صنّاع الدراما وفنانون لـ «الراي»: «ألفاظ غير مقبولة في بعض الأعمال»
لا خوف على «جيل ببجي»... من «عنف المسلسلات»
- سلمى سالم: في إحدى المرّات تعرضت للإغماء بسبب «كفّ»... وفي أخرى إصابتي كانت بليغة
- نور حسين: في كل بيت خليجي أو عربي هناك ضرب وصراخ ومشاكل
- محمد النشمي: غير مقبول إذا لم يكن له مبرر درامي
- رونق: هناك مشاهد قاسية وألفاظ غير مقبولة نراها ونسمعها في بعض المسلسلات
- سلطان خسروه: بعض مشاهد الضرب ضرورة فنية كونها تأتي من باب التهذيب
- تهاني المطيري: يجب وضع الحلول... وطرح المبررات لاستخلاص العِبر والدروس
هل تُعتبر مشاهد العنف في الدراما الكويتية ضرورة فنية... وهل تُشكّل مصدر قلق على سلوك الأطفال؟
أم أن الجيل الذي تربّى على «لعبة ببجي»، لا يعبأ بما يراه على شاشة التلفاز من «ضرب» وعبارات غير مقبولة!
وهل الفنان الكويتي والخليجي مهيأ لتقديم «الأكشن» باحترافية، كتلك الأعمال البوليسية في «هوليوود» مثلاً، أو غيرها من الأعمال العربية، لا سيما في الدراما المصرية والسورية؟!
أسئلة كثيرة، طرحتها «الراي» على صنّاع الدراما ونجوم الفن، ممن تباينت آراؤهم بين من يؤيد مشاهد العنف في حال تم توظيفها بشكل احترافي لخدمة الحدث الدرامي، وبين من يرفضها بسبب أثرها السلبي على الفنان والمشاهد في آن معاً. كما كان للرأي النفسي قوله.
«إصابة بليغة»
تقول الفنانة سلمى سالم: «نحن لا نمتلك الاحترافية لتقديم (الأكشن) كالغرب، ففي إحدى المرّات تعرضت للإغماء بسبب (كفّ) من الفنان القطري غازي حسين خلال مشهد تمثيلي، ومرة أخرى كنت أؤدي مشهد (الهوشة) في أحد المسلسلات، فانهالت عليّ إحدى الفنانات بالضرب المبرح، إلى حد تعرضي لإصابة بليغة في يدي ولم يزل منها الألم إلا بعد 10 أيام». وتابعت مازحة: «أعتقد أن تلك الفنانة كانت تتعمد إيذائي، أكثر من كونها تودّ اتقان المشهد».
وعمّا إذا كانت قد بادرت بضرب أحد الفنانين، ردّت: «أحياناً بعض الفنانين يضغطون عليّ لضربهم بقسوة حتى يبدو المشهد حقيقياً. مثلاً، فنان اضطرني ذات مرة لإعادة المشهد 4 مرات، وقد صفعته (طراق) أول مرة فطار (عقاله)، وصعفته ثانية فطار هو بأكمله. كذلك إحدى الفنانات تعرضت للشيء نفسه، حيث صفعتها وطارت (التراجي) من أذنيها. ولكن في مسلسل (جود) قبل بضع سنوات، كانت مشاهد الضرب فيه تتم باحترافية، ولم يتأذَ أحد من الممثلين».
«أستحق الضرب»
في غضون ذلك، استهلت الممثلة السعودية نور حسين حديثها قائلة: «أنا إنسانة جداً صريحة، ومعروفة بأنني لا أحب المجاملة والنفاق، لذلك سأقول ما في قلبي بكل شفافية إزاء موضوع العنف في الدراما».
وتابعت: «لستُ ضد الضرب والصراخ في الأعمال التلفزيونية، لأن هذا الأمر جزء من واقعنا، وبدورنا كفنانين يجب أن نقدم رسالة الفن كما ينبغي من دون تزييف أو تحريف، من خلال نقل الواقع كما هو».
وأكملت: «من غير المعقول أن نأتي بأفكار من الخيال أو نحكي عن أمور تحصل في كوكب المريخ!... في حين أن عالمنا ومجتمعنا غزير بالقضايا الشائكة، ففي كل بيت خليجي أو عربي هناك ضرب وصراخ ومشاكل لها أول وليس لها آخر. ومن هذا المبدأ، فلا بد من ترجمة هذه الوقائع على الشاشة ومن ثم معالجتها بدلاً من أن نقف معصوبي الأعين ونتظاهر بعدم رؤية واقعنا».
ومضت تقول: «أما من يعترض على مشاهد العنف بذريعة أنها تُسهم في غرس العدوانية في نفوس الأبناء، فالجيل الحالي يعرف كل شيء وهو لا يحتاج إلى توجيه من أحد كي يُعلمه، والحقيقة أن أولاد اليوم هم (جيل ببجي) وهم من يعلمونا ولسنا نحن، فلا خوف عليهم من عنف المسلسلات».
ولفتت الممثلة السعودية إلى أن صنّاع الدراما الخليجية من مخرجين وكتّاب وممثلين لديهم القدرة والكفاءة على تقديم «الأكشن» باحترافية، و«لا ينقصنا شيء لناحية المهارة والتكنيك».
كما عرجت على تجربتها في المسلسل الاجتماعي «من أجلها» وتعرضها في أحد المشاهد للعنف على يد زوجها في العمل، لكنها دافعت عن تعنيف زوجها لها بالقول: «كنت أستحق الضرب لأنني أديت دور الزوجة (الشرانية)».
«المبالغة في الأكشن»
في السياق ذاته، يرى الكاتب محمد النشمي أن العنف في المسلسلات غير مقبول إذا لم يكن له مبرر درامي، «مع العلم أن هناك أعمالاً تقوم على هذا النهج من دون داعٍ، فنحن لسنا مهيئين لتقديم (الأكشن) على الطريقة الهوليوودية، بحكم أن المجتمع الخليجي يختلف كلياً عن المجتمع الغربي، فلا يوجد (أكشن بوليسي) في حياتنا على غرار ما نراه في الأفلام الأميركية، عدا بعض الجرائم والتي لو قدمناها بطريقة (بروفيشنال) ربما ستكون مقنعة بالنسبة إلى المشاهد، إلا أن مشكلة (ربعنا) هي المبالغة في (الأكشن)».
وزاد: «بالنسبة إليّ، حين أكون متابعاً لأي مسلسل كويتي وأرى أحد أبطاله يحمل مسدساً، فإني أتوقف عن متابعته على الفور، لكون أن هذا الحدث لا يشبهنا، وبالتالي لن يكون مقنعاً. ككاتب، لم أقدم أي عمل يتضمن مشاهد دموية أو فيها تعنيف، عدا بعض المشاهد التي تتخللها (صفعة) من هذا أو ذاك، ودائماً ما تكون لخدمة الحدث الدرامي، وليس الغرض منها هو شد الانتباه فقط».
«ألفاظ غير مقبولة»
أما الفنانة رونق، فقالت: «هناك مشاهد قاسية وألفاظ غير مقبولة نراها ونسمعها في بعض المسلسلات، وهي بلا شك مرفوضة جملة وتفصيلاً، وأعتقد أن هذه النوعية من الأعمال أدت إلى حالة من الملل لدى المشاهد، الذي اعتاد على رؤية العنف وسماع الصراخ، كما لو أن البيت الخليجي يعيش في صراع دائم».
وألمحت رونق إلى أن الدراما الخليجية لا تزال متأخرة بمراحل كثيرة عن نظيرتيها المصرية والسورية لناحية «أعمال الأكشن»، وبأنها تحتاج إلى المزيد من الجهد والعمل، من أجل صناعة أعمال مماثلة.
«Reaction»
من جهته، أوضح المخرج سلطان خسروه أنه مع الـ«Reaction» في العمل الفني لكونها تُعبّر عن ردّة فعل طبيعية نتيجة تصرف خاطئ، معتبراً أن بعض مشاهد الضرب ضرورة فنية كونها تأتي من باب التهذيب، خصوصاً إذا كان طرفاها ابن عاق وولي أمره، رافضاً في الوقت نفسه أي مشاهد قاسية إذا لم يكن لوجودها مبرر.
وذكر خسروه أن الضرب في العمل الفني لابد وأن يكون باحترافية عالية من جانب الممثل، حتى لا يتأذى أحد الأطراف، «وهنا يأتي دور المخرج، فإذا كان متمكناً من عمله فسوف يتقن المشهد أو يلجأ على الأقل إلى تقنية الكروما».
وذكر أنه في بعض الأعمال التاريخية الكبيرة هناك فريق متخصص لتصميم المعارك، «إلا أن الوضع في المسلسلات الكويتية مختلف كلياً، بحكم أن المعارك الأسرية لا تتعدى الصفعات والمشادات الطفيفة».
«استخلاص العِبر والدروس»
تناولت الاختصاصية النفسية تهاني المطيري طرف الحديث من منظور علمي، قائلة: «إن للإعلام بالغ الأثر على سلوكيات المشاهدين لا سيما الأطفال والناشئة منهم، خصوصاً إن كانوا يفتقدون للقدوة داخل الأسرة، فيتأثرون بمثل هذه المسلسلات التي تتضمن مشاهد الضرب والسب بين الأزواج والأبناء، وهنا من الطبيعي أن يكتسب الطفل سلوكاً آخر ينعكس على عاداته وتصرفاته في البيت وخارجه».
وأضافت: «فلنفترض أن كل ما يتم طرحه في الدراما الكويتية من قضايا ومشاكل يُمثّل الواقع في المجتمع، ولكن لابد أن تُطرح الحلول المناسبة لهذه القضايا، وتُطرح الأسباب والمبررات التي أدت إلى العنف الأسري، لاستخلاص العِبر والدروس والاستفادة منها».
وختمت بالقول: «إذا كان بعض الأهالي لا يجيدون فن التعامل مع أبنائهم، فهناك دورات تدريبية متخصصة للتنشئة الاجتماعية وبإمكانهم المشاركة فيها، بالإضافة إلى تعويد الأبناء على مبدأ الوسطية وتربيتهم بميزان الثواب والعقاب».