No Script

رواق الفكر

الفهم... أولاً

تصغير
تكبير

يعد حفظ المعلومات وتذكّرها الشغل الشاغل عند كثير من المثقفين.

ومن الأخطاء الإشاعة في أوساط الناس أن من يحفظ المعلومة ويعرف الإجابة هو المثقف والذكي الألمعي...! والحقيقة أن الفهم الدقيق هو المستوى الأعلى من حفظ المعلومات وتذكرها... أن تفهم المعاني والمفاهيم والقيم لا حفظها وترديدها! أن تفهم أطباع الناس لا حفظ أسمائهم وأجناسهم! أن تفهم دوافع الآخرين... أن تفهم سلوك البشر وعاداتهم لا حفظ أشكالهم والوانهم! أن تفهم حركة التاريخ ودورات الأيام، وتدرك سنن الحياة ونواميس الكون في الأفراد والجماعات والدول والحضارات الإنسانية.

الملاحظ أن كثيراً من برامج الإعلام يتركز على المحفوظات... والجوائز تقدم لمن يعرف الإجابة! فينشأ المتلقي على حشو الذهن بمعلومات مبتورة من سياقها، ومن ثم تنشأ أزمة الفهم ! لدينا أزمة فهم...! نعم وهي أزمة حقيقية... أزمة في فهم سنن الاختلاف بين البشر، فهم سنن التنوع... أزمة فهم طبيعة الصراع الإنساني والحضاري.

القرآن الكريم يحدثنا كثيراً عن هذه الأبعاد وينبه عليها... أن نفهم العلم لا أن نحفظه مع أهميته، فكثيراً ما عادى عامة الناس دعوات الأنبياء والمصلحين بسبب عدم فهمهم! وكثيراً ما ابتليت الأسر بالطلاق بسبب أزمة الفهم بين الزوجين ! فالفهم إدراك للمعنى المقصود، ومعرفة صحيحة للمراد.

فتفاوت الناس في الأفهام والمدارك وتنوع المشارب والبيئات، أدى إلى اختلاف الأحكام والآراء... فالتنوع البشري قديم، قدم الإنسان، ولن تتحد البشرية تحت فهم واحد! واحتياج الإنسان عبر التاريخ للتكامل مع غيره من بني جنسه، أمر طبيعي ولولا ذلك لما تشكلت الحضارات... ولن يتم التعارف الحقيقي من دون فهم بعضنا لبعض... وحلم التعايش بين بني البشر في مكان في العالم يبدأ من الفهم... فهم بعضنا... قيمنا... أهدافنا وأحلامنا... آمالنا وآلامنا... والنضج الحقيقي من وجهة نظري يكون من خلال التعاون والتكامل بين مكونات المجتمع، لهدف البناء والتنمية... وهذا لا يكون قبل أن نفهم بعضنا البعض... فهل نفهم ؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي