No Script

حروف نيرة

الفلوس تغيّر النفوس؟!

تصغير
تكبير

يمرّ الإنسان بفترات صعود وهبوط في حياته، فترى من تتغير تصرفاته، وطريقة تعامله ونظراته للمحيطين به مع صعوده ورقي حياته، فيتكبر على الآخرين، وينظر إليهم باستعلاء، ويخسر العلاقات الطيبة، وينسى كل ما مضى من حسنات لأولئك الأشخاص لغفلة يعيشها مع المال والشهرة والجاه، كالموظف البسيط الذي تُدهش من تغيّر شخصيته وترفّعه وشدة تعاليه، وأسلوبه مع الناس وكأنه يتعمد أن يشعرهم أنهم أدنى منه لتقلده المنصب العالي !

هل من المعقول أن المال والجاه والمنصب تغيّر نفوس البشر، وهل العبارة المتداولة: (الفلوس تغيّر النفوس) مطابقة على أحوال الناس مع صعودهم المادي !

لا يمكن القول بصحة ذلك؛ فالفلوس لا تغيّر النفوس، ولكنها تكشف حقيقة النفوس، وتظهر لنا خفاياها؛ فالنفوس صنفان: نفوس مريضة ضعيفة سرعان ما ينكشف أصلها لما تعانيه من فقر وخلل داخلي وانعدام الثقة بالنفس، فيحاول صاحبها أن يداري خلل شخصيته بالكبر والتعالي... يركّز على القشور ويبني حياته على حب الظهور... فهي شخصية فاشلة لا تسعى للعطاء، وقد تدمر كل ما بناه الآخرون.

وصنف آخر من الناس سواء قلّ ماله أو كثر يظل عالياً بأخلاقه، ويظهر أصله الطيب، ويستغل ماله فى إدخال البهجة على البسطاء، ولا يبخل على المحتاج بما رزقه الله تعالى من مال؛ فإنه لا يتغيّر مع المال، فالنفوس النقية القوية لا تتكبر ولا تغتر.

المشكلة ليست في المال ولكن في النفوس، وكما يقال: «أصابع اليد ما هي سوا»... فالشخصيات أو النفوس تختلف، ويجب أن نعي جيداً كيفية التعامل مع الشخصية المريضة المتكبرة، التي تعتبر نفسها متميزة عن غيرها؛ ومن أنجح طرق التعامل هو التجاهل، وألّا تعطيها قدراً يفوق قدرها، والتعامل من بعيد وبسطحية، والمعاملة بالمثل، وتقبّل بعض الأشياء عند اللقاء أو الحوار لتجاوز أذى تلك الشخصيات فلا نتعامل مع تلك الشخصية إلا بحدود، وعلى كل إنسان أن يذكّر نفسه بأن الراحة ليست بزيادة المال، بل بالرضا بما يملك ولو كان قليلاً.

aalsenan@hotmail.com

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي