No Script

ربيع الكلمات

الخلوة... مع النفس

تصغير
تكبير

إذا كان فيروس كورونا تسبب في إيقاف العالم أجمع، وعطّل الكثير من مصالح الناس، خصوصاً الحظر المفروض في العديد من الدول، ولكنه في الوقت نفسه يحمل الكثير من الإيجابيات وفي مختلف الأصعدة والجوانب.

نعم هذا الوباء جعلنا نترك الكثير من العادات اليومية، مثل الخروج والتجمعات المختلفة، ولكنه في الوقت نفسه أوجد العديد من العادات الإيجابية، مثل الحرص على تناول الوجبات الصحية وممارسة الرياضة وعودة دور الأب في المنزل الذي كان بالكاد يرى، نتيجة كثرة الخروج إلى الديوانيات، وبالتالي عاد الترابط الأسري من جديد.

ولعل ما يحدث اليوم فرصة للخلوة مع النفس، ومعرفة مواطن الخلل وعلاجها، وتعزيز الإيجابيات فيها، لأن حياتنا في النهاية من صنع أفكارنا، ولا يوجد وقت سيئ وآخر جيد، لأن الوقت محايد ولكن أفكارنا هي التي تحدد ذلك، ويقول ديل كارنيغي في كتابه: دع القلق وابدأ الحياة: «إن أفكارنا هي التي تصنعنا، واتجاهنا الذهني هو العامل الأول في تقرير مصايرنا، إن أحداً لا يستطيع إنكار ما للروح المعنوية من أثر باهر لدى الأفراد والجماعات»، أما ماركس أورليوس فيبين أن: «حياتنا من صنع أفكارنا فإذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء، وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء، وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحوّلنا خائفين جبناء، وإذا تغلبتْ علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى سقماء، وهكذا».

يجب أن تكون أهدافنا وخططنا المستقبلية مبنية على المبادئ والقيم، لأنه من دونها لا يمكن النجاح على المدى الطويل، وتحقيق الرؤية والرسالة والأهداف، وعلينا أن نفكر جيداً بما قاله ستيفن كوفي: «الأداء السريع ليس بديلاً عن الأداء الصحيح».

ويقول الدكتور محمد الغزالي في كتابه «جدد حياتك»: «إن خروج الإنسان عن سجاياه وانفصاله عن طباعه العقلية والنفسية السليمة أمر يفسد عليه حياته ويثير الاضطراب في سلوكه، اعلم أنك نسيج وحدك، فأنت شيء فريد في هذا العالم ولا يوجد من يشبهك تمام الشبه شكلياً أو نفسياً، وهذا من تمام قدرة الله عز وجل، فاغبط نفسك على هذا وارض بما قسم الله تعالى لك، وابذل جهدك لتستفيد مما منحك ربك إياه من مواهب وصفات متقبلاً في الوقت ذاته علاتك وسلبياتك».

علينا في هذه الأيام الخلوة مع النفس والتخطيط السليم، مع وضع الأهداف القريبة والبعيدة، وأن نعيش في كل لحظة على أنها أجمل لحظة في الحياة، وبكل جد وعمل، فهل تخيلت وتفكرت في حال الإنسان الذي يريد أن يفتح مشروعاً، كيف تكون حاله، ستجده يعدد الخطط ويفكر الليل والنهار في هذا المشروع، ويعمل الجدوى الاقتصادية ويستمع إلى رأي المختصين، إذاً إذا كان كل هذا مع المشروع، فكيف الحال بالحياة؟! ألا تستحق منا أن نخطط لها، فالحياة التي لا نخطط لها لا تستحق أن نكون فيها ونعيشها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي