No Script

«اعتدال الموازين باختيار وزراء سياسيين وقياديين تكنوقراط»

رؤية تحليلية للتشكيل الوزاري الجديد

أحمد المليفي
أحمد المليفي
تصغير
تكبير

- لم تجرَ قراءة جيدة للانتخابات التي أفرزت مجلساً سياسياً يمكن تصنيفه بالمعارض
- كان يفترض اختيار حكومة ذات خلفية سياسية وتجربة برلمانية تتعامل مع المجلس الند بالند والثقة بالثقة
- وجود وزير غير سياسي يضعفه أمام الطرح السياسي العالي والمركز

فيما رأى في التشكيل الوزاري الجديد، جملة تطورات إيجابية، من شأنها أن تساهم في مد جسور العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، من دون تغييب لبعض العيوب التي شابته، اعتبر الدكتور أحمد المليفي، أن التشكيل الوزاري ما زال يقوم على الفكر التقليدي القديم، من دون تطور يصاحب المرحلة، وما تستدعيه الحاجة السياسية والاقتصادية والإدارية.

وخلصت رؤية تحليلية أجراها المليفي للحكومة الجديدة، أن تطوراً جيداً شهده التشكيل الأخير، تمثل بتوزير ذوي خبرة سياسية، وبعضهم قريب من المعارضة بالأفكار ويحوز ثقتهم.

كما رأى في فصل وزارتي التربية والتعليم العالي، خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن ضم الثانية إلى «النفط» أفقده قيمتها.

وفي حين اعتبر إسناد «شؤون مجلس الوزراء» الى وزير الخارجية، بمهامه الديبلوماسية الكبيرة، جانبه التوفيق، لفت إلى أن إنشاء وزارة للشؤون الاقتصادية والاستثمار رسالة جيدة، إلا أن إسنادها إلى وزير المالية أضعفها، لاختلاف مهام الوزارتين.

وفي تحليله لمستقبل العلاقة بين السلطتين، أشار المليفي إلى أن التشكيل الجديد أخذ اتجاه التهدئة، بإبعاد وزراء كانت عليهم ملاحظات، واستقطب وزراء أصحاب خبرة سياسية وعلاقات طيبة مع تكتل المعارضة.

واعتبر أن المطلوب من المجلس أو كتلة المعارضة أن ترد التحية بمثلها، وتتقدم كذلك خطوة نحو التهدئة والحوار، خصوصاً أن كل القضايا قابلة للنقاش وليس أمامها أبواب مغلقة.

وفي ما يلي رؤية الدكتور المليفي التحليلية للتشكيل الوزاري الجديد:

يعتبر التشكيل الوزاري الجديد لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد، الثالث له منذ توليه رئاسة مجلس الوزراء في ديسمبر 2020، ولا شك بأن التشكيلين الأول والثاني قد وقع فيهما بأخطاء، أدت الى استجوابه هو شخصياً، وخروج مبكر لمجموعة من الوزراء، نتيجة للخطأ في الاختيار.

ومن دون الدخول في تفاصيل وأخطاء التشكيلات السابقة، التي سنشير إليها عند الحديث عن التشكيل الوزاري الجديد للحكومة الثالثة، فإننا سنجيب عن سؤالين:

الأول: هل تجاوز الشيخ صباح الخالد، في هذا التشكيل أخطاء التشكيلات السابقة؟

ثانياً: ما مستقبل العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؟

أخطاء التشكيلات السابقة

لمعرفة الإجابة عن السؤال الأول، لابد من أن نسرد باختصار الأخطاء التي وقعت في التشكيلات السابقة وهي:

1 - لم تكن هناك قراءة جيدة لنتائج الانتخابات، التي أفرزت مجلساً سياسياً يمكن تصنيفه بالمعارض لأداء الحكومة السابق. وكان يفترض اختيار حكومة ذات خلفية سياسية وتجربة برلمانية مقبولة، لكي تتعامل مع المجلس الند بالند، والثقة بالثقة.

إلا أن ذلك لم يتم، فحدث الاختلاف والصدام منذ اليوم الأول، خلاف كاد أن يذهب ضحيته سمو رئيس مجلس الوزراء.

الوزير السياسي أم التكنوقراط؟

2 - وهنا أحب أن أتحدث عن فكرة الوزير السياسي أم التكنوقراط، فهناك من يدعو الى اختيار وزراء تكنوقراط لمواجهة المشاكل الإدارية والفنية التي تعاني منها البلاد، أنا شخصياً لا أتفق مع هذا الرأي للأسباب التالية:

- إن الجرعة السياسية في العمل الديموقراطي الكويتي، تفوق كثيراً العمل الفني، ووجود وزير غير سياسي، سيجد نفسه ضعيفاً أمام الطرح السياسي العالي والمركز، من قِبل أعضاء مجلس الأمة والصحافة والرأي العام، فيقع بأخطاء قد تؤثر على الحكومة بمجملها.

- إن عمر الوزارة في الكويت قصير، ومعظمه عمل سياسي بين المجلس والحكومة، ومن ثم فإن الاستفادة من الوزير التكنوقراط لن تكون ذات فائدة حقيقية.

- عدم وجود وزراء أصحاب خبرة سياسية يتعاونون ويتناوبون في مواجهة المجلس ولديهم القدرة على تبريد وتوثيق العلاقة بين المجلس والحكومة سيضع رئيس الوزراء أمام مدفع الهجمات النيابية التي إن أصاب الهدف منها طلقة واحدة فان تكلفتها ستكون عالية.

- التركيز في التكنوقراط، يكون بتعيين الوكلاء والقياديين والمستشارين في الوزارات والهيئات والمؤسسات، لأهميتهم وأهمية الدور الذي يقومون به، ونحن للأسف في المجال الذي نحتاج فيه الى تكنوقراط في مثل هذه المراكز يتم التعيين وفقاً للمعيار السياسي، البعيد عن الكفاءة.

- لذلك، أعتقد، ولكي تعتدل الموازين، أن تكون مسطرة اختيار الوزراء سياسية، ومسطرة تعيين القياديين في الوزارات تكون على أساس التكنوقراط.

3 - لم تكن هناك قراءة واطلاع كامل على السيرة الذاتية لكل مرشح للوزارة، وما يمكن أن يكون عائقاً أو معرقلاً لتولي الحقيبة الوزارية، سواء من الناحية الفنية أو السياسية، ما أعطى الانطباع بعدم وجود فريق على مستوى عالٍ من الكفاءة لمساعدة سمو الرئيس في الاختيار. وقد أدى ذلك إلى إحراج سمو الرئيس، بإضعاف وزارته من ناحية، وإلى خروج مبكر للوزراء، من ناحية أخرى.

تحليل الوزارة الحالية

بعد هذا السرد المختصر، للأخطاء التي كما نرى أنها ارتكبت في التشكيلات السابقة فإننا من خلال تحليل وضع الوزارة الحالية، نترك الحكم لكم، فيما إذا كان قد تم تجاوز الأخطاء السابقة عند تشكيلها من عدمه. وذلك على الوجه التالي:

1 - في هذا التشكيل تم إسناد بعض الحقائب الوزارية إلى عناصر سياسية لديها الخبرة في العمل السياسي، وبعضها قد لا يمتلك الخبرة، ولكنه قريب من تيار المعارضة بالأفكار ويحوز ثقتهم، وهذا تطور جيد سيساهم في مد جسور العلاقة بين المعارضة في المجلس والحكومة.

2 - فصل وزارة التربية عن وزارة التعليم العالي، ان كان في الاتجاه الصحيح، ولكن نعتقد بأنه اتجاه ناقص، بسبب ضم «التعليم العالي» للنفط أفقده قيمته، حيث كنا نتمنى أن تكون لكل وزارة وزير متفرغ لها، وبذلك تكون هناك رسالة واضحة على الاهتمام بالتعليم العام والعالي.

3 - إنشاء وزارة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، رسالة جيدة بالاهتمام بالوضع الاقتصادي، إلا أن إسنادها إلى وزير المالية أضعف هذه الرسالة وأذهب قيمتها، فوزارة المالية مهمتها جباية الأموال، والعمل على تقليل المصروفات ورقابة إنفاقها، وهي مهمة تختلف عن نشاط وأهداف وزارة الشؤون الاقتصادية والاستثمار، التي تحتاج متابعة من وزير متفرغ لها.

4 - اسناد وزارة الدولة لشؤون مجلس الوزراء الى وزير الخارجية: أعتقد أنه غير موفق، خصوصاً أننا أمام مهام ديبلوماسية كبيرة يضطلع بها وزير الخارجية، وإسناد وزارة مهمة كوزارة الدولة لشؤون مجلس الوزراء له، تحتاج إلى متابعة سيكون أثره سلبي على دوره الرئيسي في وزارة الخارجية، وكذلك على وزارة الدولة لشؤون مجلس الوزراء.

5 - بصورة عامة فإن التشكيل الوزاري ما زال يقوم على الفكر التقليدي القديم، من دون تطور يصاحب المرحلة، ومن دون تغيير تستدعيه الحاجة السياسية والاقتصادية والإدارية.

مستقبل العلاقة بين السلطتين

في الإجابة عن هذا السؤال، نقول وبكل موضوعية، إن التشكيل الحكومي، وان كان لنا عليه بعض الملاحظات كما سطرناها أعلاه، إلا أنه أخذ اتجاه التهدئة بإبعاد بعض الوزراء ممن كانت عليهم ملاحظات، واستقطب بعض الوزراء أصحاب الخبرة السياسية والعلاقات الطيبة مع تكتل المعارضة.

إذاً، سمو رئيس مجلس الوزراء، قد تقدم بأكثر من خطوة وقدم تحية للمجلس ومد اليد للتعاون على القضايا المطروحة. الآن المطلوب من المجلس أو كتلة المعارضة أن ترد التحية بمثلها، وتتقدم هي كذلك خطوة نحو التهدئة والحوار، خصوصاً أن كل القضايا قابلة للنقاش وليس أمامها أبواب مغلقة، قد لا تتحقق بعض المطالب بالأسلوب المطالب به نفسه، ولكنها ليست مغلقة وغير قابلة للنقاش والوصول إلى حلول بالمنتصف تكون مرضية للجميع وتسهل الوصول إلى ما هو أكثر، فالسياسة هي فن الممكن، وما لا يدرك كله لا يترك جله.

في الختام، نسأل الله التوفيق والسداد والأمن والاستقرار لوطننا، تحت قيادة سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد.

قرارات جميلة تحتاج تفسيراً

توجه المليفي بملاحظة إلى سمو الرئيس، ذكر فيها أنه عندما تتخذ الحكومة موقفاً أو إجراء إصلاحياً، لا يكفي أن يصدر قرار على الورق، بل يحتاج الى توضيح مسموع ومرئي، وأن يدار حوله نقاش لتوضيح أهدافه وترسيخ معناه، ولا يترك للآخرين تفسيره بالطريقة التي يريدونها، فهناك قرارات جميلة اتخذت، لم تأخذ حقها من التوضيح والنقاش، لا بد من شرح وتفسير للناس، مثل:

إجراء القرعة لاختيار العسكريين.

إلغاء الألقاب من الأسماء بما يمنع الحرج أو الاستغلال.

الناس تسأل الآن ما العلاقة بين النفط والتعليم العام؟

حساب في «تويتر» لسمو الرئيس

رأى المليفي وجوب أن يكون لسمو رئيس مجلس الوزراء حساب في «تويتر»، يشرف عليه فريق إعلامي وسياسي «يقترح عليك القضايا التي تتطرق لها في الحساب، والوقت الملائم لطرحها إعلامياً ويشرح لهم وجهة نظره، وغيرها من جوانب إعلامية، أنت والحكومة تحتاجون لها».

إلغاء «الإعلام» و«الأوقاف» ودمج «العدل» و«الشؤون»

قدم الدكتور المليفي اقتراحاً لهيكل تنظيمي لتشكيل مجلس الوزراء، أبرز ما فيه:

إلغاء وزارتي الإعلام والأوقاف وجعلهما تحت وزارة التخطيط، بإنشاء مجلس أعلى للخطاب الوطني.

إنشاء وزارة الاقتصاد والاستثمار تختص بمتابعة كل استثمارات الدولة كما تختص بتنويع مصادر الدخل.

فصل وزارة التربية عن وزارة التعليم العالي، وأن يكون لكل وزارة وزير.

دمج وزارتي العدل والشؤون، تمهيداً لإلغاء الثانية، لوجود الهيئة العامة للقوى العاملة، وتوزيع مهام الوزارة الأخرى على جهات أخرى، كالتأمينات الاجتماعية وهيئة الشباب والرياضة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي