«الراي» تفتح ملف الرقابة الفنية (2 / 2) منتجو الدراما لـ «الراي»: وجود «لجنة إجازة النصوص» غير مُجدٍ

هل تسبّبت «الرقابة الفنية»... في هجرة الفنان الكويتي؟

تصغير
تكبير

- عبدالله بوشهري: «لجنة إجازة النصوص» أثبتت عدم فاعليتها
- عبدالله السلمان: بعض المنتجين... يشطحون بأشياء تؤثر على الكل
- عبدال: الرقابة تحافظ على قيم المجتمع وعاداته... من الانفلات
- عبدالأمير: سيكون الإنجاز أسرع... إذا أُلغيت «لجنة إجازة النصوص»
- المسلم: تعيين كوادر كويتية... ليكون سوقاً واعداً وليس طارداً

«هجرة الفنان الكويتي... سببها الرقابة»!

فقد توحّدت آراء بعض المنتجين في الوسط الفني، ممن حمّلوا «رقابة المصنفات الفنية» و«لجنة إجازة النصوص» في وزارة الإعلام المسؤولية كاملة في قتل العمل الإبداعي وعرقلته، بعد أن كانت الكويت «هوليوود الخليج» ومنارة من منارات الفن العربي.

وكانت «الراي» قد التقت عدداً من صنّاع الدراما التلفزيونية من خلال هذا الاستطلاع، لسؤالهم عمّا إذا كان حقاً ما يُشاع بأن الفنان الكويتي بحكم المطرود من بلده، خصوصاً أن هناك من اضطر إلى تصوير أعماله في الخارج؟... وحول ما إذا كانوا يؤيدون لجنة إجازة النصوص، وعودة المنتج المنفذ إلى تلفزيون الكويت مثلما كانت عليها الحال في السابق؟

ودعا عدد منهم «مقص الرقيب» إلى إتاحة فسحة من الحرية في الطرح الهادف والبناء، الذي لا يتعارض مع المحاذير التي صدرت عن قانون المرئي والمسموع، في حين يرى البعض الآخر أن الرقابة تحافظ على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، وهي صمام أمان للسيطرة على زمام الدراما من الانفلات.

«البيروقراطية»

يقول المنتج عبدالله بوشهري: «تعتبر الرقابة من أهم المعوقات بالنسبة إليّ كمنتج، خصوصاً في ظل صعوبة الإجراءات التي تضعها لإنتاج عمل فني قبل بيعه إلى تلفزيون الكويت، والدليل ما نراه من هجرة للأعمال الكويتية إلى دول خليجية أخرى، كمسلسل (مارغريت) للفنانة القديرة حياة الفهد، ومسلسل (دف وكفوف) للفنانة هدى حسين، حيث جرى تصويرهما في مملكة البحرين، وقد تكون هناك أعمال أخرى اضطر صنّاعها لتصويرها في الخارج، نظراً لصعوبة تنفيذها في الكويت بسبب تلك الاجراءات».

وأضاف: «لقد كان تلفزيون الكويت سباقاً في استقطاب جميع النجوم الكويتيين، لكننا صرنا نشهد اليوم غياب الكثير من النجوم، لا سيما الفنانة القديرة سعاد عبدالله التي غابت هذا العام - ولغيابها أسباب لا نعلمها - عطفاً على أن أعمال الفنانة القديرة حياة الفهد أصبحت تذهب إلى قنوات خليجية وعربية أخرى للسنة الثانية أو الثالثة على ما أعتقد، وكذلك الحال مع الفنانة هدى حسين، فضلاً عن صديقي المخرج محمد دحام الشمري، الذي لم نعد نرَ له أعمالاً على تلفزيون الكويت».

ومضى يقول: «هناك إشكالية في آلية تقديم الأعمال، سببها البيروقراطية والدورة المستندية، وكميات كبيرة من الأوراق، وقد تكون الواسطة والمحسوبية طرفاً في تلك الإشكالية (الله أعلم)، ولكننا أمام صعوبات جمة يواجهها المنتج، تتمثل بإنتاج الأعمال وصعوبة تنفيذها في الكويت، في ظل وجود لجان يُفترض بها تذليل الصعوبات أمام العمل الإبداعي وليس قتله أو عرقلته، لأن الكويت (هوليوود الخليج) ومنارة الفن».

ولفت بوشهري إلى أن وجود لجنة إجازة النصوص أصبح غير مُجدٍ وأثبت عدم فاعليته، مُطلقاً نداء الاستغاثة إلى وزير الإعلام بالعودة إلى النظام السابق في تلفزيون الكويت حتى يتسنى لكل منتج معرفة ما له وما عليه من المحاذير الرقابية الأساسية التي تطلبها (الإعلام) من المنتج والتي على ضوئها يقوم الأخير بتنفيذ أعماله على مسؤوليته الخاصة بمجرد حصوله على إذن تصوير، «ومن بعدها تكون حرية الشراء من عدمه لتلفزيون الكويت، وإذا خالف المنتج هذه المحاذير تتم معاقبته».

«فسحة من الحرية»

بدوره، قال المنتج عبدالله السلمان: «لا يختلف اثنان على أن الرقابة أضحت تعرقل العمل الفني في الكويت، فهناك قضايا معينة قد تكون نوعاً ما حسّاسة لا يمكن معالجتها، مع أنها ليست من ضمن المحاذير التي صدرت عن قانون المرئي والمسموع، وهي عدم التعرض للذات الإلهية، وعدم التعرض للأنبياء عليهم السلام، وعدم التعرض للذات الأميرية، إلى جانب عدم التعرض للقضاة ووكلاء النيابة، وهذا لا خلاف عليه. وغير ذلك لا يوجد محاذير أخرى، عدا تلك التي تخالف العادات والتقاليد، ونحن ليس لدينا مشكلة مع هذا الأمر».

واستدرك قائلاً: «لكن لماذا لا تكون هناك فسحة من الحرية لتسليط الضوء على قضايا مهمة، مثل انتقاد وزير ما أو مسؤول فاسد، عوضاً عن طرح موضوعات أخرى مثل الزواج والطلاق والحب، وعلاقات قد تكون محرمة، ويكون خطرها أكبر على المجتمع؟».

وذكر أن لجنة إجازة النصوص لم تكن موجودة في الأساس، قبل أن يضعها وزير الإعلام الأسبق الشيخ سلمان الحمود، مشيراً إلى أنه ليس ضد إلغائها، «لأن بعض المنتجين - للأسف - يشطحون بأشياء تؤثر على الكل، والأفضل أن يتم مشاهدة العمل مرئياً لا ورقياً من قبل اللجنة بعد تصويره بالكامل لدرء الأخطاء الرقابية الفادحة».

وأوضح أن بعض الفنانين اتجهوا إلى السوق الخليجية لبيع أعمالهم إلى قنوات أخرى، «وينبغي على الكويت أن تفتح المجال للأعمال المحلية وألاّ تضيّق الخناق عليها، فلو نظرنا إلى الدراما السعودية لوجدنا الانفتاح في فضاء العمل الإبداعي جلياً، رغم أن الكويت كانت السباقة في هذا المجال».

وعمّا إذا كان يؤيد عودة المنتج المنفذ إلى تلفزيون الكويت بآلية جديدة وبأسعار مختلفة، علّق السلمان: «لديّ وجهة نظر معينة بهذا الخصوص، فعودة المنتج المنفذ ترتبط بالعدالة والمساواة، بمعنى ألا تكون هناك محاباة لجهة على حساب جهة أخرى، أو يتم التركيز على عدد بعينه من الشركات مع إعطائها الفرص للحصول على حقوق المنتج المنفذ، في حين تستبعد شركات أخرى، والمفروض أن تقوم وزارة الإعلام بتوزيع الأدوار لكل شركة مرة واحدة في السنة حتى يحصل الجميع على فرصته، ومن ثم تكون العقوبة على كل شركة تقدم عملاً سيئاً بحرمانها لفترة لا تقل عن 5 سنوات».

«المحافظة على قيم المجتمع»

من جهته، قال المخرج مناف عبدال إن الرقابة تحافظ على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، وأنا مع وجودها، «لأنه إذا انفلت الموضوع فسنصل إلى مرحلة من الضياع، فهناك بعض الأعمال نراها مبتعدة عن العادات والتقاليد، خصوصاً في شهر رمضان المبارك»، مردفاً: «كما أن الرقابة هي التي تحمي الأعمال الدرامية وقيم المجتمع، ووجودها ضروري للسيطرة على زمام الدراما التلفزيونية».

وأشار إلى أنه لا يؤيد فكرة إلغاء لجنة إجازة النصوص، موضحاً أنه لا بد من وجود أعضاء متمرسين في الدراما أو المسرح ولديهم خبرة في الأعمال الفنية المختلفة، «مع احترامي لوجود أديب مثلاً، ولكن الأديب ليس لديه ممارسة في الدراما أو المسرح».

ولفت إلى أن الفنان الكويتي أصبح حراً، ويستطيع أن يصور داخل الكويت أو خارجها، متمنياً عودة المنتج المنفذ إلى تلفزيون الكويت، «وأن يكون هناك آلية جديدة».

«المنتج رقيب نفسه»

ويرى الفنان والمنتج باسم عبدالأمير أن هناك شقين لإلغاء لجنة إجازة النصوص، «أولهما أن يكون المنتج رقيب نفسه وهذا ما سوف يزيد من حجم المسؤولية المجتمعية عليه، والشق الثاني أن يصور عمله الفني وبعد ما ينتهي يتم عرضه على اللجنة، وفي كلتا الحالتين سيكون المنتج حريصاً كل الحرص حتى لا يتعرّض عمله للرفض»، مبيناً أن الاجتماعات في اللجنة تتأخر قرابة الشهرين للموافقة على الأعمال الفنية، «فإذا تم إلغاؤها فسيكون الإنجاز أسرع».

وحول هجرة بعض الأعمال الكويتية لتصويرها في الخارج، ردّ عبدالأمير: «أحياناً يضطر الفنان للتصوير في البحرين مثلاً، وذلك لوجود قرية تراثية هناك، وهذا ما نتمنى أن يكون موجوداً لدينا في الكويت»، متسائلاً: «لماذا لا يكون لدينا مدينة إنتاج إعلامية مصغرة؟... لا سيما وأن الأعمال الكويتية تصل إلى 50 عملاً سنوياً، وهذا الكم يستهلك عمل الكثير من الديكورات في (اللوكيشنات) وقد تصل إلى حد البناء بالطابوق وتكون كلفتها باهظة جداً، كما أنه بعد الانتهاء من التصوير يتم هدمها مرة أخرى!».

معرباً عن أمله في إنشاء مدينة إعلامية، «حتى لا نحتاج إلى السفر خارج الكويت، وفي الوقت نفسه نقوم نحن باستقطاب الأعمال الفنية من الخارج».

وعن عودة المنتج المنفذ إلى التلفزيون قال عبدالأمير: «أؤيد عودته، ولكن بآلية جديدة بأن يكون النص جيداً وتكون الأسعار حسب قوة النص، حتى يكون التنافس بين المنتجين عادلاً».

«شركاتنا تصوّر في الخارج منذ 35 عاماً»

في غضون ذلك، قال الفنان والمنتج عبدالعزيز المسلم: «الرقابة من شأنها أن تُنظم العمل الفني في الكويت، وفي كل دولة متقدمة نجد قانوناً ينظم الرقابة وحقوق الملكية الفكرية، ولهم كل الشكر والتقدير والثناء على جهودهم في تنظيم الرقابة وتحملهم المسؤولية بعد أن تخلّى تلفزيون الكويت عنها، والشكر لقطاع المصنفات الفنية بوزارة الإعلام».

وأضاف «إذا لك حق تأخذه وأبواب الرقابة مفتوحة، وأحياناً قد تتأخر إجازة النصوص وممكن معالجة هذه المشكلة بوضع مدة لا يتجاوزها القطاع، وحلّ بعض السلبيات وأهمها إجازة النص فقط لمدة عام، فعندما يُجاز وتدفع حقوق المؤلف والسيناريو وتتأخر في إنتاجه، وتنتهي الإجازة وتتغير اللجنة ويرفض النص ستدخل وزارة الإعلام بحرج كبير ويُحرج اللجان والمسؤولين السابقين الذين أجازوا النص، وهنا يكون لديك كتاب موافقة وكتاب رفض ويقع المنتج بخسائر، ولحل هذه المشكلة لا بد من قرار داخلي بإجازة النص لمرة واحدة، عدا النصوص السياسية أو الوثائقية ممكن بعد 3 أعوام تُلغى إجازتها ما لم تنتج وتجدد إجازتها ثانية».

ولفت المسلم إلى أنه يؤيد وجود لجنة إجازة النصوص وبشدة، «وذلك حماية لنا وللمشاهدين، رغم أن لديّ رقابة ذاتية ومراقبين خاصين على أعمالي، إلا أنني أتشرف بوجود عين أخرى مسؤولة أمام الله ثم الوطن والمواطنين عن سلامة فكر أعمالي التي أقدمها للجمهور، والحمد لله فأنا أشعر بالراحة والسعاده عند إجازة إنتاج النص من جانب المصنفات الفنية بوزارة الإعلام، وأرفض إلغاء الرقابة، وإذا ألغيت الرقابة لا قدر الله فسأطالب وزير الإعلام بإرجاعها وفق ضوابط تساهم في تطوير إجازة النص حتى لا تدخل المزاجية أو خلافات في التفسير، فالمحاذير واضحة وضوح الشمس، وقد تحتاج وزارة الإعلام لسن قانون لعدم المساس بحرية الكاتب والتعدي على رأيه الذي كفله له الدستور في التعبير عن رأيه وفق القانون».

وعمّا إذا أصبح الفنان الكويتي بحكم المطرود من بلده، خصوصاً وأن البعض يضطر إلى التصوير في الخارج، علّق قائلاً: «منذ أكثر من 35 عاماً وشركاتنا تصور خارج الكويت مثل استديوهات عجمان بدولة الإمارات، كما نصور بكل دول الخليج قبل أن تكون عندنا رقابة. شركات الإنتاج التي لا تعمل على مستوى إقليمي تكون خسرانة، ولا بد من استهداف أسواق الشرق الأوسط».

وزاد: «من النجاح أن يكون الإنتاج بدول أقل تكلفة، فالتصوير خارج الكويت أحياناً يكون أوفر على المنتج من داخل الكويت والإنتاج خارج الكويت ليس بجديد، وقد يكون سوق الإنتاج في الكويت أصبح سوقاً طارداً، لأسباب عدة، وللأسف أن بعض الوزراء السابقين للإعلام لم يستوعبوا قوة تأثير الإعلام الكويتي وتمكينه واستثماره ولم يترجموا فعلياً خطط مجلس الوزراء ورؤية سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه. فمعظم خططهم المكتوبة كانت غير واقعية ولم تحقق الاستراتيجيات المكتوبة، ويمكن قياس ذلك».

روتين ممل

قال المنتج عبدالله بوشهري: «أجدد ندائي لوزير الإعلام لإنقاذ العمل الإبداعي في الكويت، كما أشدّد على ضرورة إلغاء لجنة إجازة النصوص، ويجب أن يتم استخراج إذن التصوير وتقديم الأعمال إلى تلفزيون الكويت من خلال الموقع الإلكتروني وليس الحضور شخصياً مرة أو مرتين أو ثلاثاً للسؤال عن الكتاب الذي تم توجيهه على أمل أن يصل الرد، وذلك حتى يكون العمل بصورة مرنة، وبلا شك أن وزير الإعلام هو (أبخص) بهذا الأمر، بحكم أن هذا النظام جرى تطبيقه منذ العام 2015 في وزارة الشباب حين كنتُ أحد العاملين فيها، حيث دأبت الوزارة على استقبال المبادرات الشبابية عن طريق الموقع الإلكتروني، وليس بالحضور الشخصي أو التقديم الورقي، فقد انتهى هذا الروتين الممل وعفّى عليه الزمن».

رقابة داخل الرقابة

رأى المنتج عبدالله السلمان أن «هناك إشكالية كبيرة وصراعاً قائماً بين الرقابة والتلفزيون، ففيما تقوم الرقابة بإجازة النص يقوم تلفزيون الكويت بالاعتراض على أمور تمت إجازتها رقابياً، وهذا يدفعنا إلى التساؤل عمّا إذا كنا نتعامل مع (رقابة داخل رقابة) أم ماذا بالضبط؟ ولماذا يكون الاعتراض على النص إن كان هو نفسه ولم يتحوّر بعد تصويره!».

عودة المنتج المنفذ

أوضح الفنان والمنتج عبدالعزيز المسلم أنه لا بد من عودة المنتج المنفذ لضرورة وجوده في تلفزيون الكويت، «وعلى وزارة الإعلام أن تحتوي شركات الإنتاج الكويتية وأن يتعاون القطاعان وفق منظومة قيم، ومسؤولية الوزارة هي تشجيع القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والشراكة مع الشركات الكويتية الرائدة، أو تقوم بدورها وتنتج المسلسلات والبرامج بنفسها أسوة بالمسؤولين السابقين الذين قدموا أروع المسلسلات والبرامج، وأن تتحمل المسؤولية القانونية والفنية وتقوم بالإنتاج وبإعادة الريادة لتلفزيون دولة الكويت والدراما الكويتية وألا تتنصل عن دورها المهم في صياغة الوعي وتشكيل الذوق العام».

وختم قائلاً: «إذا لم تستطع فعليها أن تُفعّل دور القطاع الخاص من خلال الشراكة الجادة بالإنتاج المشترك مع القطاع الخاص بعد تأهيل شركات الإنتاج أسوة بمجلس الوزراء والقطاع النفطي ومعظم مؤسسات الدولة الذين يؤهلون الشركات الفنية والإعلامية للعطاءات، ولا أعرف سبب امتناع وزارة الإعلام عن تأهيل الشركات الفنية، فالتأهيل يمنع الوساطة والتنفيع والدخلاء ولا يخالف قوانين الدولة، ويشجع على تنمية قطاع الإعلام وتمكين استقرار الشركات الإعلامية الجادة أن تطوّر قدراتها ومعداتها وتقنياتها التكنولوجية، وتعيين كوادر كويتية، لأن استثمارها يحقق عوائد بالنفع على الاقتصاد الكويتي، وبذلك يكون سوقاً إعلامياً واعداً بدلاً من أن يكون طارداً».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي