No Script

رأي قلمي

الكمال لكتابه...!

تصغير
تكبير

ورثنا عن الآباء والأجداد الكثير من التجارب النافعة، كما أنهم ورّثوا لنا تركة مثقلة بالمشكلات. ومن حقنا كورثة أن نسلط الضوء على ما ورثناه ونحاول الانتفاع بالجيد وفرز الرديء.

ما دام ليس من الصواب رفضه جملة واحدة، أو قبوله جملة واحدة، وعلينا ألا نسمح للأخطاء أن تستشري بنا مهما كان نوعها.

إن الحكم بالخطأ لا يقتضي اللوم دائماً، لأن العقل الإنساني محدود، وهو لا يبصر الأشياء إلا ضمن حدود الزمان والمكان و قيودهما، ومن ثم فإن القصور لابد واقع في منتجات العقل كلها. لذا من يعتقد أن النقد خطأ أو انحراف فهو يظل ضرورة حيوية، لأن النقد برهان ساطع على التقدم المعرفي، وعلى أن جهود العلماء مصيبها ومخطئها قد قامت بوظيفتها حين رفعت درجة وعينا وخبرتنا وتقنيتنا وساعدتنا على أن نتجاوزها ونتمكن من نقدها وتقويمها.

إن النقد مهم في حياتنا وتكمن أهميته في أنه يسهم في بلورة وعينا بذاتنا من خلال منحه المحددات والمشخّصات لأبعاد هذا الوعي ومفاصله ومحصلاته، حيث نحاول أن نجعل منه ذاتاً لا استمرارية للسياقات والمعطيات السابقة.

ونجعل مما ننقد موضوعاً نعمل فيه وعينا وخبراتنا المتراكمة، وذلك للمحافظة على التواصل مع أهدافنا والاتجاه الذي رسمناه لأنفسنا. كما أن النقد يساعدنا على النجاة من تكرير الأخطاء السابقة، فالنقد يدل على إدراك الخطأ وتشخيصه ورفضه، وحين يُتبع بالتعليل المنهجي والمنطقي والتجريبي فإنه يمنحنا حصانة ضد الرجوع والتلوث بأوحال الأخطاء السابقة. ومن يمارس على نفسه النقد المنهجي فعليه بامتلاك التفكير السببي المنطقي، والتمتع بالحس النقدي، والتمكن من الحصول على رؤية حضارية شاملة، لإدراك كل العناصر والأبعاد اللازمة وعدم الانسياق وراء عنصر من عناصر البناء، أو الانجراف في تيارات المبالغات وردود الأفعال والرؤى الوقتية.

كتب أحد الأقدمين: فقد أبى الله تعالى الكمال إلا لكتابه، والعصمة إلا لأنبيائه.

M.alwohaib@gmail.com

‏@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي