No Script

رأي قلمي

أخلاق للبيع...!

تصغير
تكبير

ابتداءً لا بد من القول بأن مدلول كلمة (قيم) أوسع من مدلول كلمة (أخلاق)، فالأخلاق جزء من القيم، وليست القيم كلها، وبما أننا نعيش أزمة قيمية ناتجة من أنواع القصور القيمي بشكل عام في المجال الأخلاقي والمجالات الأخرى، لا بد من تسليط الضوء على بعض الممارسات السلبية التي لا يقبلها مجتمع قيمي أخلاقي راقٍ مثل المجتمع الكويتي.

ينبغي أن نقرر أن المشكلات المختلفة التي نعاني منها اليوم لم تولد في يوم واحد ولا في سنة واحدة، فما نحن فيه اليوم هو النتائج النهائية لما تراكم من أسباب وعوامل عديدة ضاربة في أعماق الأحوال والأحداث التي مر بها المجتمع.

كما أنه ثبت أن الأزمة الأخلاقية تستمد الكثير من عواملها ومسبباتها من الأزمات الحياتية الأخرى.

ورغم أن تعاليم الإسلام ظلت تمد المسلم بالقيم وتحفز همته نحو مطابقة سلوكه معها، إلا أننا مازلنا نرى ممارسات لا يقبلها العقل وتخالف وتصادم النقل، ذهبنا الأسبوع الماضي إلى «جزيرة فيلكا» برحلة بحرية ترويحية للنفوس ترفيهية للعقول، إلا أن جمال الرحلة لم يكتمل لما رأيناه من مشاهد مخجلة من بعض السيدات العربيات بلباسهن الفاضح على شواطئ الجزيرة!. ففي رأينا مَن تعرّى مِن قيمه وأخلاقه، سهل جداً أن يتعرّى من ملابسه، ومن يقول إن هذه حرية شخصية: نعم نتفق معه أنها حرية شخصية، ولكن هذه الحرية عندما تتعدى على حريات الآخرين وتؤذيهم تنتفي وتقف عند حدها، من حق أي إنسان أن يترفه ويرّوح عن نفسه من دون أن يتأذى نظره أو عقله أو نفسيته بمناظرلا يقبلها إنسان يؤمن بقيمه وأخلاقه، ووصل إلى مستوى من الرقي والسمو النفسي والخلقي لم يصله من يمارس مثل هذه السلوكيات على الملأ، لا نحجر ولا نملك مصادرة حقوق الآخرين من أراد أن يمارس سلوكيات التعري، أو غيرها من ممارسات لا تليق بقيمنا وأخلاقنا فعليه بالخصوصية، ويمارس ما شاء من دون أن يؤذي أو يخدش قيم وأخلاق غيره.

إن ما أصاب الكثير من أفراد المجتمع من بُعد عن قيمهم وأخلاقهم، كان هو السبب الجوهري في انحدارهم نحو الهمجية الممنهجة من الآخر، وتقليده تقليداً لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، انصياع واتباع تام لما يفعله من دون تفكير أو تحليل أو تعليل، كثير من الأفراد الذين احتكوا بالغرب فقدوا وعيهم بذاتهم ومنظوماتهم الرمزية، وهذا كله انعكس على خلقهم وفكرهم انعكاساً سيّئاً جداً، وكثير ممن يقلّد الآخرين لا يستطيع التمييز بين ما يجب اقتباسه، وما يجب تركه من قيم ونظم، وللأسف استجاب السواد الأعظم لقيم الغرب المنحلة وهواهم الذي لا يكبح نفساً أو عقلاً عن مغرياتهم ومشتهياتهم، وبدأوا يعرضون أخلاقهم للبيع، ومن هنا جاء التهميش المتعمّد لقيم الإيمان والالتزام والبذل والعلاقات الاجتماعية السوية، وما شاكلها من مقومات الحياة الروحية.

وفي المقابل هذا ما دفع المحافظون على قيمهم وأخلاقهم إلى محاولة ترسيخ وإعادة توطين الحس الإسلامي في المجتمع لإحداث نوع من التوازن، والحد من الممارسات اللاأخلاقية التي يمارسها البعض من دون الشعور بالمسؤولية المجتمعية والحس القيمي والأخلاقي ومداراة مشاعر الآخرين.

M.alwohaib@gmail.com

@mona_alwohaib

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي