الموظفون الطلبة اعتبروا أن لا حق لـ «التعليم العالي» في التدخل بشؤون عملهم

«لا شهادة عُليا إلّا بإجازة وظيفية»... إلى القضاء

انتقادات واسعة لربط التحصيل العلمي للموظف بحصوله على إجازة من عمله
تصغير
تكبير
طلبة متضرّرون:
- القرار تدخل لـ «التعليم العالي» في شؤون الموظفين مع جهات عملهم ويحرمهم من تطوير أنفسهم
- التحقنا بالماجستير بموافقة المكتب الثقافي وحصلنا على الدرجة ووثّقنا شهاداتنا من المكتب والسفارة الكويتية

أثار قرار وزارة التربية والتعليم العالي في شأن عدم معادلة الشهادات العليا للموظفين، الصادرة من خارج الكويت، ما لم يكن الموظف حاصلاً على إجازة دراسية من جهة عمله، موجة غضب ورفض من الطلبة المتضرّرين، كما انتقده عدد من المحامين، باعتباره مُجحفاً وظالماً بحق الموظفين، وبات القرار عرضة لأن يسلك طريق القضاء.

واعتبر طلبة موظفون، التقتهم «الراي»، أن القرار يعد تدخلاً من الوزارة في شؤون الموظفين مع جهات عملهم، بالإضافة الى أنه يحرم الموظفين من تطوير أنفسهم وحصولهم على تعليم أكاديمي وشهادات عليا، كفلها الدستور والقانون، والذي يعود على أعمالهم بالتطوير والإبداع، والمجتمع بالرقي والازدهار.

ضياع الجهد والتعب

وأوضح طلبة متضرّرون من القرار لـ «الراي»، أنهم سلكوا الطريق القانوني، من اختيار الجامعة المعترف بها من التعليم العالي، وبعلم المكتب الثقافي، وبتنسيق مع جهات العمل، مؤكدين أن الدارسات العليا لا تحتاج إلى الحضور اليومي، وإنما في أيام محددة في السنة لإجراء الاختبارات والمناقشة، وبالتالي يمكن للموظف أن يحصل على الشهادة من دون أخذ إجازة من عمله، لأنه لا يوجد تضارب بين مواصلة حضوره إلى مكان العمل ومتابعة دراسته.

وقال الطالب مبارك العبيان، إنه وزملاءه حاصلون على درجة الماجستير من جمهورية مصر العربية، «وقد التحقنا بالماجستير هناك، بموافقة المكتب الثقافي في مصر، وأنهينا دراسة الماجستير وحصلنا على الدرجة، ووثقنا شهاداتنا من المكتب الثقافي ومن السفارة الكويتية أيضاً، إلا أن الصدمة أننا لم نستطع معادلة شهاداتنا في وزارة التعليم العالي، بحجة أننا لا نملك التفرغ الدراسي من جهة عملنا».

وذكر العبيان انه وزملاءه حصلوا على الماجستير بطريقة نظامية، وبموافقات رسمية، مناشداً الوزير إعادة النظر في القرار «حتى لا يضيع جهدنا وتعبنا وسهر الليالي بالدراسة والتكلفة المادية التي تحملناها للحصول على تعليم راقٍ نفيد به أنفسنا ومجتمعنا».

ظُلمٌ للموظفين

من جانبه، انتقد رئيس اتحاد طلبة الكويت في جمهورية مصر العربية السابق صالح المنوخ القرار، معتبراً أنه «غير قانوني»، حيث إن منع الموظف من إكمال دراسته، مُصادرة لحقوق المواطن وظلم لشريحة كبيرة من الموظفين والموظفات.

وأكد أن «الأمل في قضائنا الشامخ في إرجاع الحق لأصحابه»، مشيراً إلى أن وزارة‏ التعليم العالي، جهة تعليمية مهمتها متابعة الطلبة وتحديد الجامعات المعترف بها ومعادلة الشهادة الجامعية، أما بخصوص الموظف الذي يكمل تعليمه، وهو على رأس عمله وكيفية التعامل معه فهو من اختصاص جهة العمل نفسها، حيث لديها القوانين والعقوبات التي تفرضها على الموظف في حال تقصيره.

وتساءل المنوخ عن مصير آلاف الطلبة الذين تكلفوا الكثير من الأموال، وحرموا أنفسهم من إجازاتهم الخاصة التي خصصوها للدراسة، واصفاً القرار بأنه يتعارض مع حق التعليم، وقمع لطموح الموظفين بالدراسة وتحسين وضعهم الوظيفي والمعيشي، وهو من الحقوق التي كفلها الدستور الكويتي.

«من حقي أتعلم»

بدوره، قال مؤسس حملة «من حقي أتعلم» فواز الحسيني، إن الهدف من الحملة إبطال أي قرار يصادر حق الإنسان في التعلم، لافتاً إلى أنه تم توقيع وثيقة من عدد من النواب والمرشحين الحاليين، للتصدي لأي قرارات تخالف هذا التوجه في حال وصولهم لمجلس الأمة.

وأشار الحسيني إلى أن الدراسات العليا، مرحلة مهارات علمية تحتاج الجهد في مجال القراءة ومراجعة الأدبيات وتعلم الكتابة الأكاديمية، وهي دراسة تنحصر في كتابة موضوع بحث علمي، وإجراء خطوات الدراسات العلمية، مؤكداً أنه لا يمكن مساواتها بدراسة البكالوريوس التي تتطلب تواجداً وحضوراً دائماً في الجامعة، لافتاً إلى أن طبيعة الدوام في برامج الدراسات العليا تحدده كليات الدراسات العليا بتلك البلدان، وبقرار صادر من مجلس جامعاتها، وبالتالي فلا يحق لأي شخص بأن يتطفل على هذه القرارات، الصادرة من أساتذة جامعيين ومجلس علمي أكاديمي تحصن قراراته جهات حكومية خاضعة لرقابتها، ويملك اعتماداً أكاديمياً لبرامجه الدراسية.

الفيلي: القرار على الأرجح ... سليم دستورياً وتنظيمياً

فيما يرى بعض المتضررين من الموظفين من قرار وزير التربية، أنه يمكنهم الطعن أمام المحكمة الدستورية بعدم دستوريته، بعذر أن القرار مخالف لمواد الدستور التي تقرر أن الدولة تقوم على تشجيع التحصيل العلمي، كما أن الحصول على الشهادات العليا كالماجستير والدكتوراه لا يلزم الطالب بالحضور اليومي، أوضح الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي، ان المحكمة الدستورية تراقب التشريع، وليس ملاءمته كما يريده الاشخاص، كما أنها تقرر أن التشريع من اختصاص المشرع وفق اللائحة التنظيمية لقراراته، ما لم يثبت لديها مخالفة التشريع للدستور في مسألة محدّدة.

وأشار الفيلي، في تصريح لـ«الراي» إلى ان القرار نظم اعتماد المؤهلات الدراسية التي يحصل عليها الموظفون عن طريق الانتساب، الأمر الذي يخالف ما تذكره الجامعة المصدرة للشهادة، بأن الطالب كان منتظماً لديها بالحضور للدراسة، بينما السجلات الادارية تؤكد حضور الموظف لعمله بشكل منتظم، وبالتالي فإن القرار نظم الدراسة للموظفين، واشترط أن يحصل على تفرغ دراسي أو إجازة من دون راتب، وفق لوائح مجلس الخدمة المدنية بهذا الشأن.

وذكر أن القرار خاص بالموظفين، ولا يشمل المتعلمين من أفراد المجتمع، كما أنه لم يحرم الموظفين من التعليم بقدر ما نظم حصولهم على المؤهل الدراسي بشكل قانوني، تمهيداً لاعتماد الشهادة من التعليم العالي، ولعدم الإخلال بمصلحة العمل الذي يشغله الموظف.

وأوضح أنه يحق لأي متضرر باللجوء الى القاضي الإداري للطعن بالقرار، وللقاضي الحق برفض الدعوى بسند أنها لا تخالف الدستور، أو يقبلها ويحيلها للمحكمة الدستورية، في حال وجد في القرار ما يخالف مواد الدستور، مؤكداً من وجهة نظره، أن «القرار على الأرجح سليم دستورياً وتنظيمياً».

بدر المطيري: طالما الموظف يؤدي عمله لا يحق لـ «الديوان» محاسبته

أعرب المحامي بدر المطيري عن استغرابه من القرار، ورأى أن دور «التعليم العالي» تحديد الجامعات المعترف بها، والتأكد من سلامة البيانات والدرجات الممنوحة للطالب.

وذكر المطيري أن «التعليم العالي» لا يخالف الطالب الذي حصل على الشهادة من دون إجازة دراسية من مكان عمله، لأن ذلك من اختصاص ديوان الخدمة المدنية، لافتاً إلى انه «طالما أن الموظف يؤدي عمله بالشكل المطلوب، وحاضر في مواعيد العمل، فليس من حق الديوان محاسبته».

خالد العنزي: لا يجوز للوزير تكييف قرار تنظيمي من دون نص قانوني... وسأتقدم بالطعن على القرار

المحامي خالد العنزي، أكد أن القرار فيه مخالفة دستورية، إذا كانت الجامعة معتمدة، من قبل الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وجودة التعليم، إذ لا يحق للتعليم العالي الامتناع عن معادلة الشهادة، مبيناً أنه في حال تغيب الموظف عن العمل فهناك جهة إدارية تقوم بمحاسبته، ولا يحق للتعليم العالي التدخل في شؤون الموظف في عمله.

وأضاف العنزي: «لا يحق للوزير أن يصف من ليس لديه أي تفرغ دراسي أن يكون في حكم الانتساب، خاصة أن الشهادة تمنح بنظام الانتظام»، مشيراً إلى أنه «لا يجوز للوزير أن يقوم بتكييف قرار تنظيمي من دون وجود نص قانوني»، مؤكداً أنه سيتقدم بالطعن على هذا القرار المجحف بحق الموظفين.

إيلاف الصالح: غالبية الموظفين لا يمكنهم الاستغناء عن رواتبهم... خلال فترة الدراسة

أكدت المحامية إيلاف الصالح أن نظام الدراسة بالانتساب يجمع للموظف بين ميزتين إحداهما، أداؤه لعمله وواجبه نحو مجتمعه، والأخرى إتاحة الفرصة له في الاستزادة من التعليم، بالحصول على الشهادات العلمية، من دون التزامه بالتواجد داخل الجامعة أو المعهد.

وأشارت الصالح إلى أن الدستور نص صراحة على أن التعليم، ركن أساسي لتقدم المجتمع، تكفله الدولة وترعاه وتشجع على البحث باعتباره حقاً أصيلاً للكويتيين، لافتة إلى أن «غالبية الموظفين لا يمكنهم الاستغناء عن رواتبهم من وظائفهم خلال فترة الدراسة، من خلال أخذ إجازة من دون راتب، وبالتالي نأمل من الوزير إعادة النظر في قراره، ولا يحرم الموظف من الحصول على الدراسات العليا وتطوير نفسه وعمله ومجتمعه».

بشار النصار: دور «التعليم العالي» التأكد من سلامة معلومات الشهادة

أيّد المحامي بشار النصار ما قاله زملاؤه، مبيناً أن دور «التعليم العالي» يمنعه من التدخل في شؤون الموظفين مع جهات عملهم، إذ إن دوره أكاديمي لناحية التأكد من سلامة المعلومات المدونة في الشهادة والجامعة المصدرة لها.

وأكد النصار أن الوزير جانبه الصواب في اتخاذ القرار، لافتاً إلى أن الجهات الحكومية مسؤولة عن حضور وانصراف الموظف وتأديته مهام عمله، وغير ذلك فليس للوزارة التدخل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي