات للعمل في وظائف خاصة، مثل شركات التأمين والاستثمار والعاملين في الصناديق والمحافظ الاستثمارية، بحيث يكون الطلبة الخريجون متخصصين في القانون الخاص وقانون الشركات وهيئة أسواق المال.

ورأوا أن القطاع القانوني مازال بحاجة كبيرة جداً إلى الخبراء من الكفاءات، إذ إن الخبرة الكويتية الحالية لا تُسعف النهوض بهذا القطاع، لاسيما أن بحار القانون كبيرة ودروبه تصعب على سالكيها، إلّا مَنْ كان حاذقاً في عمله وصاحب خبرة وعلم غزير، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلّا بالتعاون بين الكفاءات من الخبراء الوافدة والمحلية.

«ننشد التكويت في شكل أكبر بالقضاء»

علي الصابري: القطاعات القانونية زاخرة بالكفاءات الوطنية

قال المحامي علي الصابري إن «القرار مشابه لقانون المحاماة رقم 62 لسنة 1996 الذي نص على عدم مزاولة غير الكويتي في المادة 2 ويعاقب مَنْ يزاول المهنة دون ترخيص ومخالفةً للقانون وفق المادة 46 التي أحالت لجريمة النصب».

في حال تطبيق قرار تكويت الاستشارات القانونية ومكاتب المحاماة، وخلق فرص وظيفية للشباب، قال الصابري، «نحن ننشد التكويت في شكل أكبر في السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والذي سينعكس على المهن الخاصة، وبالتالي نستطيع تطبيقه من خلال منع المسميات القانونية مثال باحث قانوني في نظام الهيئة العامة للقوى العاملة».

وعما إذا كان القطاع القانوني لايزال بحاجة إلى الكفاءات من الخبرات الوافدة، أكد الصابري أنه «بعد مرور أكثر من ربع قرن واستقرار المبادئ في محاكم التمييز فلا نحتاج للخبرة، إذ ان القطاعات القانونية أصبحت زاخرة بالكفاءات الوطنية».

«شركات المحاماة تُساعد على توطين وظائف القطاع باعتبارها استثماراً»

محمد جاسم دشتي: 1000 خريج حقوق لا يوجد سوق عمل يستوعبهم

أكد المحامي محمد جاسم دشتي، أن «هناك أزمة توظيف يجب أن تُحل بفتح مجال الاستثمار وتوسعة الأنشطة وهي متصلة بشكل وثيق بازدهار النشاط التجاري والاقتصادي في البلاد والذي يرتبط به عدة قطاعات مثل قطاع المحاماة».

وقال دشتي: «لدينا أكثر من ألف خريج لتخصص الحقوق، منهم 500 من خريجي كلية الحقوق بجامعة الكويت ومثلهم من الجامعات الخاصة وفي الخارج»، مبيناً أنه «في الواقع لا يوجد سوق عمل يستوعب جميع هؤلاء الخريجين، إلى جانب أن خلق فرص وظيفية واجب على الدولة في توفيرها وفي إعداد الأرضية المناسبة لها».

وقدّم دشتي منظوراً في توظيف الشباب الكويتي مع الاستفادة مما اكتسبوه من تعليم، من خلال إعادة النظر في آلية التعليم، مبيناً أن دارسي الحقوق يتعلّمون عموميات القانون، ولا يوجد تخصص إلّا في الدراسات العليا.

وأكد ضرورة أن تتطور كلية الحقوق في إفراز طلبة متخصصين في مجالات القانون، إذ إن التخصص سيساهم في استيعاب سوق العمل للطلبة الخريجين الذين يملكون مؤهلات للعمل في وظائف خاصة مثل شركات التأمين والاستثمار والعاملين في الصناديق والمحافظ الاستثمارية، بحيث يكون الطلبة الخريجون متخصصين في القانون الخاص وقانون الشركات وهيئة أسواق المال.

وعن مكاتب المحاماة، قال دشتي إن «مهنة المحاماة تضم العديد من الجنسيات، فالمكاتب ليست وطنية خالصة بل مختلطة ويعود ذلك لأسباب اقتصادية وعملية منها بسبب عامل الخبرة وكذلك لم يكن هناك شركات للمحاماة»، متوقعاً أنها ستتطوّر مع الوقت بعدما تم في الفترة الأخيرة ترخيص لشركات خاصة عدة في المحاماة، وهذا سيؤدي إلى أن العامل أو القانوني ممكن أن يكون شريكاً في شركة يدفع جزءاً من حصتها أو مقابل ما يؤديه من أعمال، وبالتالي هذا نوع من الاستثمار بحيث يستثمر الانسان في علمه ووظيفته، وهذا هو أساس العمل في القطاع الخاص.

وذكر أن «شركات المحاماة ستساعد على توطين الوظائف في قطاع المحاماة باعتبار بأنها استثمار خالص بحيث يكون رأس المال مملوكاً بالكامل للشركاء».

وأضاف دشتي: «لست ضد التوطين، لكن ضد أن يكون هناك فرض على اختيار نوعية العمل، لأن نوعية العمل لا ترتبط بجنسية العامل»، لافتاً إلى أن ازدهار النشاط الاقتصادي الذي ترتبط به قطاعات عدة مثل المحاماة وهو ما سيساهم في تلافي وجود محامين يتربحون على ازدهار الجريمة.

وأشار إلى أن «توطين الوظائف الخاصة للمواطنين هو جزء من حل المشكلة، لكن حل مشكلة البطالة يجب أن يكون أولاً من باب أن تكون هناك قرارات فعلية، منها أن هيئة الاستثمار ومؤسسة التأمينات وهيئة شؤون القُصّر يجب أن تستثمر في شركات المحاماة الجديدة، بحيث يكون هناك مكتب محاماة عالمي مدعوم من الدولة باستثمارات من الأموال العامة، إلى جانب المساهمة في شركات المحاماة ومن ثم سيكون من المقبول منها أن تفرض ما تفرضه من قواعد خاصة بتوظيف الكويتيين».

«الخبرة الحالية لا تُسعف النهوض بالقطاع»

بدر الحسيني: لا يُمكن تطبيقه نظراً لطبيعة نظام التقاضي في الكويت

رأى المحامي بدر الحسيني، أنه «في الوقت الحالي لا يُمكن تطبيق مثل هذا القرار في دولة الكويت نظراً لاختلاف نظام التقاضي في الكويت عنه في السعودية، فالعمل في مجال المحاماة لا يقوم فقط على الاستشارات القانونية، ولكن يشمل إقامة الدعاوى والحضور أمام المحاكم بدرجاتها المختلفة، وما يتبع ذلك من إجراءات إدارية وتنفيذية يلزمها مندوبون ومساعدون للمحامي وهذا العمل يشق على المحامي وحده القيام به فضلاً عن عدم وجود كوادر تغطي كل الاستشارات القانونية في جميع أفرع القانون المختلفة».

وأضاف: «لا ينكر أحد وجود كفاءات وطنية كثيرة في مجال القانون ولكنها غير كافية في الوقت الحالي لتغطية كل الأعمال القانونية والإدارية التي يتطلبها عمل مكاتب المحاماة».

وفي حال تطبيق قرار تكويت (الاستشارات القانونية ومكاتب المحاماة)، وخلق فرص وظيفية للشباب، قال الحسيني: «نعم سيكون هناك فرصة للشباب ولكن بشرط أن يكون هؤلاء الشباب قادرين على العمل في مثل هذا المجال، فمهنة المحاماة شاقة ومتعبة، وينأى الكثير من الشباب بنفسه من الولوج في معتركها لوعورتها، كما تتطلّب خبرة ودراية في الأعمال والمواعيد، لذلك ونحو الاتجاه لتوفير فرص عمل للشباب قامت جمعية المحامين الكويتية بالتعاون مع الهيئة العامة للشباب بإعداد أول برنامج تدريبي لتأهيل خريجي دبلوم القانون لتهيئة الشباب لوظيفة مساعد محام قانوني ويُعد هذا البرنامج التدريبي الأول من نوعه في دولة الكويت وخطوة ممتازة نحو دعم الشباب وخلق فرص وظيفية لهم».

ورأى الحسيني أن «القطاع مازال بحاجة كبيرة إلى الخبراء من الكفاءات، إذ إن الخبرة الكويتية الحالية لا تسعف النهوض بهذا القطاع، حيث أن بحار القانون كبيرة و دروبه تصعب على سالكيها».

«مثل هذه القرارات قد تتسم بعيب عدم المشروعية لمُخالفتها للدستور وللقانون»

فواز الخطيب: القطاع القانوني لا يستطيع الاستغناء عن العنصر الأجنبي

استبعد الدكتور المحامي فواز الخطيب إمكانية تطبيق قرار توطين العمل في مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية للمواطنين، مبيناً أن مثل هذه القرارات قد تتسم بعيب عدم المشروعية لمُخالفتها للدستور وللقانون، فضلاً عن أنها تتعارض مع حق حرية العمل وحق المُساواة وعدم التمييز في إطار القانون الكويتي، وتصطدم مع توجهات الدولة في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري.

وقال الخطيب إن «خلق فرص عمل للكويتيين يجب أن يبنى على الأساس الصحيح، وهو تعزيز العمل الخاص وتنمية القطاع الخاص وإدخال العنصر الأجنبي وعدم إقصائه، وذلك من خلال تشجيع العنصر الأجنبي للاستثمار في الكويت بشكل مباشر، وفرض نسبة عمالة وطنية عليه وليس العكس، فالغاية جعل الدولة شاملة للاستثمار الوطني إلى جانب الاستثمار الأجنبي وخبرته وجذبه وإشعاره بالأمان».

وذكر أن «القطاع القانوني في الكويت لا يستطيع أن يستغني عن العنصر الأجنبي، فدراسة القانون الوضعي بوجه عام والعمل به من خلال الاستشارات القانونية قائم على الدراسة المقارنة بين القوانين على مستوى مختلف المجتمعات العربية والأجنبية، ولا شك أن المكاتب الأجنبية القانونية العالمية لها دور فعّال في تنمية الفكر القانوني بما يخدم البشرية، كما أن طبيعة المجتمع الكويتي وتعداده يُحَتم عليه الاستعانة بالعنصر الأجنبي والأخذ بخبراته، ويجب أن يكون معيار التعيين في القطاع الخاص هو الكفاءة والخبرة والعطاء والإنتاجية والتخصص وليس الجنسية، واليوم تتميز المُجتمعات الحديثة بالتخصص الشديد وتقسيم العمل والإنتاج، والطرح المُغاير غير محمود ولا يُحقق التنمية الإقتصادية وزيادة الإنتاج، ولا ننسى بأن العمالة الأجنبية جاءت لخدمتنا مع تلبية احتياجاتها، ولا يمكن للأمة أن ترفع من شأنها إلّا بتعظيم العائد من الموارد البشرية الخبيرة وتحسين الإنتاج بشكل مؤسسي بالاستعانة بالمهارات».

وختم بأن «ما يجب أن نسعى إليه في الكويت، مع مراعاة خصوصية مُجتمعنا، هو تنمية الاقتصاد وتوفير نوعية حياة أفضل، بعيداً عن الخطاب التمييزي الذي يُثار من بعض العوام في ظل هذه الظروف والذي يجب أن يواجه من خلال سن قانون مكافحة التمييز وعدم المساواة».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي