No Script

التعاون بين إيران وأميركا... سجلّ حافل

روحاني خلال اجتماع حكومي    (أ ف ب)
روحاني خلال اجتماع حكومي (أ ف ب)
تصغير
تكبير

ليس العراق الساحة الوحيدة التي تتصادم فيه أميركا مع إيران. فسورية هي مسرح عمليات لا اتفاق فيه حيث توجد أميركا في الشمال الشرقي لمنع تعافي سورية، ولإبطاء – دون عرقلة – تدفق الأسلحة والنفط والدعم الذي تزوّد به إيران حلفاءها في سورية ولبنان.

ولا تملك إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إستراتيجية واضحة في العراق وسورية ولذلك ستبقى في البلدين. وتالياً سيبقى التوتر قائماً بغض النظر عن أي إيجابيات ترتبط بالملف النووي. ورغم ذلك فإن التوتر لا يمنع إقامة علاقات بين إيران وأميركا.

عندما احتلت إيران السفارة الأميركية في طهران عام 1979 واحتجزت 52 ديبلوماسياً لمدة 444 يوماً، فرض الرئيس جيمي كارتر العقوبات الأولى عليها في العام نفسه، إلا أنها أطلقت سراحهم بعد أن أفرج رونالد ريغان عما يقارب 8 مليارات دولار من أصول إيران المجمدة، واستقبل في حينه الرئيس هاشمي رفسنجاني المبعوث الأميركي روبرت ماكفرلين الذي حضر إلى طهران مع طائرة محملة بالأسلحة كهدية، بعد موافقة آية الله الخميني وهو ما عرف بصفقة «إيران كونترا».

وتعاونت إيران وأميركا في التسعينات حين طلب الرئيس جورج بوش (الأب) مساعدة إيران لإطلاق سراح المحتجزين الأميركيين في لبنان كبداية «لحسن النيات» بين البلدين. ووافقت إيران وانضمت إلى تحالف الدول المجاورة لإفغانستان التي تضم 7+1 (إيران، باكستان، تركمنستان، أوزبكستان، طاجكستان والصين إضافة إلى روسيا وأميركا). وقد حققت هذه المجموعة فرصة نادرة لإيران لإبعاد شبح الحرب عنها من دعاة المغامرات العسكرية في الإدارة الأميركية لتصبح شريكة، خصوصاً لأميركا.

ونجحت حينها إيران بالحلول مكان باكستان، الشريك التقليدي لأميركا بعد اتهام هذه الدولة بدعم حركة «طالبان» ولعبها دوراً سلبياً في الحرب الأميركية ضد «طالبان». وتمكنت إيران من إبعاد روسيا وإيطاليا وألمانيا عن محادثات أفغانستان من خلال لقاءاتها المباشرة مع الولايات المتحدة. وشاهد المسؤولون الإيرانيون كيف انقلبت أميركا لتحارب جميع أعداء إيران ما أعطى الوقت لطهران من أجل تنظيم نفسها ومواردها لدعم حلفائها قبل قدوم العاصفة الأميركية ضدها.

ولغاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، سُمح بالاجتماعات الإيرانية المباشرة وغير المباشرة مع أميركا، وذلك في عهد الرئيسين محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني. وقد وافق على اللقاءات المرشد الأعلى السيد علي خامنئي. وعندما قرر الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش مهاجمة طالبان وبعدها صدام حسين، فإنه مهّد الطريق لتصبح إيران قوة إقليمية، خصوصاً بعد هزيمة عدوين لإيران على حدودها. وقد تعاونت طهران مع أميركا في كلا البلدين، أفغانستان والعراق.

وحتى ولو استمرت المراقبة عن كثب مع المحافظة على المبادئ الأيديولوجية خلال التقارب الإيراني – الأميركي، فقد سمح كل من الإمامين الخميني وخامنئي للحكومة الإيرانية باستخدام هامش واسع للمناورة عند التفاوض مع أميركا. وعندما تتغلب مصالح الدولة فوق كل أمر آخَر، تصبح المرونة سيدة الموقف مع هامش واسع للتفاوض مع أميركا إذا اضطر الأمر لذلك، ما دامت الاجتماعات تدفع خطراً أكبر عن إيران الدولة.

ويقتنع المسؤولون الإيرانيون أن أميركا - التي أحضرت أول منشأة نووية إلى طهران – لن تمانع أن تصبح إيران دولة نووية لولا دعمها لحلفاء لها في الشرق الأوسط يشكلون تهديداً لإسرائيل. علاوة عن ذلك فإن إيران القوية تُفْشِلُ مخططات واشنطن في المنطقة كما فعلت في سورية والعراق وبعد تجهيز «حزب الله» في لبنان والحوثيين في اليمن بأسلحة متطورة وقوة عسكرية هائلة لا مثيل لها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي