خلال السنوات العشر الماضية، قرأت الكثير من التقارير والدراسات التي تتحدث عن ضرورة ايجاد إصلاحات اقتصادية وسياسية جادة، مثل تقارير شركة الشال الاقتصادية، وتقارير لجنة الكويت الوطنية للتنافسية، والتي يرأسها الدكتور فهد الراشد، إضافة إلى بعض المختصين والكتّاب.
وقبل أيام كتب 29 أكاديمياً من جامعة الكويت، وطلبوا إعادة هيكلة الاقتصاد الكويتي حسب خطة مدروسة وطويلة الأمد، ليكون قادراً على استيعاب الخريجين الجدد إلى سوق العمل، في ظل تخمة القطاع العام واستنزاف المالية العامة من جانب واعتماد القطاع الخاص الكبير على توظيف العمالة الأجنبية الرخيصة من ناحية أخرى.
وكان عنوان الورقة «قبل فوات الأوان» نشرها موقع KuwaitImpakt.com المتخصص في نشر الأوراق والدراسات المتعلقة بالسياسة العامة في الكويت، وخلال خمس سنوات مقبلة يتطلب توفير 96 ألف وظيفة جديدة لاستيعاب الخريجين، وذكرت الدراسة أن عدد الوظائف الجديدة المطلوبة خلال الأعوام الـ 15 المقبلة 298 ألف وظيفة.
وبيّنت الدراسة أن خلل سوق العمل هو واحد من خمسة اختلالات هيكلية يعاني منها الاقتصاد الوطني، وتحدثت عن رؤية شاملة لتصحيح المسار من ناحية إعادة هيكلة القطاع العام المتضخم، وتقليص نمو التوظيف فيه بمستهدفات مرحلية مثل تعديل سُلَّم الرواتب، وربط الترقيات والمكافآت بالكفاءة والإنتاجية، لا سيما قصر التوظيف على الحاجة الفعلية في القطاع، يقابله توجه حقيقي لخلق فرص عمل في القطاع الخاص.
تكمن أهمية الورقة أننا اليوم نعيش في عالم متغيّر، وبسرعة لم نعتد عليها، وشاهدنا تذبذب أسعار النفط خلال الأشهر الماضية بسبب جائحة «كورونا» والذي نعتمد عليه بصورة أساسية، وفِي هذا العصر من لم يتقدم سيتقادم، والكثير من الأعمال ستتغير، ويقال إن هناك وظائف ستختفي فما خطط الحكومة والمجلس لذلك ؟ والتكنولوجيا ستغير وجه الكثير من الصناعات التقليدية، لا أقول خلال عشر أو خمس سنوات وإنما خلال عام أو عامين، ولعل جائحة «كورونا» ساهمت في ذلك كثيراً، فأكبر شركة تأجير سيارات لا تملك سيارة وهي «أوبر»، وحجز التذاكر والفنادق كل هذا يتم عن طريق بعض التطبيقات الموجودة في الهواتف الذكية، والمؤسسات التعليمية التي كانت لا ترى في التعليم عن بٌعد حاجة أصبحت تتبنى هذا الأمر.
والحديث في السابق كان عن فعالية السيارات الكهربائية، وأنها غير عملية بسبب الشحن المستمر الذي تحتاجه هذه السيارة، حتى أعلنت شركة صينية أنها قامت بصنع بطاريات سيارة قادرة على السير مليوني كيلو متر، وتم تطوير هذه البطارية بالتعاون مع شركة «تسلا».
وهناك توقعات تشير إلى قلة الطلب أو الشراء من المجمعات التجارية، لصالح التطبيقات في الهواتف الذكية، والآن بدأت تتكون مجمعات تجارية كاملة، ولكن وجودها فقط في تطبيق مثل موقع «نون» وموقع «مول» و «وزاد»، وغيرها الكثير التي ستساهم في تغيير السلوك الاستهلاكي للناس.
إننا اليوم أمام تحديات كبيرة جداً، وهذه التحديات لن ترحم الذين لا يعملون بجد، علينا أن نحدد موقعنا في العالم العربي، يجب أن نستشرف المستقبل بروح العصر إن كنا جادين، ونخطط جيداً قبل أن يخطط الآخرون لمستقبلنا وعلى الحكومة والمجلس المقبل أن يعيا ذلك جيداً ولا بد من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وتغيير المناهج لتواكب العصر.