No Script

مرايا

الضمير الحي

تصغير
تكبير

بدايةً، مبارك عليكم الشهر الفضيل وتقبّل الله طاعتكم، ونلتقط من نفحات رمضان الغاية من فريضة الصوم في قوله تعالى:

«يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ». ورغم أن موضوعنا هو الضمير الحي الغائب وليس الصوم إلا أن جلال المناسبة يجذبنا للحديث عنها.

فالصوم، هو مدرسة تهذيب النفس وفسحة من الوقت للرجوع إلى الله، وإصلاح النفس والسلوك قبل فوات الأوان، وفي هذا يقول ابن عباس: «ما من نفس إلا وتلوم نفسها يوم القيامة، فإن كانت طائعة فإنها تلوم نفسها على قلة الطاعة، وإن كانت عاصية فإنها تلوم نفسها على المعصية فلنتزود من رمضان قبل أن يغادرنا أو نغادره».

في ظلال فضائل هذا الشهر، نوقظ ضمائر بعض من استحلوا رواتب حراس أمن المدارس إما بوقفها تماماً أو بتأخيرها لأشهر طويلة، وهم في غرفهم في المدارس لا يبرحونها، لا يسمعهم أحد بل بعضهم لا يجد قوت يومه إلا من رحم ربي، ومن عطف عليه أهل الخير.

حرّاس المدارس يا سادة تقع على عاتقهم مسؤوليات كبيرة، لجهة المحافظة على مرافق المدرسة وتأمينها طوال الأربع والعشرين ساعة يومياً، كما لديهم مسؤوليات اجتماعية والتزامات أسرية في بلدانهم، فمن أين يحصلون على مصاريف إعاشتهم وإعاشة أبنائهم الذين تغرّبوا من أجلهم، وقد حرمتهم الشركات التي استقدمتهم من رواتبهم الزهيدة جداً بادعاءات شتى لا تنطلي على أحد.

إننا نخاطب الضمير الحي في أصحاب هذه الشركات ليبادروا في هذا الشهر الفضيل بإعطاء هذه الفئة التي استضعفوها رواتبهم، فهؤلاء يشكون لله مظلمتهم بصوت مسموع، وأنتم أيها المسؤولون لهذه الشركات نائمون هجوع في جوف الليل، فاتقوا غضب الله واتقوا الله في هؤلاء وادفعوا رواتبهم المتأخرة، فاليوم الحساب هين، لكن يوم القيامة يوم يشيب من هوله الولدان.

وما أبلغ ما قاله عامل توصيل المنازل لأحد الزبائن في فيديو متداول عبر وسائل التواصل عندما سلّمه الطلب وقال له: «الحساب لو سمحت» فرد عليه الزبون قائلاً: «الحساب يوم الحساب» هازئاً مستهزئاً، إلا أن موظف التوصيل لقّنه درساً بليغاً عندما قال له:«اليوم الحساب أرخص لكن يوم القيامة الحساب غالي».

حقاً يوم القيامة الحساب عسير، فيا أصحاب الضمائر الحية من شركات الأمن والحراسة أعطوا حراس الأمن رواتبهم المتأخرة، فهم لا يطلبون صدقة بل رواتبهم المتفق عليها بينكم وإنها لصرخة حق ستكون شاهدةً عليكم يوم القيامة.

ويا وزارة التربية، نظرةً لحراس المدارس، عبر مخاطبة أصحاب الشركات المتقاعسة رسمياً لإجبارهم على دفع رواتبهم المستحقة لهؤلاء، أو عمل العقود بين الوزارة وبين الحراس مباشرةً لاسيما أنهم هم الآخرون يرزحون تحت وطأة «كورونا» والغربة، ومسؤوليات أولادهم وحاجاتهم اليومية. «الظلم ظلمات يوم القيامة».

humoudalamer

h-alamer@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي