No Script

مضاربات قفزت بالسهم أكثر من 500 في المئة بأقل من شهرين دون مبرّرات

«العبور» حديث البورصة المصرية... فهل يعلم المساهم الرئيسي الكويتي ما يحدث فيها؟!

تصغير
تكبير

- سماسرة: المضاربون اعتمدوا على عدم معرفة رجل الأعمال الكويتي بالتطورات الأخيرة
- 45 في المئة حصة المستثمر الكويتي ومجلس الإدارة مجتمعاً لديه 7 في المئة فقط!
- البورصة المصرية أوقفت التداول على سهم الشركة 40 مرة خلال شهرين
- ما تشهده «العبور» يفتح ملف ملكيات كويتية «منسية» بأسواق مال مختلفة
- 4 مضاربين استخدموا أموال سيدة سعودية وحساباتهم للسيطرة على الشركة
- الخطة تتضمن توجهاً لتجزئة السهم حتى تتقلّص حصة المالك الرئيسي
- تحويل تعاملات «العبور» للتدقيق وإحالة الملف للتحقيق بعد الارتفاع غير المبرّر
- 9 في المئة تراجعاً بسعر السهم أمس وتكليف شركة بدراسة التقييم العادل

لم يكن في البورصة المصرية حديث يعلو فوق القفزة التي سجلها سهم شركة مملوكة، بشكل رئيسي، لرجل أعمال كويتي، الأسبوع الماضي، وذلك بعد تحقيق سهم شركة العبور للاستثمار العقاري (OBRI)، الذي يتداول في بورصة مصر منذ عام 1999، ارتفاعاً قياسياً هو الأعلى بين الأسهم المصرية منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية تداولات الخميس الماضي، بنسبة تجاوزت 500 في المئة، وبلا أسباب تبرر تلك القفزة، ما دفع الجهات الرقابية لتتدخل أكثر من مرة لمعرفة أسباب ما يجري على السهم، لترد الشركة في كل مرة بأنه لا توجد أحداث جوهرية.

إجراءات احترازية

ومن واقع حركة السهم يتضح أن البورصة المصرية اتخذت إجراءات احترازية لأكثر من مرة لتوقف السهم خلال كل جلسة يحقق فيها ارتفاعاً بـ5 في المئة، إلا أن السهم كان يعود ليرتفع من جديد وسط موجات مضاربية منظمة ومكرّرة، تقودها أطراف تسعى للاستحواذ على الشركة.

وقال متعاملون في البورصة المصرية لـ«الراي» إن المضاربات الحادة على سهم الشركة دفعت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر، وهي الجهة المنوط بها تنظيم ومراقبة أداء وتعاملات الأسواق، للتدخل يوم الخميس الماضي لتعلن رسمياً بعد انتهاء جلسة تداولات البورصة المصرية وقف التعامل وإلغاء العمليات المنفذة على أسهم «العبور» خلال تعاملات اليوم ذاته وتعليق أي عروض أو طلبات على أسهم الشركة.

ويوم أمس، أُعيد سهم «العبور» إلى التداول، بعد أن أعلنت هيئة الرقابة المالية، أن شركة العبور، كلّفت شركة سوليوشن للاستشارات المالية عن الأوراق المالية، لإعداد دراسة قيمة عادلة للسهم، بناءً على طلب الهيئة من «العبور» تكليف أحد المستشارين الماليين المستقلين المقيدين بسجلاتها لإعداد دراسة قيمة عادلة للسهم، تقدم ملخصاً لها قبل يوم 31 مارس الجاري.

وأشارت الهيئة في بيان لها إلى أن ذلك يأتي إعمالاً للمادة 35 مكرر من قواعد قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة المصرية، وبدراسة تطور سعر تداول أسهم الشركة خلال الفترة من 25 نوفمير 2020 وحتى 24 فبراير 2021.

وأغلق سهم الشركة في نهاية تداولات أمس عند 35.05 جنيه، منخفضاً بنحو 9 في المئة مقارنة بإغلاقه الأربعاء من الأسبوع الماضي (بعد إلغاء تداولات الخميس) البالغ 38.5 جنيه للسهم.

وشملت الإجراءات الرقابية إحالة تعاملات سهم «العبور» لآخر 6 أشهر للتدقيق، وذلك على خلفية القفزات المهولة التي حققها السهم طيلة الفترة الماضية من دون أي داع، فيما تمت إحالة ملف الشركة للتحقيق لكشف الملابسات، وما قد يكون صاحب ذلك من تلاعبات.

أسئلة واستفهامات

لكن ما هي قصة تلك الشركة المملوكة لرجل الأعمال الكويتي؟ ومن قام بالمضاربة على أسهمها ولصالح من؟ وهل المالك الرئيسي على علم بما يجري على أسهم شركته في مصر؟ الأمر الذي يفتح مجالاً أكبر للتساؤل عن الشركات «المنسية» المملوكة لرجال أعمال كويتيين وغيرهم في الخارج، بما في ذلك السوق المصري، وربما الحال أيضاً في ما يخص ملكيات منسية لرجال أعمال في السوق الكويتي.

«الراي» تواصلت مع مسؤولين في سوق المال المصرية وسألتهم عن «أزمة سهم العبور»، وطلبت معلومات أكثر عن الشركة، ليأتي الرد بأن رجل الأعمال الكويتي يستحوذ على حصة الغالبية في الشركة بنسبة تقترب من 45 في المئة والتي كانت بحدود 60 في المئة (لم يكتتب في زيادة شهدها رأس المال)، في حين لا تتعدى حصة مجلس الإدارة الذي يخلو من أي ممثلين لرجل الأعمال نسبة 7 في المئة، فيما تتملك بقية الأسهم أطراف مجهولة أو غير مشهورة.

ثغرات بالجملة

وأكدت المصادر لـ«الراي» أن مجموعة من المضاربين في البورصة المصرية قاموا بدراسة أوضاع الشركة، ووجدوا العديد من الثغرات فيها، أولها الغياب التام لرجل الأعمال الكويتي عن الشركة، حيث لا يوجد تمثيل له في مجلس الإدارة ولا يحضر الجمعيات العمومية للشركة ولا يشارك في إدارتها، حتى اعتقدوا أنه لا يعرف شيئاً عن الشركة وأنه ربما نسيها نظراً لحجمها الصغير، مقارنة بحجم استثماراته الضخمة على حد تعبيرهم.

وأضافوا أن «المضاربين» اعتبروا أن الشركة مثل المال «السايب» الذي لا يوجد له صاحب، ما شجعهم على اتخاذ قرار المضاربة على سهم الشركة.

4 مضاربين

ووفقاً للمصادر، اتفق 4 مضاربين، أحدهم مالك لإحدى شركات تداول الأوراق المالية والآخر مدير حساب لبعض المستثمرين الخليجيين، والثالث مضارب شهير بالبورصة المصرية صدر ضده بعض الأحكام والعقوبات، والرابع تاجر عملة، على شراء كل واحد منهم 200 ألف سهم من أسهم الشركة بسعر 7 جنيهات إلى 12 جنيهاً، ثم يأتي تدخل إحدى المحافظ الخليجية التي يديرها مدير الحساب لتقوم بشراء مليون سهم من أسهم الشركة ويتم تجميدها وعدم التعامل عليها بهدف تقليص سيولة السهم بالسوق، حتى يسهل الصعود به إلى مستويات قياسية.

وانتهت عمليات الشراء حتى وصل سعر سهم الشركة إلى 16 جنيهاً خلال يناير الماضي، ما دفع البورصة لإرسال استفسار حول ما إذا كانت هناك أحداث جوهرية من عدمه، وكان رد الشركة بعدم وجود أي جديد لتستمر الشبكة التي تتحرك على السهم في إطار النهج المتفق عليه من جديد!

إجراء رقابي

وأوقفت إدارة البورصة المصرية التداول على سهم الشركة أكثر من 40 مرة خلال جلسات التداول على مدار الشهرين الماضيين، كل مرة لمدة 10 دقائق، يتخللها جلسة لتهدئة المستثمرين بسبب الارتفاع المتواصل ولإفساح المجال لهم لاتخاذ القرار الاستثماري الملائم، وهذا كان أقصى إجراء ممكن أن تتخذه إدارة البورصة قبل أن تحيل الأمر إلى «الرقابة المالية» الجهة الأعلى لبدء التحقيق فيه.

وشهدت تطورات رحلة الصعود القياسية العديد من الأحداث والإجراءات من قبل الشركة، حيث أرسلت يوم 24 يناير الماضي إخطاراً للبورصة بنقل مقر الشركة من شارع الميرغني في منطقة مصر الجديدة إلى شارع حافظ رمضان بالمنطقة السادسة بمدينة نصر، وهو مقر مقارب لمقر منزل رئيس الشركة!

وفي 10 فبراير، أرسلت الشركة بياناً آخر حول آخر مستجدات الهيكل التنظيمي لها، تبين من خلاله أن يسري عبدالواحد رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب يمتلك 3.8 في المئة، فيما يمتلك عضو المجلس محمود ياسين 1.15 في المئة، وكريم عبدالحميد 1.7 في المئة، وسنابل علام 0.26 في المئة، كما أفصحت الشركة الأربعاء الماضي عن وفاة عضو مجلس الإدارة محمود ياسين.

لا أحداث جوهرية باستثناء إفصاح مستثمرة سعودية

بمراجعة الأخبار والتعاملات التي جرت على سهم «العبور» منذ بداية العام الجاري، لم تجد إدارة الرقابة على التداول في بورصة مصر أي أحداث جوهرية باستثناء إفصاح من مستثمرة سعودية الجنسية حول عمليات شراء مستمرة على الشركة، حتى وصلت حصتها في الشركة لأكثر من 15 في المئة.

واستمرت عمليات المضاربة على سهم «العبور» حتى وصل سعره يوم الخميس الماضي إلى قرابة 43 جنيهاً، قبل أن تلغي هيئة الرقابة المالية تداولات السهم في ذلك اليوم، في حين كان السهم قد أقفل في نهاية تداولات الأربعاء من الأسبوع الماضي عند 38.5 جنيه، وبذلك يكون السهم قد سجل ارتفاعاً فاق الـ500 في المئة مقارنة مع سعر 6.35 جنيه قبل نحو شهرين.

رياح «الرقابة» أطاحت باتفاق تجزئة السهم

يقول أحد المضاربين على سهم الشركة إنه على علاقة مباشرة برجل الأعمال الكويتي، المساهم الرئيسي في «العبور»، وكذلك مع رئيس مجلس إدارة الشركة، وأن هناك اتفاقاً بينهم على إجراء بعض التعديلات على الشركة وإعادة الهيكلة وتجزئة القيمة الاسمية للسهم، بعد وصوله لسعر معين.

وبيّنت المصادر أن أنباءً يتم الترويج لها بأن رئيس شركة تداول الأوراق المالية المشارك في المضاربة على سهم الشركة، التقى بالفعل مع رئيس الشركة واتفق معه على تنفيذ بعض الطلبات للمساعدة في المضاربة على سهم الشركة، ومنها عقد اجتماع مجلس إدارة للموافقة على تجزئة القيمة الاسمية لسهم الشركة من 5 جنيهات إلى 50 قرشاً، إلا أن رياح الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر أتت بما لا يشتهون، حيث ربطت أخيراً عمليات التجزئة بموافقة مباشرة منها.

وفي حين أن تقييمات الشركة الحقيقية أقل بكثير من السعر السوقي للسهم، يدور حديث عن اتفاق على أن يتحمل المضارب تكلفة دراسة القيمة العادلة للشركة، وأن يقوم برفع قيمة التقييم.

جدير بالذكر أن الشركة سبق أن زادت رأسمالها دون مشاركة بعض المساهمين الرئيسيين في العملية، الأمر الذي انخفضت معه حصصهم المملوكة، فيما تخضع التطورات للتحقيق والتدقيق للوقوف على أسباب ما يحدث من استحواذ غير معلن وارتفاعات غير مبررة لسهم الشركة.

القيمة السوقية صعدت من 29 إلى 250 مليون جنيه

قال مسؤول رقابي في البورصة المصرية إن الفحص الأولي للتعاملات على أسهم الشركة أظهر أن المستثمر الرئيسي الذي قام بعمليات المضاربة على السهم، هو مستثمرة سعودية، وأن حسابها يديره أحد المضاربين بالبورصة المصرية.

وبيّن سماسرة في البورصة المصرية لـ«الراي» أن المضاربين اتفقوا على شراء الأسهم غير المملوكة للمساهم الرئيسي من خلال البورصة، وأنهم سمعوا من خلال المضاربين أن المستثمر الرئيسي رجل الأعمال الكويتي لا يعلم شيئاً عن الشركة ولا يتابع نشاطها ولا إدارتها، ما يجعل الطريق سهلاً أمامهم للقيام بعمليات المضاربة على سهم الشركة، الأمر الذي صعد بقيمتها السوقية من 29 إلى 250 مليون جنيه في أقل من شهرين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي