No Script

ومضات

بيت السدو... بيت التراث

تصغير
تكبير

تراث الأمة هو تاريخها، وحمايته والمحافظة عليه مسؤولية وأمانة، وبيت السدو من ضمن هذه المنظومة التراثية، بفضل ما يحتويه من ورش عمل، ومعهد تدريبي يهتم بتكريم تقاليد النسيج، والمحافظة على تراث البادية في الكويت، وإبراز إبداعاته، وفنونه، ونقوشه المتمثلة في السدو الذي يختص بفن النسيج البدوي، الذي مارسته المرأة الكويتية في البادية.

حيث إن دور المرأة في البادية كان أساسياً، ومحورياً في رعاية شؤون المنزل، وأهله، ولكن هذا لم يمنعها من القيام بعمل السدو خلال لوحات فنية رائعة استوحتها من البيئة المحيطة بها، والمتمثلة في الصحراء، ورمالها الذهبية، وأزهارها، وشجيراتها، فحوّلتها بأناملها الرقيقة إلى فن يحاكي لوحات الفنانين، ومنتجات أشهر مصممي الأزياء.

إن عملية السدو تبدأ بجمع أصواف الأغنام والجمال، والماعز. وتنظيفها، وتهذيبها، وتنقيتها من الشوائب والأتربة بعد غسلها جيداً، ثم تُنشر لتجف في الشمس والهواء.

فتعود المرأة إلى غزلها يدوياً بمغازل تقوم هي بصنعها بنفسها من المواد المتوافرة في الصحراء.

وبعد ذلك تقوم بتحويلها إلى (نماء) ومفردها نمية، وهي كور مستديرة الشكل، ثم صبغها بأصباغ طبيعية مستخلصة من أزهار وأشجار الصحراء، تلك التي تقوم بإذابتها، وطبخها في قدور كبيرة على النار.

وبعد أن تجفّ هذه الخيوط تقوم بإعداد السدو، أو النوال، بطريقة فنية مستخدمة هذه الخيوط الملونة، حيث تتناوب النساء على صناعتها، وتحويلها إلى لوحات فنية، على شكل سجاجيد طويلة مزركشة، وملونة، وذات أشكال جميلة وهندسية رائعة تسمى (العويرجان).

وبعد الانتهاء من السدو - الذي عادة ما يتم في فصل الربيع وينتهي العمل منه في بداية فصل الصيف - تحوّل هذه السجاجيد إلى مساند (أرائك، أو خروج) أكياس من الصوف لحفظ الممتلكات والأمتعة، علاوة على عمل سجاجيد من صوف الماعز، تستخدم لصناعة بيوت الشعر التي يسكنونها.

وبيت السدو تأسس في العام 1979، ويقع مقره على شارع الخليج العربي في منزل تراثي، يعكس إيمان القائمين عليه بالمحافظة على هذا التراث الشعبي العريق، وعرضه للزوار، ولكن دور بيت السدو لم يقف عند ذلك، بل تعداه بتحويله إلى معهد تدريب تراثي، يعلّم النساء فن وصناعة السدو تحت إشراف مدربات محترفات، وتوفير كل الإمكانيات، لتحويل هذا التراث إلى فن، من خلال برنامج «أنتج» الذي يتم بالتعاون مع كل الجهات المعنية، ومنها وزارة التربية والشركات الداعمة، ووزارة الخارجية. حتى أصبحت منتجات هذا البيت العريق في كل المرافق العامة، كمطار الكويت، والهيئات، والوزارات وسفارات دولة الكويت، والمعارض الفنية الدولية التي تشارك بها الدولة.

هذا الجهد الكبير، والمتميز قامت به الشيخة ألطاف سالم العلي الصباح منذ قرابة أربعين عاماً، حوّلت فيه السدو من حلم إلى واقع، وأيقونة شعبية، وتراثية بقيةة، ومستمرة، تتناقلها الأجيال، وتتعلمها بعد أن أسسه الرواد الأوائل من النساء العظيمات.

وهذا الجهد الصادق ما زال مستمراً، من خلال تولي كريمتها الشيخة بيبي دعيج جابر العلي إدارة زمام الأمور في هذا البيت التراثي الراقي.

بيت السدو مكان رائع يعج بعبق تاريخ الكويت وأهلها، ويعكس أصالة فنه، وتراثه، ويستحق الدعم، وقبل ذلك الزيارة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي