دراعة وحظر
يحاول الكويتيون جاهدين التوافق مع حالة حظر التجوال المنافية أصلاً للفطرة البشرية السليمة، والتعايش معها قدر المستطاع بدلاً من الاستسلام للاكتئاب والربادة والنوم والتنقل من الفراش إلى القنفة إلى المطرح طوال نهار رمضان الصيفي الحار الطويل، وليله المحظور التجول فيه.
وضمن محاولات التأقلم وتحويل الضرر إلى فائدة والكآبة وضيقة الخلق إلى متعة، تهافت الكويتيون على ممارسة أنواع مختلفة من الرياضة أبرزها المشي خلال الفترة القصيرة جداً المسموح خلالها بالتريض على الأقدام حيث تبدأ من السابعة والناس ما زالت متخمة بعد الإفطار إلى العاشرة ليلاً التي يكون حينها معظم الناس قد استعادوا للتو نشاطهم، ولن يناموا قبل أذان الفجر كما تعود غالبية الناس جيلاً بعد جيل في هذا الشهر الكريم.
وبدلاً من أن تفكر الحكومة في التفاعل مع هذه الحالة الشعبية الجميلة وتمد يد المساعدة في التخفيف عن الناس ومد فترة السماح بالتريض إلى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل مثلاً، وجدناها تنشط في نشر الدوريات بالشوارع الرئيسية، بل وفي السكيك وبين البيوت محذرين الناس عبر مكبرات الصوت من البقاء خارج منازلهم بعدما أزفت الآزفة ودقت الساعة العاشرة! ولا تكتفي الحكومة بذلك، بل وجدنا لديها نزوعاً غريباً للضغط على الناس وزيادة كبتهم كبتاً وضيقهم ضيقاً عبر التفنن في منع الدراجات الهوائية والسكوتر والقبض على قائديها وتحويلهم إلى النظارة، بدلاً من إيجاد الحلول لهم بتخصيص شوارع معينة بعيداً عن مخاطر سيارات التوصيل التي لا تهدأ في الفرجان ليل نهار.
وإذا كان الشعب الكويتي - على العكس من حكوماته - خلاقاً بطبيعته يبحث عن السعادة وسط ركام الكآبة، فان الحريم أو... (النساء /للحساسين جداً من مفردة الحريم معتبرينها مناهضة لحقوق النسوة)، وجدن طريقة أخرى لمضاعفة البهجة في قلوبهن عبر المزج بين رياضة المشي وعروض الأزياء، حيث تطوّر الأمر لدى العديد من النساء وبشكل ملحوظ إلى ممارسة رياضة المشي بالدراعات الجميلة المزركشة والشحّاطات المزدانة بالأحجار والفصوص البراقة، فتحوّلت الشوارع الى ما يشبه كرنفالات تعرض الدراريع الرمضانية، لتنفس بذلك المرأة عن رغبتها في المشي والرياضة من جهة مثلما تنفس عن رغبتها في ارتداء ما اشترته ولم تتمكن من ارتدائه في التجمعات العائلية والغبقات... آملين ألا يتحفنا مجلس الوزراء الغارق في أزمته السياسية بقرار يمنع فيه ارتداء الدراعة والشحاطة في ساعات الرياضة إلحاقاً بمنع القاري والسكوتر.
