No Script

رأي قلمي

ضد التفجر والانهيار...!

تصغير
تكبير

إن وجود مشكلات في حياة الناس هو الأصل، وليس علامة مرض، فالعيش السهل والإحساس بأن كل شيء على ما يرام، قد يكون هو المدخل لتحليل الشخصية، على حين أن وجود المشكلات، ووجود بعض الظروف المعاكسة، يصلّب لدينا روح المقاومة، ويستخرج أفضل ما لدينا من طاقات كامنة، كما يصقل خبراتنا وينميها.

إن الاعتراف بأننا نعاني من وجود مشكلات معينة عامل أمان ضد تفجر المجتمع من الداخل، وضد الانهيار السريع الذي يمكن أن يحدث عند تجاهل ما يتراكم من أخطاء وخطايا.

صحيح أن الاعتراف بالحقيقة مر في كثير من الأحيان، لكن لا يمكن السير في طريق الشفاء من دونه، والاعتراف بالمشكلة على ما هي عليه من دون محاولة طمسها أو تشويهها أمّر من الاعتراف بها.

إذا كان الناس لا يشعرون أنهم مرضى أو بحاجة إلى علاج، إذاً ما فائدة أطباء ومستشفيات وأدوية.

كثير من المشكلات التي تواجهنا أشبه بمرض السرطان في محورية مرحلة الكشف عنه في الشفاء منه، فكلما كان الاكتشاف مبكراً كان الأمل في الشفاء أكبر، ولذا فإن إهمال المشكلة لن يحلها، وإنما يجعل حلها يتجه نحو الأسوأ، كما يحل الموت مشكلة الأمراض المعضلة والمستعصية، قد نحتاج إلى بعض الوقت حتى نتقبل المشكلة، ونفسح لها مكاناً في مشاعرنا واهتماماتنا وهذا طبيعي.

كثير من الناس ينتابهم شعور غامض بوجود مشكلة في حياتهم دون أن يتمكنوا من تحديدها، وعندما نتمكن من توصيف مشكلة على نحو جيد، ممكن أن نستبشر بأنها مشكلة محلولة جزئياً. وعلينا هنا أن نحذر من أن نفكر في تحديد مشكلاتنا ونحن في حالة من الخوف أو الاكتئاب، حيث ذلك يجعل المشكلة تبدو كبيرة ومعقدة، على حين أن النظر إليها ونحن في حالة ثقة وتفاؤل وراحة من الضغوط يجعلها تبدو أصغر، وسوف تصغر أكثر فأكثر عندما نبدأ بمواجهتها.

وما يساعد على تحديد المشكلة أن يتحدث صاحبها إلى من يثق به ويعرفه معرفة جيدة، فالأصدقاء القريبون جداً يشكلون انطباعات واضحة عن أصدقائهم في العادة، وتلك الانطباعات ستلقي المزيد من الضوء على المشكلات التي يعانون منها.

إن معظم الأسر تكون تربيتها ونظمها وأوضاعها العامة تشجع على الغموض وعلى الهروب نحو الأمام، وإلى جانب ذلك نحن قلّما نملك الشجاعة على الاعتراف بأخطائها، وقليل منها من يُقدم على تحمل المسؤولية عن تصرفاتها، وهذا كله يجعل المجتمع يظهر بمظهر المعافى، وهو يعاني من علل ومشكلات فتاكة.

لنجعل من المشكلات والأزمات نقاط انطلاق جديدة، ولنكتشف من خلالها قدراتنا الكامنة، ولنجدد من خلالها أساليب عيشنا ووسائل إنتاجنا، وبذلك تصبح المحنة منحة، وننجح في الابتلاء.

M.alwohaib@gmail.com

‏@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي