لفت إلى أن بعض رؤساء الحكومات السابقة كانوا غير مؤهلين تعليمياً

يعقوب الجوعان لـ «الراي»: قلق... على الكويت

تصغير
تكبير

- دعومات الزواج والأولاد والتعليم ضخّمت الكويت سُكانياً
- بعد التحرير توسّعنا في الترضيات الشعبوية وتمادينا في التجنيس
- «الكيكة» لم تعد تكفي مثل السابق للإنفاق المنفلت
- خطأ حصول كل مواطن على شهادة جامعية فلو «أنا أمير وأنت أمير منو يسوق الحمير!»
- معجب بسياسة الرئيس السيسي... تبنّى توجهاً مالياً قاسياً لكنه مفيد اقتصادياً
- نحتاج جدية حكومية أكبر في محاربة الفساد والتخلي عن سياستها بالتوظيف
- يتعيّن خصخصة الكهرباء والبريد و«الكويتية»
- ما غرض السحب من «الأجيال القادمة» والمشاريع المنفّذة عبثية؟!
- أنا ضد تأجيل القروض وأعتبره مدمّراً
- أؤيد فرض ضريبة على الشركات وتطبيق «القيمة المضافة»
- السلطتان تتنافسان شعبوياً والتركيبة الحالية لا تحقّق الإصلاح
- الحكومة تعمل بقاعدة «كلما قلت له خذ قال هات»
- الحكومة فشلت في معالجة الأزمة الاقتصادية ومتردّدة مثل نهجها سياسياً
- بعض القرارات الحكومية «خربوطية»... ومسؤولون يتصرّفون وكأنهم يتعمّدون تدمير الاقتصاد
- متفائل برئيس الحكومة الحالي لأنه يملك مقدرة كبيرة على الإدارة
- جشع بعض التجار لا يدفعنا لإنكار دورهم المُهم جداً في الاقتصاد
- أتمنّى لو الكويت أصغر حجماً بمواطنيها ووافديها
- جزء كبير من الصرف كان مُوجّهاً نحو مشاريع ترف ومُبالغ في تكلفتها

عندما يشعر رجل أعمال بقامة العم يعقوب الجوعان بالقلق على الكويت فهنا يجب أن تتوقف حركة السير في الاتجاهات الاقتصادية الخاطئة، وأن يتأمل المعنيون طويلاً بالإشارة الحمراء التي أضاءها لتصحيح المسار، خصوصاً مسار «التنافس الشعبوي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية رغم مخاطر نفاد السيولة».

العم يعقوب، اشتهر بأنه عابر المحطات الصعبة، من فترة الثمانينات إلى تحديات ما بعد الأزمة الأعتى والأشد، مروراً بالغزو وحرب العراق وأزمة 2008 العالمية وصولاً الى الفترة الراهنة التي صارت أسيرة انهيار أسعار النفط.

يلفت الجوعان الذي ينتمي للدفعة الأولى التي تخرّجت وعملت في القطاع الخاص إلى أن بعض رؤساء الحكومات الذين مرّوا على الكويت «غير مؤهلين تعليمياً، وبعضهم يفتقد حتى إلى كاريزما الحديث التي يتعيّن أن يتمتع بها القائد».

ويكشف في مقابلة مع «الراي» حلمه القديم «كويت صغيرة بمواطنيها ووافديها»، ويشير إلى أن دعومات الزواج والأولاد والتعليم والتجنيس غير المستحق كلها أمور أسهمت في زيادة تضخيم الكويت سكانياً.

يمتلك الجوعان ثقافة مالية عالية، ونهماً بالاستثمار الخارجي، ويؤمن بضرورة خصخصة قطاعات عديدة، مثل الكهرباء والبريد و«الكويتية»، باعتبار أن القطاع الخاص هو الأكفأ، ويؤكد أن «الكيكة» لم تعد تكفي مثل السابق للإنفاق المنفلت.

ويرى الجوعان، الذي يُعد أحد مؤسسي الجمعية الاقتصادية، أن الحكومة فشلت في معالجة الأزمة الاقتصادية، وأنها متردّدة في تقديم المعالجات المستحقة، مثل نهجها بالسياسة، بل يذهب إلى أن بعض قراراتها «خربوطية»، ويعتبر أن هناك مسؤولين يتصرّفون وكأنهم يتعمدون تدمير الاقتصاد، «إذ هناك جزء كبير من الصرف خلال السنوات الماضية كان موجهاً نحو مشاريع ترف ومُبالغ في تكلفتها».

ويؤكد أن جشع بعض التجار لا ينبغي أن يدفعنا لإنكار دورهم المهم جداً في الاقتصاد، وأن من لديه شبهات فساد فليلجأ إلى القضاء والجهات المعنية بدلاً من الهجوم على رجال الأعمال.

ولدى الجوعان فلسفته أيضاً، إذ يعتبر أن الدولة والمجتمع يحتاجان إلى مختلف أنواع الأعمال، وليس ضرورياً أن يحصل كل مواطن على شهادة جامعية، فلو «أنا أمير وأنت أمير منو يسوق الحمير!»، فيما لا يخفي إعجابه بسياسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، حيث يقول «تبنّى توجهاً مالياً قاسياً رغم الضغوط الشعبوية الممارسة عليه ليثبت في النهاية أن توجهه في تقديم الدعومات لمستحقيها وفرض الضرائب وزيادة الرسوم مفيد اقتصادياً».

وفي ما يلي نص المقابلة: برأيك لماذا هذا التحول الكبير في نظرة جزء كبير من الشعب إلى التجار وكأنهم لا يستحقون أي دعم من الدولة؟

- يحدث ذلك في الدول المتأخرة، أما الدول المتقدّمة فتعرف جيداً أن التجار يدفعون الضرائب للدولة، وأنهم المكون الرئيسي للميزانية.

نعم، هناك تجار جشعون لكن هذا لا يعطي أحقية التعميم، فالتجار يقومون بدور مهم جداً في الاقتصاد لا يمكن إنكاره أو تجاهله لمجرد أن تاجراً هنا أو هناك ثبت مخالفته للقانون، مع التأكيد على أن هناك قوانين تكافح حالات الغش والفساد، وهناك أيضاً جهات رقابية متعددة دورها الفحص والمراقبة، وأي شخص يكتشف فساداً عليه أن يلجأ إلى القضاء أو الجهات الرقابية للإبلاغ، فذلك أجدى من تعزيز خطاب الكراهية ضد جميع التجار وكأنهم جميعاً مخطئون.

مقارنة مع السعودية والإمارات وقطر أين تضع الكويت ترتيباً لجهة الاقتصاد والرؤية؟

- الكويت في المؤخرة، بخلاف السابق عندما كان الشعب الكويتي قليل العدد، حيث انتهجت الدولة سياسات رعوية، ومن المفترض أن يتم تغيير هذا النهج بعد أن كبُر عدد السكان، ولقد رأينا كيف أن دول الخليج انتهجت سياسات أكثر صرامة وخفّضت الدعومات، وفرضت ضريبة القيمة المضافة، وهذا يشكل عنصراً مُهماً في تنويع مصادر الدخل، ولذلك أتمنى لو كانت الكويت أصغر حجماً بمواطنيها ووافديها.

لو أنت مستشار للحكومة ما أولوياتك الاقتصادية؟

- الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في 2008 كانت حافزاً للحكومة لإعادة النظر وتقليل الدعومات، وإعادة تسعير خدمات الدولة، ودفع مبلغ مقابل ذلك للموظفين، وهي خطوة جيدة، لكن ذلك لم يحدث، في حين أن تلك المتطلبات لا تزال ملحة، خصوصاً أن الأزمة المالية لم تنته، بل من الملاحظ أن عجز الميزانية يتوسّع سنوياً، لمعدلات باتت تقارب 40 مليار دولار كما هو مقدّر حكومياً عن السنة المالية الحالية.

علاوة على ذلك، يتعيّن على الحكومة إثبات جدية أكبر في محاربتها للفساد، وأرى أن الوقت لذلك قد حان، كما ينبغي تطبيق سياسة تقليل الإنفاق، خصوصاً الموجّه نحو الصرف غير المستحق، إلى جانب إقرار قانون لخصخصة بعض القطاعات الخدمية وفي مقدمتها الكهرباء والبريد والخطوط الجوية الكويتية وغيرها.

كما أرى ضرورة أن تتخلى الحكومة عن سياستها المنفلتة بالتوظيف، لصالح ربط المخرجات العلمية باحتياجات سوق العمل الحقيقية.

ومن الخطأ الاعتقاد أنه من الضروري أن يحصل كل الشعب على شهادات جامعية، فجميع دول العالم، ومنها الكويت، تحتاج إلى عمال وحرفيين بجميع مستوياتهم، وكما تقول القاعدة «أنا أمير وأنت أمير منو يسوق الحمير!».

ولذلك لابد أن تتغير ثقافة التعليم الجامعي الجماعي لأخرى تضمن التحفيز نحو التعليم التطبيقي، بما يضمن توفير عمالة وطنية مهنية قادرة على دخول سوق العمل في سن مبكرة وقبل أن يصل الشخص 20 عاماً، أما أن يبدأ عمل المواطنين بعد سن الـ25 عاماً إذا حالف خريجو الجامعات الحظ ووجدوا وظيفة فهذا يقود لإخلالات كبيرة في سوق العمل، ولذلك أعتقد أن تغيير الثقاقة الحالية والقبول بالتنوع التعليمي حرفياً وجامعياً أحد المعالجات الحقيقية للتركيبة السكانية، والإحلال الآمن.

برأيك لماذا توجد أكثر من لغة بين الشعب والنواب والحكومة ومجتمع الأعمال عند تشخيص الأزمة المالية؟

- أتمنى لو أن هناك مادة بالدستور تمنع النائب من التقدّم باقتراحات شعبوية تزيد أعباء الدولة، خصوصاً أن هذا الإجراء يشكّل تضارباً في الاختصاصات، كما أن مثل هذه القرارات من صلب اختصاصات السلطة التنفيذية وليس التشريعية، والحقيقة أن هناك تعارض مصالح كبير في مجلس الأمة، فالنائب كل همه إعادة انتخابه، ومن أجل ذلك يتقدم باقتراحات شعبوية، والحكومة تقبل بها رغم حالتها المالية الصعبة، وفي الوقت نفسه لا تعرّف بخططها، وهذا ما أوجد أكثر من لغة عند الحديث عن الأزمة نفسها.

إذا كانت الحكومة تعترف بعجزها المالي ومن ثم تضاءلت فرص توسع إنفاقها استثمارياً كيف سينمو القطاع الخاص وهو يعتمد بشكل مباشر على المشاريع الحكومية؟

- ميزانية الدولة في 2000 كانت تقدر بـ4 مليارات دينار، ووصلت حالياً إلى 22 ملياراً، رغم العجز المتكرر المسجل في الميزانية منذ 2014. علاوة على أن أرصدة الاحتياطي العام سُحبت عن بكرة أبيها.

وبجردة سريعة لأوجه الإنفاق يمكن ملاحظة أن جزءاً كبيراً من الصرف كان موجهاً نحو مشاريع عدة تعد ترفاً، ومُبالغ في تكلفتها، ومن الطبيعي ألّا يستمر هذا الوضع، ولذلك سيعاني القطاع الخاص من محدودية مشاريع الدولة في الفترة المقبلة.

آخر 30 عاماً ما الذي تغيّر في الكويت؟

- بعد التحرير صار هناك توسع كبير في السياسات الشعبوية والترضوية، كما زاد الإنفاق الحكومي بشكل هائل وغير مبرر، إلى جانب التمادي في التجنيس، ونتج عن ذلك زيادة غير مستحقة بأعداد المواطنين.

* هل أنت مع قانون الدّين العام أم لا ولماذا؟

بشروط - أنا مع اقتراح اللجنة المالية السابقة بمجلس الأمة بأن يكون الدين العام 10 مليارات دينار بحد أقصى، وليس 20 ملياراً، شرط أن تقوم الحكومة مع ذلك بتخفيف تكلفة الدعوم من خلال إعادة هيكلتها وتوزيعها على مستحقيها، فمن حيث المبدأ لا يوجد ما يمنع الدولة من الاقتراض ما دام لديها سقف مالي محدد لذلك، وخطط مقابلة تعزّز أوجه صرف الأموال التي سيتم استدانتها.

* هل أنت مع مدينة الحرير أم لا ولماذا؟

لا- بالعكس أنا ضد مدينة الحرير.

وهناك لغط كبير حول هذا المشروع، وكثير من الخبراء تحدّثوا عن أن المشروع بحاجة لمبالغ استثمارية طائلة لا تتوافق مع الحالة المالية الحالية، وكذلك هناك مخاوف والتباسات قانونية، وفقاً للمطلوب بأن يكون للمدينة المقترحة قوانين خاصة، وحقيقة أنا لم أقرأ أن هناك دراسات مستقلة لهذا المشروع العملاق، ولذلك أعتقد أن هناك أولويات اقتصادية للدولة أهم من مدينة الحرير، لا سيما في ظل ما تعانيه من تعقيدات مالية قوية.

* هل أنت مع السحب من «الأجيال القادمة» أم لا ولماذا؟

لا- وما يستحق الإشارة إليه في هذا الخصوص أنه يوجد قانون يمنع ذلك، والسؤال الذي يبرز أمام هذا الطلب، يتعلّق بالغرض من السحب من صندوق الأجيال القادمة، وتحديداً القيمة المضافة التي يمكن تحقيقها من هذا الإجراء، خصوصاً إذا كانت المشاريع المنفذة سابقاً عبثية، كما أن الدعومات التي تقدّمها الكويت لمواطنيها تعكس ترفاً غير مستحق.

* هل أنت مع الخصخصة أم لا ولماذا؟

نعم - أنا مع إقرار قانون ينظم مشاريع الخصخصة، لأن القطاع الخاص أكفأ بالإدارة، كما أن هذه الخطوة ستخفف من أعباء الميزانية كثيراً وتخلصها من ضغوطات عديدة تتحملها في الوقت الحالي، لكن يتعيّن أن يقابل ذلك إقرار الخصخصة وتحديد الملكية لكل مستثمر بحد أقصى 5 في المئة على سبيل المثال، وذلك في مسعى لتجنب الاحتكار مستقبلاً، مع الأخذ بالاعتبار أنه كلما كانت الخصخصة في مرحلة متقدّمة كانت متماشية مع نمو الدولة وخططها الإستراتيجية.

* هل يمكن أن تُفلس الكويت ولماذا؟

نعم- الكويت يمكن أن تُفلس إذا سرنا على النمط الحالي نفسه لجهة زيادة معدلات الصرف مقابل تراجع الإيرادات العامة، إلى جانب استمرار زيادة تعداد الكويتيين، والذي ينمو بفضل دعومات الحكومة المختلفة والتي تحفّز على إنجاب الأطفال والزواج والسكن، إلى جانب العلاج بالخارج والتعليم، وهكذا دواليك.

وأتذكر أنه في عام 1957 كان تعداد الكويتيين 113 ألفاً والوافدين 90 ألفاً.

وفي السبعينات بدأ التحول في السياسة المالية نحو الدعومات، فنشأ مع ذلك قرض الزواج، فكلما أنجب المواطن طفلاً تدعمه الدولة بـ50 ديناراً شهرياً عن كل واحد من أولاده، وعندما يصل الأولاد إلى سن الجامعة تمنح الدولة كلاً منهم 200 دينار، وبعد تخرجهم يجب على الحكومة توظيفهم في مؤسساتها.

وهنا تتعاظم التحديات أمام الاستمرار على الخُطى الحكومية نفسها، فـ«الكيكة» لم تعد تكفي مثل السابق للإنفاق المنفلت غير المنظم، كما أن كل المؤشرات تفيد بعدم القدرة المالية للدولة على تلبية الاحتياجات نفسها التي توافرها الحكومة للمواطنين مستقبلاً.

* هل أنت مع تأجيل القروض الذي أقرت الحكومة قانونه أخيراً ولماذا؟

لا- بالعكس أنا ضد هذا التوجه من أساسه بل أعتبره مدمّراً، خصوصاً إذا عُلم أن القرار المشابه الذي اتخذ في بداية أزمة كورونا، كلّف البنوك في المرة الأولى نحو 380 مليون دينار، وهذه المرة سيكلّف الحكومة نحو 380 مليوناً أيضاً، من دون أي استحقاق، بل بالعكس تماماً كل المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن صرف المستهلكين عموماً تراجع خلال «كورونا»، وفي مقدمة ذلك الإنفاق على السفر والتسوق والمطاعم الذي يشكّل الجزء الأكبر من مصروفات المواطنين.

وعملياً، يُسجَّل التراجع الكبير بالإنفاق في وقت لا يزال الجميع يحصل على راتبه كاملاً، ما يذكي محاسبياً فرضية زيادة حجم المدخرات لدى المواطنين وليس تراجعها، ومن ثم كان يتعيّن على الحكومة تشجيع المواطنين على الاستمرار في دفع أقساطهم وليس تأجيلها، وما يزيد المفارقة أنها عاكست هذا التوجه المسؤول، وهي ترحّب بتحملها كلفة هذا الهدر.

* هل تؤيد فرض ضرائب على الشركات والأفراد ورفع الرسوم ولماذا؟

نعم- أؤيد فرض ضريبة على الشركات لأنها تقدّم ميزانيات مدققة. ومن الأفضل تطبيق ضريبة القيمة المضافة مثلما طبقتها السعودية والتي رفعتها من 5 إلى 15 في المئة، مع العلم أنها ضريبة سهلة التطبيق وتسهم في ترشيد الإنفاق وموجهة نحو السلع غير الرئيسية، ما يعني أنها غير مضرة مالياً بجميع شرائح المجتمع، علاوة على ذلك فإن هذه الضريبة مطبقة بالفعل في جميع دول الخليج، إلا الكويت التي لم تفعّلها لأسباب سياسية وإدارية، رغم وجود اتفاق خليجي على تطبيقها تم إقراره منذ أكثر من عامين.

* هل تؤيد سياسة الحكومة في تعيين المواطنين أم أنه يجب التوسع بهذا الدور من خلال القطاع الخاص بدعم حكومي؟

لا- الصواب أن توظّف الحكومة ما تحتاج إليه من موظفين حسب احتياجها لأنها لا تستطيع توظيف كل أفراد الشعب في مؤسساتها، وأرى أن ما يحدث الآن عبارة عن بطالة مقنعة قادت إلى وجود كثافة وظيفية بمختلف وزارات الدولة ومؤسساتها، رغم عدم الحاجة لشريحة كبيرة منهم، وذلك تحت ضغوط سياسية وليس لحاجة إدارية أو اقتصادية.

* هل التركيبة الحالية للحكومة ومجلس الأمة تسمح بتحقيق الإصلاح؟

لا- هذه التركيبة لا تسمح بتحقيق الإصلاح. وكما رأينا خلال السنوات الماضية يوجد تنافس بين السلطتين على تحقيق السياسات الشعبوية التي تزدهر باستمرار بفضل الصورة النمطية المتجذرة للحكومة لدى النواب والشارع بأنها تعمل بقاعدة «كلما قلت له خذ قال هات»، وللأسف سياسة الترضيات مستمرة رغم وضع الميزانية المتأزم حالياً بتنامي مخاطر نفاد السيولة العامة.

* هل تعتقد أن إجراءات الحكومة للتحفيز الاقتصادي كافية؟

نعم- لم نرَ أن الدول الخليجية طبّقت أي إجراءات تحفيزية. وهنا أودّ التوضيح أن اقتصادات دول العالم المتقدمة قائمة على الضرائب وتحصيل الرسوم، ولذلك يتوجب عليها عندما تتعرض اقتصاداتها لأي هزات بسبب أزمات استثنائية أن تقدّم حزماً تحفيزية لإنعاش الاقتصاد الذي يعتمد على دافعي الضرائب، أما في الكويت فاقتصادها يعتمد على خط واحد للدخل وهو النفط، وتقديم دعومات لجميع المواطنين، ولذلك الأمر مختلف، والدافع متباين بين الكويت وغيرها من الدول التي حفّزت اقتصاداتها.

* هل تؤيد ما يذهب إليه البعض بأن فشل الحكومة في معالجة الأزمة الاقتصادية أنها تتعامل في الاقتصاد بالتردد نفسه الذي تتعامل به في السياسة وألا تعتقد أن الأفضل أن يكون لديها نهج اقتصادي ثابت بعيداً عن النهج السياسي ومصالحه المتغيرة؟

نعم- بكل تأكيد أؤيد أن يكون للحكومة نهج مستقل، وخطة واضحة تحقق الاستدامة المالية، وتخفف الاستعانة بالأيدي العاملة الهامشية، وللأسف بعض رؤساء الوزراء الذين تولوا منصب رئيس الحكومة كانوا غير مؤهلين تعليمياً وفي جوانب أخرى، رغم أنه بدهي أن التعليم والمعرفة عامة اعتبار أساسي للقدرة على مواكبة التطورات.

كما لا يمكن تجاهل «كاريزما» المسؤول وقدرته الكلامية والتي أصنفها بتقييمات عالية لأهميتها البالغة في التعبيرعن أفكار المسؤول، ناهيك عن أن هناك قرارات في الجهات الحكومية «خربوطية»، وبعض المسؤولين الحكوميين يتصرّفون وكأنهم يتعمّدون تدمير الاقتصاد.

ويمكن القول إنني متفائل برئيس الحكومة الحالي سمو الشيخ صباح الخالد الذي أرى أنه يملك مقدرة كبيرة على إدارة الحكومة، بفضل تخصصه بالسياسة وممارسته التاريخية للديبلوماسية، وهما موجهان أساسيان للنظرة الاقتصادية المطلوبة من الدولة على المدى المتوسط والطويل.

* هل تؤيد إعادة النظر في توجيه الدعوم بحيث يُستثنى التجار وأصحاب الأعمال من القائمة؟

نعم- بكل تأكيد، فالتجار وأصحاب الأعمال وكذلك كبار الموظفين لا يحتاجون إلى دعوم، ففي كل أنحاء العالم توجه الدعومات إلى الطبقة المحتاجة، فمثلاً الدعم الغذائي يجب أن يوجه لمن يستحقه على أن يكون تسعيره سنوياً، مع وقف الدعم المقدم للخدم والعمالة المنزلية عموماً، باعتبار أن من لديه قدرة على دفع راتب خادم أو سائق لا يتعيّن أن يحصل على دعم.

ولا يجافي الموضوعية القول في هذا الخصوص أن أبدي إعجابي بسياسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، فرغم أنه ورث اقتصاداً ضعيفاً، وواجه ضغوطاً شعبوية كثيرة بعد تسلمه الحكم، إلا أنه قرر رفع أسعار الخدمات الأساسية التي تقدمها الدولة ضمن نظام شرائح للاستهلاك، وهنا نجح في تخفيف الأعباء المالية غير المستحقة على الميزانية العامة، وضمن في الوقت نفسه أن يصل الدعم لمستحقيه، ورغم أن هذا التوجه كان قاسياً على المواطنين على المدى القصير، إلا أنه أثبت في ما بعد فائدته اقتصادياً على المدى المتوسط والطويل.

* هل تؤيد خطوات الحكومة في تعديل التركيبة السكانية ولماذا؟

لا- العديد من القضايا الملحة ومن ضمنها معالجة التركيبة السكانية أظهرت أن الحكومة قول دون فعل. فكلامها عن تحويل التركيبة لتصبح 30 في المئة وافدين و70 في المئة كويتيين مرسل، خصوصاً أنه من الواضح أنها لا تتبع سياسات معينة أو واضحة، بل سياسات غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

وإذا أرادت تعديل التركيبة فعليها الحد من التوظيف في القطاع العام وتعويض المواطنين ببدل نقدي مقابل ألا تكون مسؤولة عن توظيف الجميع، بل تساعد في إتاحة الفرص الاستثمارية في كل المجالات. ومن المفارقة أن الحديث الحكومي عن تعديل التركيبة السكانية يُغفل أن في الكويت 700 ألف خادم، ما يطرح السؤال: هل هذا الرقم ضمن حسبة الحكومة أم خارجها؟ لأنه لو ضمنها سيكون علينا الاستغناء عن غالبية الوافدين من خارج جدار العمالة المنزلية، وسيكون ذلك في المجالات المختلفة.

ماذا لو رُبط الدينار بالإسترليني؟

يلفت الجوعان إلى أن الكويت كانت وثيقة الصلة ومتينة العلاقة مع بريطانيا، وأن العملة الوطنية قُيّمت مع الاستقلال بالجنيه الإسترليني الذي كان يساوي 2.5 دولار.

ويقول «في دلائل تؤكد عمق العلاقة، اعتمدت البنوك الكويتية الثلاثة (الوطني) و(الخليج) و(التجاري) على (مدلاند) و(باركليز) و(لويدز) لإدارة تلك البنوك مع وجود البنك البريطاني للشرق الأوسط منذ عام 1942، وهو المقر الثالث للبنك في الشرق الأوسط مع إعطائه حق امتياز لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد 20 عاماً، على عكس الشقيقة الكبرى السعودية التي كان ارتباطها مع أميركا أكثر فربطت عملتها معها، وكذلك أيضاً تبنت دول الخليج الأربع الأخرى التوجه نفسه».

وتابع «طبعاً لو تبنينا الموقف الخليجي لانخفضت عملتنا إلى المستوى الحالي للجنيه الإسترليني أي 400 فلس. ومن الحصافة أن تكون سلة الدينار التي هي الآن مكونة من العملات الرئيسية والدولار له الوزن الأكبر، ومن العدل أن يشكل النفط جزءاً من وزن الدينار».

وفي هذا الخصوص، يضرب الجوعان مثالاً بأنه إذا كان النفط يشكّل 50 في المئة من وزن الدينار وانخفض البرميل مثلما يحدث هذه الأيام فستنحفض قيمة الدينار، وهذا مرغوب ومنطقي وصحي للميزانية لجهة إحداث توازن بين الدخل والصرف.

ويوضح أن جمود الدولة وعدم تجاوبها مع العجوزات المستمرة منذ سنوات عدة أمر مقلق للغاية، مشيراً إلى حديث سمو رئيس مجلس الوزراء قبل سنة حول رغبته في خفض المصاريف بنسبة 20 في المئة، إلا أنه واضح أن ذلك لم يلقَ استجابة من أحد، وعلى عكس ذلك تشير الدلائل إلى أن ميزانية هذه السنة المالية زادت 20 في المئة، لتصل إلى 24 مليار دينار.

... لا تبنوا مُدناً عمالية

يقول الجوعان إنه عند النهضة العمرانية في الخليج أقدمت دبي على بناء مدن عمالية، والآن متوسط إشغالها 50 في المئة، كما أن معدل أجرة الغرفة انخفض 50 في المئة، أي أن العائد الآن 25 في المئة عما كان عليه سابقاً.

ويتابع «في الكويت لم نخصص أجزاءً منذ بداية النهضة العمرانية للعمال والآن العمال (مدبرين) حالهم ضمن البنايات القائمة، وبناء مدن عمالية الآن في وقت الهجرة المعاكسة يعني أننا سنواجه شواغر وشققاً خالية بنسب مخيفة إذا أخلى العمال مساكنهم الحالية وذهبوا للمدن العمالية».

ويشير الجوعان إلى أن هذا الوضع ليس خطيراً فقط على ملاك العمارات، بل ستنعكس آثاره السلبية على البنوك المقرضة، حيث ستتدهور ملاءة الأصل المرهون وتضطر المصارف بسبب ذلك لتملك عدد هائل من الوحدات العقارية التي لا تستطيع بيعها بسبب كثرة المعروض.

ويبدي الجوعان استغرابه كثيراً من تخصيص «البلدية» مساحات كبيرة لبناء مدن عمالية، معتبراً أن هذا الاتجاه خطير ومدمر للملاك الحاليين والاقتصاد عموماً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي