No Script

رواق الفكر

لا تنتظر النتائج !

تصغير
تكبير

فكرة المطالبة بالإصلاح، وتغيير الوضع القائم، هي هدف كل نبيل ينشد الخير لمجتمعه وأمته.

لكن هناك نقاطاً مهمة تتعلق بمفهوم الإصلاح، أودّ عرضها سريعاً في هذا المقال.

الإصلاح هو نتيجة عمل دؤوب ونهج رشيد وصبر لا يخالطه شك أو تردد. لكن التاريخ ومجرياته، يثبت أن الإصلاح لم يتحقق إلا نادراً، عبر دوراته وحقبه طويلة الأمد.

فما إن يفرح الناس بالإصلاح وبثماره، إلا سرعان ما يتهاوى الحلم الجميل وتعود الأنوار إلى الانطفاء مرة اخرى.

ولعل الحكمة في هذا الصراع - وفق فلسفة التدافع الكوني بين أقطاب الخير والشر - ليس للغلبة والنصر لأي منهما... كلا وإنما الحكمة هي لابتلاء كلا المعسكرين، والتحقّق من نهجهما، كسنة من سنن الله في خلقه عبر التاريخ. وقد كان الأمر كذلك في أحداث الأنبياء وخصومهم، والمصلحين ومناوئيهم.

فبعد فترات الصراع، قد ينتصر الخير، لكن بعد مدة قد تطول أو تقصر، ونتيجة أهواء الإنسان وشهواته، يعود إلى جواذب الأرض، وحظوظ النفس، ليتحقق فيه قدر الله من سنة الابتلاء.

إذاً الحكمة الخالدة في كل أنواع الصراع - سياسياً كان أو عقدياً أو حتى اقتصادياً، هي في ابتلاء البشر وكشف مواقفهم ودورهم؛ ومراد الله في مواجهة الباطل والفساد في الأرض، ليس في تحقيق الغلبة والنصر - رغم أنه مطلب ونتيجة ووعد الهي لمن نصر الحق - بل مراده سبحانه هو ابتلاء البشر وتمحيصه ليحيا من يحيا عن بيّنة... وليميّز الله الخبيث من الطيب؛ فلذة النصر والغلبة والفوز المادي قصير وبسيط، مقارنة بنتائج وثمار انتصار النفوس على حظوظها، وتبيان الحق وإبلاغ رسالة الحق وإقامة العدل ودفع الظلم، والقيام بواجب التبليغ.

كما أن هذا النصر المادي - الذي يسعى إليه ملايين العرب والمسلمين لا وزن له في عالم الخلود، مقارنة بما ادّخره الله للصابرين المحتسبين؛ ومن ناحية اخرى فإن عمر الانتصارات الزمني أقصر من أن يحياه المنتصرون ويسعدوا به، إذا ما قورن بالعمر الزمني الحضاري للأمم... فلتتأمل !

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي