No Script

وجع الحروف

نرجسية المرشح والناخب!

تصغير
تكبير

في المجتمعات الغربية التي تعزّز مفهوم الرأي والرأي الآخر، يحدث في أحيان كثيرة أن المسؤولين عند حضورهم اجتماع يدخلون في اختلافات حول وجهات النظر، تصل إلى علو في نبرة الصوت «صراخ» بين محتج/ معارض ومؤيد... وينتهي الاجتماع وكأن شيئاً لم يكن، لأن طبيعة التعامل على مستوى علاقات العمل مرتبطة بجهة مرجعية (أكثر رشداً، علماً، خبرة)، وهناك حوكمة محددة الأُطر، تختار على ضوئها الأنسب «الأصح»، والمختلفون بعدها تراهم في غداء أو جلسة حوارية يتبادلون الحديث.

هؤلاء هم الأسوياء، يفرّقون بين علاقات العمل والعلاقات الشخصية، بينما الحال عندنا مختلف شكلاً ومضموناً! خُذ عندك هذه الأمثلة، لو أنك تعمل مع قيادي كبير واختلفت معه وعبّرت عن «الحق/ الصواب»: فماذا تتوقع أن يحصل لك؟... نهايتك إما إقصاء/ تجاهل، حرمان من الترقية، إنهاء خدمات أو إحالة إلى التقاعد.

حتى في مجلس الأمة، الاختلاف يصل إلى حد السبّ والقذف ورفع «العقال»، وضرب متبادل أو رفع لـ «النعال» أجلّكم الله.

أما الناخب، فالبعض - هداه الله إلى الصواب - يتميز بالولاء الأعمى للمرشح/ النائب، ولو جلست معه للتعبير عن صوت الحق في حُسن الاختيار حسب المعايير السليمة، لوجدته قد رسم صورة ذهنية عنك كـ «غير مرغوب به»، أو شخص مُعاد لك، وهذا يدل على عدم التفريق بين كونها جلسة مكاشفة حول اختيار رجل وطن، وبين العلاقات الشخصية التي تصل إلى حد القطيعة! هذه السمة يُطلق على المتصف بها «الشخصية النرجسية»... عناد وحب فرض الرأي وفق مبدأ، إما أن تكون معي وإما أنت ضدي وعدوي.

الغريب في الأمر أن كلّ مصلح يحاول الحديث عن أهمية الإصلاح بدءاً من أعلى الهرم إلى الموظف والناخب، يتلقى ردة فعل عكسية... حرب تُشنّ على المصلح تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي وتدعم بقرارات غريبة.

نرجسية المرشح والناخب هي مَنْ أوصلتنا إلى هذه الحال السيئة حيث لا حساب يردع سراق المال العام، ولا عقاب يقع على المسيئين للمجتمع ومؤسساته وأبسط متطلبات العيش الكريم غير متاحة... و«كله بالواسطة»! كل فرد مسؤول وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته يقول الله تعالى: «وقفوهم إنهم مسؤولون»... وعندما تتوقف عجلة المحاسبة العاجلة تدبّ الفوضى وتضيع الحقوق.

الزبدة: ماذا نريد على مستوى علاقاتنا الشخصية؟ معلوم... يجب ألّا تُمس خلال موسم الانتخابات... فقط استمع لقول الحق واتبعه.

عندك عشرات المرشحين: فلماذا المكابرة؟... إن إمكانيات، قدرات، خبرات، سيرة كل مرشح معروفة، والمواقف معروفة وطريقة التقييم معلومة، وعند التقييم يجب أن تتجرّد من هوى نفسك وعلاقاتك الشخصية، إن كنت تُريد الصالح للبلد والعباد.

اهجروا سمات الشخصية النرجسية، واختاروا المصلحين فقط لا غير، بغض النظر عن العلاقات الشخصية... الله المستعان.

terki.alazmi@gmail.com

Twitter: @Terki_ALazmi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي