ارتفاع عدد القضايا من 3 في 2015 إلى 40 في 2019 يُظهر حجم الجهود الحكومية المبذولة

قفزة كبرى في مكافحة الإتجار بالبشر في الكويت

تصغير
تكبير
* خالد الحميدي لـ «الراي»:
- خلل كبير في التركيبة السكانية من النواحي الأمنية والاجتماعية والاقتصادية
- تلقينا 2455 شكوى واستشارة في 2016 و4758 اتصالاً عبر الخط الساخن في 2018 * يوسف الصقر لـ «الراي»:
- تجارة الإقامات أحد أهم أسباب اختلال التركيبة السكانية
- لا يعنينا أن يسمح أو لا يسمح تجار الإقامات بتعديل التركيبة ففعلهم مُجرّم قانوناً وشرعياً

قفزة نوعية خطتها الكويت في محاربة الإتجار بالبشر وملاحقة المتورطين في تلك الجريمة قضائياً، الأمر الذي توضحه الأرقام الرسمية الخاصة بعدد القضايا المسجلة من العام 2015 حتى العام 2019.

ووفقاً لتقرير دولة الكويت الوطني المقدم في الـ14 من أغسطس الماضي إلى لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة، والتي ترصد تنفيذ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أظهرت الاحصائيات المتعلقة بجرائم الاتجار بالأشخاص أنه تم تسجيل 3 قضايا في 2015، فيما سجل في العام 2016 ثلاث قضايا وصدرت أحكام من محكمة الاستئناف في ثلاث قضايا، في حين سجل خلال العام 2017 سبع قضايا وصدرت أحكام من محكمة الاستئناف في قضية واحدة، بينما سجلت خلال العام 2018 ثماني قضايا وصدرت أحكام من محكمة الاستئناف في 6 قضايا.

أما العام 2019، فقد شهد قفزة نوعية حيث بلغ عدد القضايا 40 قضية، وصدرت أحكام من محكمة الاستئناف في ثلاث قضايا وأحكام أخرى من محكمة التمييز في أربع قضايا.

إفرازات نظام الكفالة

وفي هذا السياق، قال رئيس مجلس إدارة الجمعية الكويتية لحقوق الانسان خالد الحميدي لـ«الراي»، إن «تجارة الإقامات ظاهرة قديمة في دولة الكويت وتعود لأكثر من عقدين من الزمن، إلا أن خطورتها بدأت تطفو على السطح أخيراً مع اشتداد وطأة أزمة وباء (كوفيد – 19) من خلال تحول الآلاف من العمال الذين تم استقدامهم وتشغيلهم بطرق مخالفة لقوانين العمل إلى عبء على الدولة»، مشدداً على أن «هذه الظاهرة تسببت في خلل كبير في التركيبة السكانية من النواحي الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، ناهيك عن أنها أساءت لصورة دولة الكويت في المحافل الدولية، إذ إن الكويت ملتزمة بالعديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية في منظومة حقوق الإنسان».

وشدد الحميدي على أن «الحكومة عليها أن تتحمل تبعات ظاهرة تجارة الاقامات لأنها من إفرازات نظام الكفالة الذي فوضت من خلاله الدولة صاحب العمل (الكفيل) مسؤولية الإشراف على آلية استقدام العمالة الأجنبية، ما يشكل أرضاً خصبة للعمل القسري والاتجار بالبشر»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «الكثير من القرارات الإدارية الصادرة عن الهيئة العامة للقوى العاملة أدت إلى تهيئة البيئة لتجار الإقامات لممارسة تجارتهم من خلال حصرها للتحويل من صاحب عمل إلى آخر ضمن بعض قطاعات العمل، ومنع التحويل إلى خارج القطاع بذريعة تنظيم سوق العمل ومنها القرار الإداري 712 لسنة 2017 في شأن ضوابط تحويل العمالة المسجلة لدى أصحاب المشروعات الصغيرة، والقرار الاداري رقم 1024 لسنة 2016 في شأن استثناء أصحاب العمل المدرجين لدى إدارة العمل المختصة بقوائم المميزين، والقرار الاداري رقم 451 لسنة 2016 في شأن حصر تحويل العمالة المستقدمة لذات القطاع ضمن قطاعات الصناعة والزراعة والرعي والصيد والجمعيات والاتحادات التعاونية، والقرار الإداري رقم 842 لسنة 2015 في شأن انتقال الأيدي العاملة من صاحب عمل إلى آخر في بعض مواده وبخاصة ما يتعلق بالعقود والمشاريع الحكومية».

حشد الجهود

وعن دور الجمعية، قال الحميدي «شاركت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان مع عدد من جمعيات النفع العام في حملة (أنا مسؤول) بهدف حشد الجهود الوطنية والشعبية في هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد بسبب وباء كوفيد - 19 لتشجيع كل المواطنين والمقيمين على الإبلاغ عن تجار الإقامات، لإرساء أسس العدالة وسيادة القانون والضغط على المسؤولين لاتخاذ قرار تاريخي في القضاء على هذه الجريمة، وحض الحكومة على تطوير التشريعات الحالية وتفعيلها للقوانين بالمستوى المطلوب لضمان حقوق العاملين وأصحاب العمل وفقاً لمعايير العمل الدولية والاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة».

وبيّن أن «النسبة الأكبر من الشكاوى الواردة إلى الجمعية هي شكاوى من العمالة المهاجرة والمنزلية، ما يعطينا مؤشر قلق لحجم الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الفئة والسبب الرئيسي هو نظام الكفيل وتبعاته السلبية، وهذا ما دفع الجمعية منذ سنوات للعمل على تنفيذ مشاريع لدعم وتوعية العمالة المهاجرة بحقوقهم، مثل مشروع (معاً) الذي نفذ بالتعاون مع سفارة مملكة هولندا في دولة الكويت في العام 2016، وتلقينا من خلال الخط الساخن عدداً كبيراً من الشكاوى والاستشارات المتعلقة بحقوق العمال المنصوص عليها في القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي وصلت إلى 2455 اتصالاً ما بين شكوى واستشارة، ومشروع (دعم) الذي نفذ بالتعاون مع الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في العام 2018 ووصلنا عدد كبير من الشكاوى العمالية والاستشارات من خلال الخط الساخن بلغت 4758 اتصالاً منها تم توكيل محامين لعدد 551 قضية عمالية، وحالياً نحن بصدد تنفيذ مشروع (معاً 3) بالتعاون مع المبادرة الأميركية الشرق أوسطية».

آثار سلبية

أما رئيس مجلس إدارة جمعية مقومات حقوق الانسان الدكتور يوسف الصقر فقال لـ «الراي»، إن «تجارة الإقامات تعتبر أحد أهم أسباب اختلال التركيبة السكانية وما ينتج عنها من آثار سلبية مجتمعية تضر كل فرد بالمجتمع وتنتهك حقوقه الإنسانية، وأولهم من رضي أن يتعامل مع تجار الإقامات الذين غالباً يكون مصيرهم على قارعة الطريق وفي غرف كعلب السردين خالية من المقومات الصحية يسكنها عشرات العاملين».

وفي شأن ما إذا كان تجار الإقامات سيسمحون بتعديل التركيبة السكانية، أجاب قائلاً: «لا يعنينا أن يسمحوا أو لا يسمحوا ففعلهم مُجرّم قانوناً وشرعياً، ولكن ما يعنينا أن تكون الحكومة جادة في معالجة التركيبة السكانية مع اشتراط مراعاة كل الجوانب الإنسانية وكفالة حقوق الإنسان»، لافتاً إلى أن «جمعية مقومات حقوق الإنسان كان لها دور في ملف تجارة الاقامات وقامت بإصدار عشرات بيانات المناشدة والمطالبة بحفظ حقوق العمالة، وعقد دورات وندوات وورش عمل، وإطلاق حملة توعوية بحقوق العامل».

وكشف النقاب عن أن «مقومات تتلقى شكاوى دورية كثيرة سواء بواسطة بريد الإلكتروني أو الهاتف أو عن طريق المتطوعين، معظمها انتهاكات تتعلق بالمستحقات المالية العمالية، ويكون دورنا معها من خلال مجموعة من الإجراءات التي يتم اتخاذها وفق كل شكوى، توعية أصحاب الشكاوى بحقوقهم القانونية وتوجيههم للقنوات وجهات الاختصاص المعنية بالدولة، ومتابعة الشكوى لحلها بالتواصل المباشر مع المعنيين في الشركات أو الوزارات الحكومية، وإرسال المخاطبات الرسمية للشركات والمؤسسات الأهلية في شأنها، وإصدار بيانات وتصاريح المناشدة في شأنها، وتوجيه أصحاب الشكاوى للمنظمات المعنية في حال عدم الاختصاص كطالبي اللجوء والهجرة مثلاً»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «الجمعية تعاني من نقص المتطوعين وتدعو الجمهور للمشاركة في هذه الجهود لنصرة الضحايا».

6 وصايا لمكافحة الإتجار بالبشر

قدم الحميدي عدداً من التوصيات التي خرجت بها حملة «أنا مسؤول» لمكافحة الإتجار بالبشر، أبرزها:

1 - تفعيل القانون 91/ 2013 الخاص بالإتجار بالأشخاص بشكل أكبر.

2 - مضاعفة جهود التحري والمقاضاة والتأكيد على عدم الإفلات من العقاب.

3 - تعزيز قدرات القضاة ووكلاء النيابة والمحققين وضباط الشرطة في التعامل مع تلك القضايا.

4 - إعادة النظر في الكثير من القرارات الإدارية الصادرة من الهيئة العامة للقوى العاملة.

5 - حض وسائل الإعلام على القيام بدورها المحوري في نشر الوعي بأبعاد هذه الجريمة.

6 - ضرورة توفير المساعدة القانونية والطبية والنفسية وإعادة التأهيل لضحايا جريمة الاتجار.

8 خطوات للقضاء على تجارة الإقامات

قدّم الصقر عدداً من المقترحات للقضاء على تجارة الإقامات، أهمها: 1 - الحزم في تطبيق القوانين على الجميع.

2 - إنشاء خط ساخن وآمن للشكاوى العمالية.

3 - التوعية بحقوق العمال بلغات مختلفة.

4 - تفعيل فرق التفتيش على مقرات سكن العمالة.

5 - معالجة الثغرات التي يستغلها تجار الإقامات لممارسة تجارة الرقيق المعاصرة.

6 - السعي نحو إلغاء نظام الكفيل واستبداله بنظم إجرائية ميسرة.

7 - وضع آلية تشريعية تتيح القضاء على جرائم الاتجار بالإقامات.

8 - إنشاء آلية رقابية للوقوف على مدى احترام أرباب العمل للتشريعات واللوائح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي