No Script

صَدَقَ بشارُ الأسد!

تصغير
تكبير

قال بشار الأسد وهو يُدْلي بصوته في الانتخابات الرئاسية السورية إن نظامه لا يولي أي اهتمامٍ لتصريحات الغرب عن الانتخابات، ثم توجّه للغربيين مباشرة: «قيمة آرائكم هي صفر».

ومهما كان رأي العالَم الغربي وغيره في مهزلةِ الانتخابات السورية فهو... كاذب، في حين كان بشار صادقاً تماماً في نقطتين وهما أنّ نظامه لا يعير أي اهتمام لآراء الغربيين من جهة وأن قيمة هذه الآراء بالنسبة له مجرد صفر.

كَذِبَ الغربيون كثيراً وليس فقط في رفْضهم للانتخابات السورية الأخيرة وطابعها المسرحي الهزيل.

كَذِبوا عندما قال باراك اوباما وحلفاؤه في أوروبا إنهم يَسمعون صوت السوريين من اللحظة التي سُحبت فيها أظافر أطفال درعا الذين كَتبوا على جدران مدرستهم شعاراتٍ سياسيةً... وتَبَيَّنَ أن مأساة هؤلاء الأطفال لم تُسْمِعْ مَن به صمم.

وكَذِبوا حين قالوا إنّ التعرّض للمسيرات السلمية سيُقابَلُ برد فعل عنيف ضد النظام... وتَبَيَّنَ أن ناشطين مثل غياث مطر كان يوزّع الوردَ والماء على عناصر الجيش السوري، وأطفالاً مثل حمزة الخطيب ساروا في التظاهرة أملاً في التغيير، ومطرباً مثل إبراهيم القاشوش سلاحُه حنجرته فقط، ذُبحوا بالسلاح الأبيض وشُوِّهَت جثثُهم.

وكَذِبوا حين قالوا إن استخدامَ السلاح الناري خطٌّ أحمر، فإذا برصاص البنادق الآلية الخفيفة والثقيلة ينهمر على المتجمّعين في الساحات فيَحصد العشرات.

وكَذِبوا حين قالوا إن استخدام المدفعية الثقيلة خطٌّ أحمر لأنه يعني تغييراً في سياق المواجهات، من ردْع متظاهرين إلى عمليات إبادة، فإذا بأحياء كاملة تتحوّل إلى قبورٍ من ردمٍ وركامٍ فوق رؤوس الضحايا.

وكَذِبوا حين قالوا إن استخدام الطائرات خطٌّ أحمر لأنه يعني أن النظام يشنّ حرباً على شعبه، وإذا بالمقاتلات السورية تضرب التظاهرات من الجو ثم تنتظر تجمّع الناس وسيارات الإسعاف للإنقاذ فتضرب مجدداً، بل تطوّر الأمرُ لاحقاً إلى ضرب التجمعات أمام الأفران والمحلات.

وكَذِبوا حين قالوا إن السلاح غير التقليدي خطٌّ أحمر أي السلاح الكيماوي الموجود في مخازن الأسد، فحصلت 3 مجازر مُعْلَنة بالكيماوي وهزّت صورُ الضحايا الأطفال الكوكبَ كلّه إلا أن اوباما اعترف في تصريحاته المنشورة تحت اسم «العقيدة» بأنه يشكر الرئيس بوتين الذي أنقذه من الالتزام بالواجب الأخلاقي تجاه تلك المجازر عبر تقديمه لـ «مَخْرج» تدمير الترسانة الكيماوية للنظام.

وكَذِبوا حين قالوا إن استخدام النظام مرة أخرى للكيماوي يعني نهايتَه، فاستخدَمَه بالجملة أحياناً وبالمفرّق في كثير من الأوقات عبر رمي كمياتٍ قليلة منه من الأرض والجو في ما عُرف بالبراميل.

وكَذِبوا حين قالوا إن لا مكان لقاتل شعبه في مستقبل سورية وان لا بد من عمليةِ انتقالٍ سياسي للسلطة، فانتهتْ الاجتماعاتُ وكأنها كانت لمنْح القاتل وقتاً للقضاء على كل ضحاياه وعدم ترْك أحد منهم.

وكَذِبوا حين قالوا إن تدخّلَ ميليشيات إيران في سورية والتمركز الروسي الذي حوّل البلد حقلَ اختبارٍ للأسلحة «أمرٌ غير مقبول دولياً»، فزاد التدخل وتَثَبَّتَ التمرْكزُ وصارتْ الأرضُ ساحةً للنجباء والفاطميين والزينبيين والعصائب وحزب الله، فيما صار الجو ساحةً لتصفية روسيا حساباتِ النفوذِ مع إيران عبر السماح للمقاتلات الإسرائيلية بأن تختبر أيضاً وبشكل شبه يومي أسلحتها التدميرية للقواعد السورية والإيرانية.

بعد كل هذا الكذب وغيره وغيره، هل كان بشار الأسد ليقول إنه يولي أو يهتمّ بالتصريحات الغربية التي ساهمتْ في اتساع حجم المجزرة وخريطة الإبادة؟ اعتبَرَ قيمتَها صفراً وهي القيمة التي تَعامَلَ فيها مع شعبٍ انتفضَ من أجل كرامته وحريته... كل طفلٍ صدّق خطوطَ الغرب الحمراء وقضى هو وصمةُ عارٍ في جبين هذا الغرب، وكل امرأة صدّقت انحيازَ الغرب للحريات والكرامات وحصدتْها براميلُ بشار دليلُ إدانةٍ في سِجِلّ هذا الغرب، وكل رجلٍ دُفن حياً لأنه رَفَضَ الكفر بالله و«التسبيح بحمد بشار» كما في الفيدوات الموثّقة إنما يَدفن أسطورةَ انحيازِ الغرب لحقوق الإنسان.

... أعانَ اللهُ السوريين على «صِدْقِ» المجرمين و«كذِب» المصدّقين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي