د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / الأضحية السياسية بين القانع والمعتر

يتقرب المسلمون يوم الحج الأكبر إلى ربهم بنحر الأضاحي، اقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، والتي يتم توزيعها إلى ثلاثة أجزاء (فكلوا منها وأطعموا القانِع والمعْتَرّ)، والمقصود بالقانع: أي السائل الذي يطلب العطاء، والمعترّ: هو الذي يتعرض للناس دون سؤال ليعطوه، وقيل القانع: الراضي بما عنده وبما يعطى من غير سؤال، والمعترّ هو: المتعرض للناس مع سؤالهم العطاء. واقعنا السياسي أضحى أكبر مهرجان للقرابين السياسية، واللي يحب النبي يستجوب، تخيلوا معي أربعة استجوابات فقط، خلال ثلاثة أيام لا غير، ولولا أن نوابنا قنوعون لارتفع العدد، فالحمد لله على قناعة بقية نوابنا الأفاضل، خصوصا نواب دائرة (السكتم بكتم) ودائرة (كله تمام يا سعادة الريّس) كفى الله الكويت شرهم، السؤال المهم: من سيأكل من تلك القرابين والأضاحي السياسية، ومن هو القانع والمعتر يا ترى؟ من تلكم الأطراف الخفية التي تدير اللعبة، نعم هناك مؤامرة تحاك ضد الدستور، علم منفذوها أم لم يعلموا. الاستجواب حق دستوري لكل نائب في مجلس الأمة لا ينازعه فيه أحد، ولن أصدق أبداً في يوم من الأيام اسطوانة التأزيم المشروخة التي يكررها كتاب الصحف الصفراء والخضراء والبرتقالية وبقية ألوان الطيف (عدا الأحمر بالطبع)، ولأنه، أعني الاستجواب، أداة للإصلاح السياسي، فلابد أن تستخدم بطريقة تضمن تحقيق ما يراد منها، فالحكمة فعل الشيء الصحيح، في التوقيت والمكان والأسلوب الصحيح، وقد أعجبني تصريح النائب خالد الطاحوس مع حداثة عهده النيابي عندما سئل عن استجوابه لوزير المالية، فقال: إنه جاهز ولكنني أنتظر المواءمة السياسية لتقديمه، لله درك يا خالد فقد فقهت اللعبة على حداثة سنك وتجربتك. ما حدث يا سادة من تكالب نوابنا وتسابقهم على الاستجوابات الأربعة في وقت واحد لم أستطع تفسيره إلا أنه تقديم قرابين سياسية لبعض أعمدة السلطة التنفيذية، ما سينعكس سلباً على استجوابات جادة مستحقة، وسيكون ضحيتها مجلس الأمة والديموقراطية التي يتغنى بها بعض النواب، ممن أصبحوا عرائس من دمى بيد أسيادهم يحركونهم متى ما أرادوا وكيفما شاؤوا، تلك القرابين سيأكل منها أصحابها المخططون والمنفذون، وبعض النواب (اللي على قد حالهم) من نمط القانع والمعتر، والذين يقتاتون على مثل تلك الموائد من سدنة المال والإعلام، جعلها الله زقوماً في الدنيا والآخرة... آمين يا رب.



في الأفق



قال سقراط: السياسة هي أن تجعل الناس في موقف أفضل... سمعتوا؟





د. عبداللطيف الصريخ

مستشار في التنمية البشرية

[email protected]