«لكل منا دور أساسي يلعبه في مسرحية فن الديبلوماسية»

أولها سهيدا: الكويتية كسَرَت صورة المرأة النمطية في مجتمعات الشرق الأوسط

أولها سهيدا
تصغير
تكبير

- الديبلوماسية مثل موسيقى الجاز... اختلافات لا نهاية لها في موضوع ما
- إقامتي في الكويت واحدة من أكثر التجارب الاجتماعية والثقافية روعة وإثراء
- نبيلة الملا أول امرأة سفيرة في الخليج وأصبحت نموذجاً مؤثراً للديبلوماسيات

أولها سهيدا، ديبلوماسية أوكرانية شابة وحيوية، تؤيد تصريح الديبلوماسي الأميركي السابق ريتشارد هولبروك، أن الديبلوماسية مثل موسيقى الجاز: اختلافات لا نهاية لها في موضوع ما.

في أول منصب ديبلوماسي لها كسكرتير ثالث لسفارة أوكرانيا في الكويت، تكيفت أولها بسرعة مع المهام الديبلوماسية والتحديات. وفي لقائها مع «الراي» أعطت منظوراً جديداً للديبلوماسية، وهو أن «الديبلوماسية هي المهنية والشغف».

وقالت إن العمل كديبلوماسي هو أول تحدٍ مهني لها ومسؤولية كبيرة، وإن قلة قليلة فقط حالفها الحظ للانضمام إلى السلك الديبلوماسي مباشرة بعد التخرج من الجامعة، لكن معرفتها باللغات والخبرة الدولية السابقة، مكنتها من المشاركة في المسابقة المفتوحة للمنصب الديبلوماسي.

وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:

• كيف بدأتِ العمل في الديبلوماسية؟

- تدور حياتي حول الرحلات الرائعة، بدأت الأولى في طفولتي، عندما بدأت أسافر مع والديّ، فبمجرد اكتشاف أنماط حياة جديدة، والتعرف على أشخاص من خلفيات مختلفة بشكل كبير وتعلم لغاتهم، لا يمكنك ببساطة أن تقتصر على الأبعاد القديمة لعقلك، فالسفر يترك الكثير من العلامات في قلبك وعقلك، وهذا بالضبط ما حدث معي، فقد شكلت التجربة الثقافية متعددة الطبقات التي التقطتها في طفولتي تصوري لهذا العالم الجميل، مما حفز اهتمامي بالعلوم الإنسانية، وخاصة علم اللغة.

انطلقت الرحلة الثانية في كلية فقه اللغة التي قادتني إلى عالم غريب من اللغات العربية والفرنسية، وواصلت رحلتي اللغوية مع برنامج الماجستير، واستكشفت فن الترجمة والتفسير ومنهجية التدريس.

إن العمل كديبلوماسي هو أول تحدٍ مهني لي ومسؤولية كبيرة، فقلة قليلة فقط هي من حالفها الحظ للانضمام إلى السلك الديبلوماسي مباشرة بعد التخرج من الجامعة، لكن معرفتي باللغات والخبرة الدولية السابقة مكنتني من المشاركة في المسابقة المفتوحة للمنصب الديبلوماسي في الكويت.

جذبت الكويت انتباهي، لأنه خلال سنوات دراستي أكملت دورة لغة لغير الناطقين باللغة العربية في جامعة الكويت، وتحولت إقامتي في الكويت لمدة عام تقريباً إلى واحدة من أكثر التجارب الاجتماعية والثقافية روعة وإثراء.

• ما المسؤوليات التي اضطلعت بها كديبلوماسية حتى الآن؟ وماذا عن تجربتك في الكويت؟

- الكويت هي وجهتي الأولى كعضو مقبول حديثاً في عائلة وزارة الخارجية الأوكرانية، وأنا حالياً مسؤولة عن التعاون الثقافي والعلمي والاجتماعي والإعلامي، وأولويتي القصوى في هذا السياق هي بذل جهود بعيدة المدى في الترويج لأوكرانيا، والدفاع عنها من خلال الديبلوماسية العامة والثقافية والرياضية والتعليمية، وتتمثل إحدى المهام المتعددة الأوجه لفريقنا الديبلوماسي، في إقامة ودعم حوار مستمر مع نظرائنا الكويتيين، لإيجاد أرضية مشتركة للتعاون المثمر والمشاريع المشتركة الناجحة، ويلعب كل منا دوراً أساسياً في المسرحية المسماة «فن الديبلوماسية»، ويساهم في بناء إطار فعّال للتواصل، يسعى إلى تعزيز العلاقات بين أوكرانيا والكويت.

وفي هذا الصدد، لا يمكنني المبالغة في التأكيد على مدى تعاون شركائنا الكويتيين، كما أن النساء يشكلن جزءاً مهماً، فالمرأة الكويتية كسرت الصور النمطية حول دور المرأة في مجتمعات الشرق الأوسط، فهي متعلمة جيداً وذكية وحيوية وإبداعية ومجتهدة.

منذ زيارتي الأولى للكويت، فوجئت بمستوى الود والحنان لدى الشعب الكويتي، وبعد أن عملت معهم في مشاريع مشتركة، أدركت كم نحن محظوظون لرؤية القوة الحقيقية للتعاون الفعّال في العمل، وبدأنا معاً مشاريع مهمة، ونحن نشارك نجاح هذه المشاريع مع شركائنا الكويتيين الموثوق بهم، والذين نجدد لهم التأكيد على عميق امتناننا وتقديرنا، وهذه فقط مجرد البداية، ما زلنا متحمسين بشكل لا يصدق للاستمرار في تحقيق أفكارنا وحتى تعزيزها، لأنه سر مكشوف أن الديبلوماسية الثقافية هي قوة ناعمة ذات حيلة يمكن أن تحدث فرقاً حقاً.

• ما التحديات التي واجهتها بصفتك الديبلوماسية؟ وما مدى سهولة أو صعوبة عمل المرأة في الديبلوماسية برأيك؟

- كما قال الديبلوماسي الأميركي ريتشارد هولبروك «الديبلوماسية مثل موسيقى الجاز: اختلافات لا حصر لها في موضوع ما». هكذا هي حياتنا: اختلافات لا نهاية لها ضمن الحدود الزمنية الممنوحة لنا، وفي الواقع الديبلوماسية بالمعنى الواسع للمصطلح، هي ما نفعله كل يوم في التواصل مع عائلاتنا أو أصدقائنا أو زملائنا، وفي نفس الوقت، الديبلوماسية كمهنة هي تحدٍ كبير بحد ذاته. يجب أن يكون الديبلوماسيون على دراية جيدة بالعديد من المهارات: مقاومة الإجهاد، ورد الفعل السريع، والإبداع، والتعلم مدى الحياة، والتفكير التحليلي، وروح الدعابة، والتركيز، والانتباه، والتطبيق المستمر لموضوع التفاوض أو الخطاب، بالإضافة إلى تطوير الذات.

وأعتقد أن الديبلوماسية لا تتعلق بالتحيزات بين الجنسين، إنها تتعلق بالمهنية، فالنجاح في الوصول إلى الهدف لا يتعلق بالجنس، والسؤال هو ما إذا كنت مستعداً لبذل قصارى جهدك لتسلق القمة.

لطالما لعبت النساء في أوكرانيا دوراً فاعلاً في الحياة الاجتماعية والسياسية، ويعد تعزيز المساواة بين الجنسين محركاً للتنمية المستدامة في البلاد، وتمكين المرأة عنصر حاسم في الازدهار العام، ففي أوكرانيا يمكنك رؤية هذا المبدأ قيد التنفيذ. على سبيل المثال، لم تعد وزارة الخارجية الأوكرانية «نادياً ديبلوماسياً للرجال»، 43 في المئة من موظفيها من النساء، بما في ذلك العديد من السفيرات.

كما أثبتت الكويتية قدرتها في المناصب الرئيسية ومناصب صنع القرار، فأول امرأة في الخليج العربي يتم تعيينها كسفيرة هي السيدة نبيلة الملا، وهي كويتية، وقد دخلت التاريخ لتصبح نموذجاً مؤثراً للديبلوماسيات الكويتيات الأخريات.

• ما أكثر شيء ممتع عندما يكون المرء ديبلوماسياً؟

- أتفق تماماً مع الرأي القائل بأن الديبلوماسي، هو شخص يجب أن يمتلك المعرفة الكافية حول مجموعة قصوى من القضايا، الديبلوماسي الجيد هو الذي يكون إلى حد ما لغوياً، ومؤرخاً، وخطيباً، وصحافياً، ومترجماً وطبيباً نفسياً، ويفضل أن يكون لديه بعض المعرفة بالفنون، وهذا هو أكثر ما أحبه في هذه المهنة، فلا حدود للتطور الذاتي والنمو الفكري.

أعتقد أيضاً أن الديبلوماسية هي فرصة عظيمة لتنمية المواهب الإبداعية، لأن المهام تكون دائماً متعددة التخصصات وتعتمد فقط على مهاراتك وإبداعك في كيفية الوصول إلى الهدف. غالباً ما أبحث عن خوارزميات جديدة للعمل، لكل حالة فريدة، وهذا يشجعني كثيراً.



لست عداءة في السباق الوظيفي

عن رؤيتها لنفسها في السنوات المقبلة في حياتها المهنية، قالت أولها: «أنا لا أعتبر نفسي عداءة في السباق الوظيفي، فأنا مهتمة أكثر بالمخرجات العملية والرضا الأخلاقي في مهنتي، وعلاوة على ذلك، أظهرت لي الخطوات الأولى في مسيرتي المهنية بوضوح أنه لا يزال هناك الكثير من الاتجاهات لاستكشافها».



غروب الشمس رائع في الكويت

قالت أولها سهيدا إنها تحب التزلج على الجليد وتحرص على الركض، خاصة بالقرب من البحر، فالبحر وغروب الشمس الرائع في الكويت سبب آخر لتعلقي بالكويت.

وزادت أن السفر من هواياتها المفضلة التي تجلب لها الفرح والسرور، وأنها تشعر بالسعادة عندما تستكشف أساليب حياة ومأكولات جديدة، وربما تصبح كتابة أطروحة الدكتوراه هوايتها قريباً لأنني أقوم بالفعل بإجراء بحث تمهيدي.



تكوين أسرة وتغيير البلد كل 4 سنوات

رأت أولها أن من الخطأ إهمال الصعوبات التي قد يواجهها الديبلوماسيون المتزوجون (الرجال والنساء على حد سواء). وقالت: «لأكون صادقة، من الصعب جداً تكوين أسرة عندما تقوم بتغيير البلدان كل 4 سنوات، ولكن إذا كنت محظوظاً بالزواج، فهل سيوافق شريكك على المشاركة في مشهد تنقلاتك؟وبالتالي، أشعر أن التحديات التي يواجهها الديبلوماسيون، لا تتعلق بجنسهم وعمرهم وشخصيتهم وما إلى ذلك، فهذه المهنة توفر ظروفاً قاسية على قدم المساواة للرجال والنساء. بعبارة أخرى، لا مكسب يأتي من دون ألم».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي