No Script

رأي قلمي

عالم التعقيد والغموض...!

تصغير
تكبير

إن وجّهنا لأنفسنا سؤالاً ما هو عالم التعقيد والغموض؟! الغالبية ستجيب بأنه عالم العلاقات، فهو عالم المكاسب والمخاطر في آن واحد، وفي الحقيقة أن مجال العلاقات يكاد يكون أهم مجال في الحياة، لذلك الغالبية العظمى ستتفق على أنه عالم التعقيد والغموض، فدرجة أهمية مجال العلاقات تجعلنا نقول: إن لكل شيء وجودين، (ذاتي، وعلائقي)، وأن كثيراً من الأشياء تتغيّر طبائعها بسبب العلاقات التي تدخل فيها مع غيرها.

وسياق ما نحن فيه لو أن المتطرّفين في العلاقات قصروا تطرفهم على حياتهم الشخصية لهان الأمر، لكن المشكلة أن المتطرّف يؤذي نفسه ويؤذي من حوله، ويعاني من مواقفه المتطرّفة القاصي والداني، القريب والغريب، لأن المتطرّفين غالباً يأخذون بالجانب الحاد والصلب من المفاهيم والأحكام والأقوال والأفعال، وكل ذلك ليتشفوا ويثأروا من الشخص المخالف لهم، وعلاقاتهم تقوم على الإذلال والإخضاع وليس على السلام والتعايش وحب الخير والتعاون على ما فيه مصلحة البشرية. منهجهم لا يعرف علاقات السلام والإحسان، رغم أن العالم اليوم قد تغيّر، والكثير من الناس يدعون إلى التسامح والتعايش وترك الكره والتطرف، فلا توجد لديهم خارطة ترسم علاقاتهم مع الآخرين، تراهم مسلحين بالهجوم والقذف واتهام الآخرين في أغلب مواقفهم.

إن مشكلة المتطرفين أنهم محدودو الأفق وأنهم يقيسون الأشياء المعقدة على الأشياء البسيطة، وتكون نتائج القياس كارثية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى! اليوم المجتمعات العربية والإسلامية تخوض صراعاً حضارياً، حيث إن كثيراً من النخبة والصفوة مفتونون بما أحدثه العالم الصناعي من تقدّم على صعيد التنظيم والإبداع والتعليم والحفاظ على الصحة، أما عامة الناس فهم مفتونون بأسلوب العيش لدى الغرب على نحو خاص: أسلوب قضاء أوقات الفراغ، وأسلوب التمتع بالحياة وما يشتمل عليه من لهو والكثير لا فائدة منه!

هذا يعني أن مشكلة المتطرفين داخلية، وأنهم يحتاجون إلى بذل جهود هائلة لتغيير قناعاتهم، وتحصين أنفسهم من أي غزو غوغائي تهب رياحه عليهم من كل حدب وصوب، قبل أن ينشغلوا بأذية العالم الخارجي. وعليهم أن ينطلقوا من مبدأ نبذ التطرّف، وتأسيس للمواطنة الحقة، حتى ينهضوا بالبلاد ويعيش الكل في أمان واستقرار واستقلال.

‏M.alwohaib@gmail.com

‏mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي